رأي ومقالات

الصادق الرزيقي : القوة الناعمة وسوداتل

[JUSTIFY]كثيراً ما نادى العالمون ببواطن الأمور في العلاقات الدولية، إلى أن تولي الحكومة اهتماماً أكبر في سياستنا الخارجية مع محيطنا القاري في إفريقيا وفضائنا العربي، بما يسمى القوة الناعمة، وهي تعويض عن القوة العسكرية والاقتصادية الكبيرة التي تحكم العلاقات الدولية وتصنع النفوذ.

< وثمة قوة ناعمة لدى السودان ظلت حاضرة في كل تاريخه الحديث، يؤثر بها في مجالاته الحيوية بالقارة الإفريقية وفي البلدان العربية وبقية دول العالم، وكانت لطبيعة الشخصية السودانية والمعطى الثقافي والعادات والتقاليد والفن والموسيقي والتعليم والرياضة وحركة التجارة والرعي، دور بارز في رسم صورة السودان إفريقياً وعربياً، وكانت مدخلاً مهماً للسياسة والدبلوماسية، ونجحت في نسج علاقات وطيدة مع بلدان صديقة وشقيقة ومازالت باقية كالوشم على ظاهر اليد.< ومع تطور الحياة باتت القوة الناعمة اليوم أكثر استدعاءً في السياسة الخارجية لأية دولة، وظهرت أدوات جديدة تلعب أدواراً مهمة ورئيسة تتوازى في سيرها مع غيرها من الوسائل لضمان علاقات متينة وصلات أقوى بين الحكومات والأنظمة والدول.< إذا كان الغناء والفن والثقافة وعاءً حمل السودان بكل ما فيه إلى خارج حدوده وصنع نفوذاً لدى مجتمعات غرب وشرق إفريقيا، فإننا اليوم نشهد تطوراً من نوع آخر في علاقاتنا الإفريقية خاصة مع دول غرب إفريقيا بنجاح ووصول استثمارتنا إلى هذه المناطق وأضافت بعداً لا بد من التمعن فيه بعمق.< ولنضرب مثلاً بمجموعة الشركة السودانية للاتصالات «سوداتل» التي استطاعت في زمن وجيز للغاية منذ انطلاق استثماراتها في مجال الاتصالات في بعض دول غرب إفريقيا، أن تفتح نوافذ وأبواباً في هذه الدول، وحفرت على الصخر اسم السودان وأهميته في هذه البلدان، وتكاملت مع الراسخ التاريخي القديم.< وبحكم تجربة سابقة في زيادة استثمارات الشركة خارج البلاد في السنغال وموريتانيا، تلاحظ حجم المكانة والنفوذ الكبير لسوداتل في هذين البلدين وفي غينيا كوناكري وغانا، واهتمام القيادات السياسية ورجال والمال والأعمال في غرب إفريقيا وخاصة رؤساء الدول، بهذا الاستثمار الناجح في أهم قطاع من قطاعات الخدمات والتنمية، خاصة أن النظرة إلى الشركة تضعها كواحدة من أيقونات النجاح الإفريقية، وقد تلمسنا مدى اهتمام الرؤساء في السنغال وغينيا كوناكري وغانا والسنغال بهذه الشركة، ففي السنغال قبل عدة أشهر استقبل الرئيس السنغالي وفد سواتل بعد ثلاث ساعات فقط من وصوله إلى دكار.. واهتمت الأوساط الاقتصادية والسياسية وقطاع التجارة والأعمال بهذه الشركة واستثماراتها خاصة بعد النجاح الذي تحقق بالتحسن في أرباحها وتقليل خسائرها مقارنة بالسنوات الماضية، واعتماد مكتب دبي ليكون رئاسة لإكسبريسو السنغال وكاسابا غينيا كوناكري. كما أنها تميزت دون غيرها بتقديم وإدخال كل التقنيات الحديثة في هذه الأقطار القصية.< فإذا كانت سوداتل التي تقترب من موعد اجتماعات جمعيتها العمومية، فإن المطلوب منها كواحدة من أذرع القوة الناعمة، أن تمضي في اتجاهات تعزيز وجودها القاري، خاصة أن هناك طفرة في الأرباح، ففي الربع الأول من هذا العام حققت ربحاً تجاوز أكثر من عشرة ملايين دولار، وارتفع سعر سهمها في أسواق دبي وأبو ظبي والخرطوم المالية، وحدثت تحولات إيجابية في هيكلها الوظيفي، وتنوعت مصادر إيراداتها وزادت بالاعتماد على كل التطبيقات لخدمة المجتمع خاصة في مجال نقل البيانات بإنشاء أكبر مركز للبيانات والمعلومات في إفريقيا لحفظ بيانات الشركات والبنوك والمؤسسات الضخمة بأعلى درجات السرية والخصوصية، كما أنها باتت تراجع مراجعة دقيقة وشفافة عبر مراجعين محليين ومن الخارج، ووضعت جراحات عميقة لإصلاح شامل بمثابة ثورة حقيقية فيها يقودها المهندس الشاب طارق حمزة زين العابدين وبقية زملائه في الشركة من الإداريين والفنيين وبقية العاملين بهذه المؤسسة الوطنية التي يجب أن نفخر بها.< مثل هذه الشركات الكبرى تمثل أهم مصادر القوة الناعمة التي تتيح للسودان التمدد إفريقياً وعربياً، فمحور الاهتمام بدأ يتزايد بسوداتل وصارت مثل التاريخ الناصع، ويتحدث الناس هناك عن بركتها، ويقارنون ويضاهونها بطريق الحج القديم وسودانير في عهدها الزاهر ومدارس الفقه والعلم السابقة التي كانت تضيء من بلادنا إلى مغارب القارة. فهذه الشركة شركة وطنية أصيلة ملك للشعب السوداني ولسيت مملوكة لأشخاص ولا سياسيين، ولهذا فهي ملمح مهم من ملامح صناعة الوجود السوداني المؤثر في الخارج.< فمن واجب الدولة البحث عن مفاتيح جديدة لمغاليق الأبواب، ودون الناس هذه التجربة، وقد زاد الاهتمام الإعلامي والصحفي بما تقوم به عوامل النجاح الجديد، وبات بالإمكان أن نضيف الكثير في امتدادات صورتنا لما وراء الحدود.صحيفة الإنتباهة ع.ش[/SIZE][/JUSTIFY]undefined

تعليق واحد