أزمة رَجَالة ..!
التحليل الاقتصادي هو المدخل الأكثر دقة لتحليل أسباب ارتفاع معدلات الجرائم، والذي لم ولن يورده التقرير ـــ بطبيعة الحال ـــ هو أن الجنس اللطيف في السودان ماعاد لطيفاً، ليس تمرداً منه على مقتضيات ذلك اللطف التاريخي ــــ لا سمح لله ــــ بل لأن الجنس الخشن نفسه ماعاد يريده لطيفاً .. أي ولله! .. ولئن سألتم عن مكتسبات دعاوى المساواة الاجتماعية المطلقة بين المرأة والرجل في مجتمعنا فأنتم تسألون عن أشياء إن تبدى لكم تسؤكم ..!
ماذا بقى للمرأة السودانية العاملة ـــ المارقة لموبقات ومهالك العمل العام ـــ من إرث الأنثى اللطيفة يا ترى ؟! .. وكم يتبقى لها من مخزون الأنوثة ـــ آخر كل سنة مالية جديدة ـــ في ظل ذلك التراجع التراجيدي والمريع لدور الرجل (الرجل) في محيطها الاقتصادي قبل الاجتماعي ..؟!
عذراً لصراحة التعبير ولكن ازدياد معدلات معظم جرائم المرأة في مجتمعنا ـــ في تقديري ـــ هي المعادل الموضوعي لأزمات الرَّجالة الطاحنة التي حاقت بعروش الجنس السوداني اللطيف! .. والتي قوضت بادئ ذي بدء سقف الزوجة (المستتة)، وأقلقت خدور ربات البيوت القابعات بانتظار رجل البيت الذي يدخل حاملاً كيس خضاره، ثم شاهراً صوت قوامته ..!
ليس هذا بكاء على لبن الخدور المسكوب وليس تباكياً من مآلات الندية الفكرية والمساواة المهنية التي ظللنا ننادي بها كثيراً وطويلاً والتي أوقفنا على تحققها ـــ ولم نزل ـــ صلاح حال هذا المجتمع .. ولكنها تأملات جندرية جادة في صور و وجوه أزمة الرجالة التي شاعت وتفشت وضربت بأطنابها في عقر دار الأسرة السودانية الحديثة ..!
إحلال وإبدال تاريخي خطير حدث في لعبة الكراسي داخل الأسرة السودانية، واضطر المرأة زوجة كانت أو أختاً أو ابنة للعب دور شاق مزدوج .. كل ربة أسرة عاملة في بلادنا اليوم هي مشروع قنبلة عصبية قابلة للانفجار كلما استوى الماء والحجر .. فالعبء الملقى على كاهل المرأة العاملة في هذا المجتمع لا ولم يستصحب ضرورة شطب بعض المهام التقليدية من قائمة الواجبات ..!
فأصبحت كل امرأة عاملة مقبلة على الزواج مشروع قنبلة موقوتة.. ومن يظن بي المبالغة فدونه نذر الخراب الأخلاقي الذي حاق بمؤسسة الزواج في السودان، ودونه صور الاستهبال في سلوك معظم الأزواج/الرجال ..!
الكاتبة : منى أبوزيد
صحيفة الرأي العام