والأمثلة كثيرة إن نحن أردنا أن نعدها فلن نحصيها، ولكن نشير الى تجارب الدول التي تقيم علاقات مع اسرائيل، فمصر اصابها ما اصابها جراء كامب ديفيد وما تعيش فيه مصر الآن هو نتاج طبيعي لعلاقاتها مع اسرائيل، اما اريتريا فحالها يغني عن التفصيل، وكذلك الحال بالنسبة لإثيوبيا ويوغندا وكينيا وجنوب السودان، وهذه الاخيرة هي مثال حي وقائم لخيبة الأمل في خير اسرائيلي، فقد كانت الحركة الشعبية تعتقد انه بمجرد قدوم السفير الاسرائيلي الى جوبا فإن كل مشكلات الدولة الجديدة ستحل وتتحول الدولة الوليدة الى جنة وارفة الظلال لا تحتاج حتى الى عائدات تصدير نفطها عبر السودان او غير السودان، ولكن في خلال عامين فقط افاقت جوبا من حلمها هذا على واقع شديد البؤس، وسارعت على اثر ذلك الى الطلب الي السودان عدم إغلاق انبوب النفط، وأبدت حرصها الشديد على الاستمرار في تصدير نفطها عبر اراضيه ومنشآته من اجل انقاذ اقتصادها المنهار بفعل حماقات ارتكبتها في حق السودان بتحريض من إسرائيل، ولم تنعم الدولة الوليدة بالاستقرار الذي حلمت به، فسرعان ما اشتعلت الحرب بين أصدقاء الأمس أعداء اليوم بفعل من تل آبيب. خطورة الترويج لهذه الاكذوبة عندنا في السودان تكمن في أنها وبفعل التكرار والترديد يمكن ان تصبح يوماً ما وتحت وطأة اليأس وغياب الرشد السياسي خياراً قد يتم اللجوء اليه كما فعلت الدول التي طبعت علاقاتها مع تل أبيب. إن الحقيقة التي تؤكدها التجارب الحالية والسابقة، هي أن لا فائدة البتة تعود على من يقيم علاقات مع إسرائيل خاصة في عالمنا الإفريقي والعربي، فنحن في نظر الصهيونية العالمية اعداء دائمون، وتجارب اسرائيل في علاقاتها مع الدول الافريقية والعربية لم تخرج عن امور ثلاثة هي: الأول تمكين جهاز المخابرات الاسرائيلي «الموساد» من إقامة مراكز ومحطات للاتصال وجمع المعلومات «التجسس» وتنفيذ عمليات استخباراتية قذرة، الثاني هو ابقاء دولة التمثيل ضمن مناطق النفوذ الامريكي وتأمين خضوع مواردها وثرواتها لصالح الرأسمالية الغربية التي تهيمن عليها الأذرع الاقتصادية العالمية المرتبطة بالصهيونية العالمية. والثالث تغذية التناقضات الداخلية القائمة والابقاء على حالة التخلف الاقتصادي والاجتماعي والانقسامات الاثنية والثقافية وكل عوامل الضعف وتوظيفها كلها لصالح اسرائيل. ولن يكون السودان بأي حال من الاحوال استثناءً من هذا النهج الإسرائيلي، فلا خير يمكن أن يأتينا قط من إسرائيل حتى إن اعترفنا بها وبالقدس عاصمة أبدية لها، فاليهود هم اليهود.
صحيفة الانتباهة
ع.ش