رأي ومقالات

خالد حسن كسلا : سيرة «أبرار» على لسان الوزير الأمريكي

[JUSTIFY]تراخت واشنطن عن إنقاذ النساء والأطفال والشيوخ في المدن والقرى السورية، التي تشهد صباح مساء أمطار الرصاص على رؤوسهم.. وتراجع وزير الخارجية الامريكي جون كيري عن التصريحات التي كان يطلقها باتجاه الضغط على أجرم حكومة في التاريخ يقودها الاقلية الشيعية في دمشق بمساندة ايرانية علنية، وانتقل الوزير كيري إلى الاهتمام بقضية المرتدة أبرار التي يظن انها طبيبة حسب ما تنشر خطأ بعض الصحف السودانية وهي ليست طبيبة اصلاً، وحتى بعد ان قيل بانها درست مختبرات طبية بجامعة السودان نفت هذه الجامعة هذه المعلومة، وقالت انها ليست في كشوفاتها.

قد تكون ادعت ذلك لكن ليست هذه هي الحقيقة. وجون كيري بالطبع لا تهمه معرفة الحقيقة بقدر ما يهمه ان لا تنفذ عقوبة الاعدام حتى على القاتل. وكانت والدة الدبلوماسي الامريكي القتيل قرانفيل حينما عرضوا عليها ان تتنازل عن اعدام المتهمين بقتل ابنها قالت إن السودان فيه عقوبة إعدام ولولا ذلك لما طالبت بإعدامهم. الآن يا جون كيري السودان فيه عقوبة اعدام، فما رأيك؟!

وكيري في سياق مطالبته بالغاء القوانين التي اعتبرها متعارضة مع دستور السودان الانتقالي لسنة 2005م يشير ضمناً إلى الاعتراف بهذا الدستور، وهذا يعني انه مُلزم بأن يقر بأن ما يقوم به المتمردون هو خروج على هذا الدستور، وانه ينبغي صدهم بكل ما تملك الدولة من قوات جيش وشرطة وأمن «الدعم السريع». لكن واشنطن تتعامل بازدواجية المعايير.

تصر على اعدام قتلة قرانفيل من خلال والدته، وتحث الحكومة السودانية على مراعاة الدستور الانتقالي من اجل الغاء الحكم القضائي بالاعدام على المرتدة أبرار.. مع ان هذا الحكم لم يكن نهائياً، وهو يمر بدرجات تقاضي أعلى. فقد تدخلت واشنطن في قضية الفتاة المرتدة أو «المدام المرتدة» قبل الفراغ من الاستئنافات الثلاثة في محكمة الاستئناف والمحكمة العليا والمحكمة الدستورية. وواشنطن حتى الآن لم تتدخل في سوريا لانقاذ آلاف النساء والاطفال من حمامات الدم الطائفية الشيعية هناك التي تقودها وتشرف عليها حكومة الأسد بالتعاون مع ايران وحزب الله اللبناني.

هل لأن أبرار ارتدت عن الاسلام، وان السوريين مسلمون لم يرتدوا؟! طبعاً لو ارتد هناك ضحايا الاسد عن الاسلام فان واشنطن ستترك كل ما هو امامها، وتذهب لاحتلال سوريا بحجة انقاذ عشرة ملايين «مريم». وأبرار تغير اسمها إلى مريم ليس غريباً ان تتخلى عن اسم «أبرار» فهو لم يعد يليق بها كمرتدة، لأنه مأخوذ من القرآن الكريم:«إن الأبرار لفي نعيم ون الفجار لفي جحيم».

لكن الغريب ان تسمي نفسها «مريم» وهذا الاسم لا علاقة له بعقيدة الصليب إطلاقاً، ثم إن أكثر من يحملنه في العالم هن المسلمات وليس الصليبيات حتى ولو كان بلفظ «ميري» اللفظ الانجليزي. وربما يكون في عائلة المرتدة من تحمل اسم «مريم». لكن يبدو أن التسمية جاءت لغرض «الدهنسة» والملق.

جون كيري وزير الخارجية الامريكي هل يدري ان من اشتكى الفتاة المرتدة هي أسرتها؟! انها اسرتها، ولو أن ابنة جون كيري نفسه اسلمت في لحظة وعي، ترى ماذا سيكون رد فعله؟! الآن طائفة الارثوذكس الشرقية في مصر أو السودان اذا دخلت منها فتاة الاسلام، لإلتماسها على الاقل ان الاسلام يحترم المرأة ويراعي حقوقها أكثر من غيره ويمنحها حرية التقاضي في المحاكم لاسترداد حقوقها من زوجها وعائلتها، فإن الدنيا تقوم ولا تقعد، واخيراً يُنصب صيوان العزاء تدشيناً لمقاطعتها.

وهناك تفاصيل دقيقة يجهلها كيري ولا سبيل إلى ذكرها هنا. لكن اذا اتيحت لنا فرصة الجلوس مع الوزير الامريكي يمكن ان نفهمه خطورة الردة عن الاسلام بدون سبب متعلق بالناحية الدينية. أما الشيعة فهم لا يهتمون بالمرتد من اهل السنة الذين يمثلون اكثر من «99%» من المسلمين. لكن اذا ترك شيعي طائفته وأصبح من الـ«99%» السنة مصيره القتل مثل كثيرين.

صحيفة الانتباهة
ت.إ[/JUSTIFY]