د. ناهد قرناص: بعض القلق وكثير من الاستياء في نفسي خاصة عند المرور بصالة الوصول والقدوم بمطار الخرطوم
ناهد قرناص
كانت والدتي رحمها الله كلما اتت سيرة السفر تقول بعربية فصيحة (السفر قطعة من النار)—فتراني كلما حزمت حقيبتي للسفر اتذكر هذه العبارة وابتسم فرغم كل ما جد ويتجدد في المطارات والقطارات والسفن يظل للسفر حاجزا يبعث بعض القلق وكثير من الاستياء في نفسي خاصة عند المرور بصالة الوصول والقدوم بمطار الخرطوم—لا— لست من الذين يدخلون في دوامة المقارنة مع بقية مطارات العالمفالنتيجة خاسرة مائة بالمائةولكن استيائي ياتي من حاجات تانية حاميانيكان الصف طويلا في اجراءات الجوازات عند عودتي ففي ذات الصف يختلط الحابل بالنابل والمواطن بالاجنبي أتأمل في لافتات الصفوفلافتة لحملة الجواز الدبلوماسيالثانية للسواح العرب—الثالثة مكتوب عليها الجوازات لا يوجد لافتة مكتوب عليها السودانيون فقلت في نفسي (ترى متى اتميز وأتخلص من صفوف الجنسيات الاخرى التي أقف فيها كلما اعتراني هاجس السفر) تذكرت انني دخلت في نقاش مع ضابط الجوازات في صالة المغادرة وكان ياخذ وقتا طويلا مع مجموعة من الصينين يبدو ان هناك مشكلة تخص جوازاتهم وكانوا جميعا لايتحدثون الانجليزية الا بصعوبة فيحاول الضابط بالاشارة تارة وبالانجليزي تارة اخرى وفي النهاية تم تحويلهم لمكتب كبير الجوازات بعد ضياع وقت ليس بالقليل عندما وصلت لأخذ التأشيرة بادرته بالحديث (يا سعادتك —ليه مافي صف للمواطنين منفصل عن صف الاجانب زي بقية دول العالم؟)—قال لي بصلف واضح (نحن ما عندنا تفرقة عنصرية هنا)—أخذتني الدهشة (ايش جاب سيرة العنصرية ؟)—في كل مطارات اوربا مثلا هناك صف لدول الاتحاد الاوربي —ومن ثم صف لجميع الجنسيات الأخرى (اللي هم نحن طبعا)في دول الخليج يوجد صف لدول مجلس التعاونصف للمقيمينومن ثم صف الجنسيات الاخرى (يانا ذاتنا)—ليس في هذا تفرقة عنصرية فهذا تسهيل للاجراءات المواطن اجراءته تختلف عن المقيم وعن السائح الذي يزور بلادك لاول مرةوبمناسبة السياحة كم هو عدد السائحون العرب الذين ياتون الى السودان حتى تخصص لهم لافتة في مطار لا يوجد فيه لافتة لابناء البلد؟—في خضم هذا الزحف يرتفع صوت المذيعة باذاعة المطار (السادة القادمون من دولة الامارات نرحب بكم في مطار الخرطوم وندعوكم لاستلام حقائبكم من السير رقم (سلاسة)) اي والله نطقتها هكذا سلاسة قالت لي هند ابنتي وهي تغالب الضحك (اريتها لو قالت تلاتة بالدارجي)—اين يتعلم هؤلاء نطق الحروف؟ والشئ المضحك ان هؤلاء هم جيل التعريبيكتب احدهم بكل ثقة ( اللهم أنزل قضبك على الكافرين)واخر يكتب (تنزل الامطار بقذارة)—وهاهي الثلاثة صارت سلاسة—وياقلبي لاتحزن—لاأعلم من هو المسؤول عن توزيع البشر عبر بوابات الجوازات ولا الى من أرفع مظلمتي باني تعبت من صفوف الجنسيات الاخرى حتى في بلديولكني ساوقد شمعة في الظلام وأتبرع باقامة دورة تدريبية للنطق والكتابة لمذيعي الاذاعة الداخلية للمطار—-قصرت معاكم؟ —ونسيت أقول ليكم (مش عملوا نقطة حجر صحي في المطار!!!) —ولكن على حد قول الاديب الراحل احسان عبد القدوس (تلك هي قصة اخرى)—-وعلى انغام اغنية (راجع ليك من تاني عشان هدتني احزاني )—