ناهد بشير الطيب: الغناء الراسب!!

حال الاغنية السودانية لا يسر، ومناخها اليوم: (بارد، هابط، شعراً. جاف، ساقط، لحناً. سايط، جايط، أداءاً). الأكثرية والأغلبية من مطربي زمنا هذا. لا يخرجون عن التالي:
(1) مطربون يمارسون فن الغناء بإبداعٍ متواصل، وبفهمٍ وثقافة عالية، ومدركين لكيفية الالتحام الجماهيري معهم، وإنّه لا يتم إلا إذا قدّموا أعمالاً تليق بجمهورهم، من حيث جودة النص، واللحن والأداء.
فالوعى الجماهيري قد تقدّم، ومدّه في ازدياد مضطرد.
وكأمثلةٍ، لا حصراً، لمن التزموا بالعملية الفنية الصادقة. ترد الى الأذهان أسماء مثل:
محمد الأمين، أبوعركي البخيت، عبد الكريم الكابلي، عبد القادر سالم، صلاح بن البادية، حمد الريح، صلاح مصطفى، محمد ميرغني، سيف الجامعة، وآخرين.
(2) مستطربين ومستطربات. عجزوا عن الحصول على فرصة عمل. فنصحهم ناصح بمعاقرة الغناء، وهم لا يملكون من مقوّماته شيئاً سوى: (الخشم البفتح ويقفل).
وهكذا تشكّل الواقع اﻵن. وبلغت كفايتنا الانتاجية من أوجاع القلب والسمع مرحلة «مطرب لكل مواطن»، ليتهم كانوا رغيفة لكل مواطن. لا إزعاجاً لكل المواطنين.
يظنون أنّ الغناء هو منشط مظهري السمات، ملبساً وتسكعاً. وأن الحوارات والصور، والفيديو كليبات الكرتونية ستصنع من مسخهم المشوّه شيئاً ذي قيمة. أو من فسيخ هُبوطهم شربات.
مستطربين ومستطربات لا ندرى كم عددهم. لكننا ندرى بعدد مصائبهم الغنائية، التى حلت علينا. وهل يُعقل بعد أنْ استمعنا لنُصوص كلمات زاهيات القمم. عندما يقول صلاح أحمد إبراهيم في الطير المهاجر:
(بالله ياطير/ قبل ما تشرب تمر/ على بيت صغير/ من بابو/ من شباكو/ يلمع ألف نور). أو الحلنقي: (يسبقنا الشوق قبل العينين). أو الدوش: (بتطلعى إنتي من صوت طفلة/ وسط اللمة منسيّة). أو، أو، بازرعة، أبو آمنة حامد، إسماعيل حسن. وغيرهم ممن أكسبوا النص الغنائى رونقه وتحليقة وعمقه. أبعد ذلك الإرث الغني، نستمع الى الغناء الغثاء!!
هل يُعقل أنْ يردد أحد المستطربين:
أنا أحسن منك/ هُوووى يا العاملة تقيلة. أو حرامى القلوب تلّب.
أو مستطربة تشق حنكها وتُغني:
(حوّل لي رصيدك
وخت ميتين ونجمه
رحمة عليّا رحمة). قرّبت تقول ليهو أضغط نجمة.
أهو دا بُرجنا وحظّنا فى زمن غناء الاسكراتش!! ويُضاف على سوء نصوصهم وألحانهم. إنّهم يُغنون بلا زمن، أو ضبط تون. ويحدثون ضجيجاً وجلبة. يعتمدون على الاورغ الذي يعزف كيفما اتفق دون توظيف صحيح لهذه الآلة. ويملأون الفراغات اللحنية بالواواات!!
فأحدهم اخترع نوعاً من الأداء الصوتي الواوي.
يرددون أغاني الغير. دون التفاتة الى الملكية الفكرية، وحق الاداء العلني. وفوق ذلك يملأون الأغنية المرددة بالأخطاء. أحدهم لعلع بأغنية -فقال لا فض فوه-
[غصن الرياض المايل]. والصحيح طبعاً غصن الرياض المايد.
وآخر تغنى بأغنية خليل فرح.
ماهو عارف قدمو المفارق. فقال: من عليل أب روف بدلاً من علايل أب روف!!!
مشكلة الكثيرين منهم انهم غير راغبين فى تثقيف أنفسهم بثقافة موسيقية أو عامة. لا (نفس لهم) فى الغناء للوطن. رغم أن الواقع قد حتم ان هذا الوطن ليس يابسة وماء فى منظور جغرافى بحت الوطن هو انسان يتدفق عشقا وعطاء. وليس من بينهم من يختار النصوص الشعرية لشعراء كبار ومبدعين يكتبون نصوصا شاهقة المعنى. وليس بينهم من يدق أبواب ملحنين كثر تذخر بهم بلادنا. هم يتخيرون أقصر الطرق للشهرة عبر التيك أوي الغنائي. نحو امتلاك الفارهة. والنيولوك والجل وآخر خطوط موضة البدل والقمصان.
*تغنى إحداهن:
عملت ليك بلوك/ يا ناسى يا كضاب/ حالفة اليمين تانى/ ما اجيك فى الواتساب).
وتختتم بـ (صفقة صفقة/ سمح البروفايل/ يلللا لايك/ جيبو فايل/ صفقة تانغو/ قلبى شايل).

ناهد بشير الطيب: حكايات

Exit mobile version