الرسوم والجرب
:: ولاية غرب دارفور، كانت منسية، فصارت سيدة الولايات في أخبار صحف هذا الأسبوع.. وكالعهد بها، وبيغيرها، أخبارها المزعجة تعكس حال الأهل هناك..على سبيل المثال، كما جاء بالخرطوم، لم تبتكر عبقرية حكومة غرب دارفور من الموارد غير فرض الرسوم على كل أنواع السلع، وكذلك غير السلع..الاطارات المستعملة، سروج الحمير، سروج الجمال، الملابس المستعملة، المطار وأشياء أخرى يستخدمها الفقراء والمساكين ليبقوا على قيد الحياة، تم فرض الرسوم عليها بأمر حيدر قالو كوما ، والي غرب دارفور..سبحان الله، لك أن تتخيل رسوماً على ملابس مستعملة يلجأ اليها يتامى الحرب وأراملها – ليستروا أجسادهم – بعد أن عز عليهم شراء الملابس الجديدة، وكأن واليهم يريدهم أن يعيشوا (عراة)..!!
:: وهناك عقوبات رادعة بأمر الوالي حسب المرسوم، غرامة مقدارها خمسمائة جنيهاً أوسجناً فترته ثلاثة أشهر، لمن لايدفع رسوماً على الملابس القديمة وتلك الأشياء..وبالتأكيد السجن خيار مرتقب للسواد الأعظم من الذين يستهدفهم مرسوم الوالي، فالذي يملك قيمة الغرامة لا يقصد سوق الملابس القديمة ليستر( حالو).. وبالمناسبة، والي غرب دارفور من ثوار حزب التحرير والعدالة الذين جاءت بهم اتفاقية الدوحة للسلام، وها هو ينجح في توزيع رسومه وفرضها بعدالة لاتسثني حتى الفقراء والمساكين واليتامي والأرامل، وقد ينجح الوالي الثوري كذلك في تحرير بؤساء الحرب والنزوح من ملابسهم القديمة وتجريدهم منها بعد عجزهم عن دفع رسومها، أو ربما هذا هو المعنى ب ( التحرير والعدالة ) ..!!
:: ليست الملابس المستعملة وتلك الأشياء فقط، بل حتى ( الطلح)، المستخدم في طرد الناموس وجذب الرجال، لم يسلم من رسوم والي غرب دارفور..لقد إنتقى بدقة كل إحتياجات العامة، بما فيها الطلح، وفرض عليها الرسوم بمرسوم أسماه بالمؤقت، ( مؤقت) ربما لحين إستخراج واستغلال بترول الشمال أو لجلب قرض قطري..وبالمناسبة، كما تم فرض الرسوم على الطلح، نقترح لحكومة غرب دارفور فرض ضريبة إنتاج على العرسان والعرائس يوم زفافهم، وهكذا تحقق الولاية الربط المقدر من ميزانية مرتبات ونثريات وحوافز سادة الحكومة وأحزابها وحركاتها.. نعم، لاترهقوا عقولكم بالتفكير والتخطيط في كيفية بذل الجهد في الزرع والضرع والتصنيع بحيث يكون مورداً لخزينة الحكومة، بل يجب سد كل منافذ الحياة وأنفاس الناس بالرسوم، بحيث لايرتدي المرء من الملابس حتى القديمة الا بعد دفع (رسوم القمامة)، وكذلك لايهنأ في غرفة نومه مع زوجته الا بعد سداد (رسوم الطلح) ..!!
:: والمهم..والمحزن للغاية، أن احدى محليات تلك الولاية تكاد تكون موبوءة بداء (الجرب)..نعم جرب في الألفية الثالثة، ولا تندهش.. فالبلاد لم تفارق محطة ما تسميها منظمة الصحة العالمية بأمراض الفقراء، وهي التي من شاكلة الجرب والملاريا والسل والكوليرا وغيرها..واليوم بمحلية الكرينك، بغرب دارفور التي واليها يفرض رسومه على ملابس الفقراء وإحتياجاتهم، أكثر من (ثلاثة الاف حالة جرب)، وتم اغلاق المدارس..والجرب من الأمراض المعدية، ولذلك حيت تظهر حالة بأحد أفراد الاسرة يجب تطعيم كل أفراد الأسرة بذات الدواء، وهذا ما لم يحدث بمحلية الكرينك الى يومنا هذا رغم ظهور الداء في تلك الألاف مطلع الأسبوع الفائت..تطعيم الأهل ضد الجرب لايشغل بال الوالي ولا يؤرق أذهان أعضاء حكومته، فالمهم عندهم هو فرض الرسوم على المصابين بالجرب ثم تحصيلها ولو بالسجن والغرامة..لهم الله، ثم الصبر على ( الرسوم والجرب)..!!
[/JUSTIFY]
الطاهر ساتي
إليكم – صحيفة السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]