طالعت قبل فترة على صفحة الحوادث بصحيفة حكايات خبر طريف رغم دمويته، ويحكي الخبر عن تسبب فتاة من شرق افريقيا في اندلاع معركة دامية بين شابين من بني جلدتها، بعد ان اجتهد الاثنان في استمالة قلبها حالة كونها (بتكسب كويس) نتيجة عملها في خدمة اسرة ثرية وانجلت المعركة بعد أن سدد أحدهما لغريمه عدة طعنات كادت تؤدي بحياته، فسيق الى مركز الشرطة (حبيسا)، والأخر الى حوادث المستشفى (جريحا) .. !!
طرافة الخبر تأتي من منطلق أنه يمكن أن نعتبر الحادثة مؤشر لما آلت إليه الأمور في سوق الزواج، من شدة التنافس بين الشباب على ذوات القريشات من العروسات، وكيف انه لم يعد من داع لكسوف طالبي الزواج عند البحث بالمكشوف عن عروسة تمتلك الألوف، بل زاد التنافس عليهن حتى تيقن البعض من أنه لن يحظى بـ (محفظة) العروس حتى يريق على جوانبها الدم .. آخر الزمن ذوات الفلوس بقن يفدن بالنفوس !!
عندما خلق الله سبحانه وتعالى أمنا حواء من ضلع سيدنا ادم، أسكنهما الجنة كي يعيشا فيها في هناء ودون تكلفة عناء البحث عن لقمة العيش وتغطية حوائج النفس للطمأنينة والأمان والسترة، واستمرار تلك العيشة الهنية المرتاحة في نعيم الجنة بعيدا عن العنت والمشقة، كان مشروطا بعدم الاقتراب من الشجرة، وتحذير من الله سبحانه وتعالى لهما من أن يوسوس لهم الشيطان (هما الاثنين)، ليخرجهما (هما الاثنين) من نعيم الجنة الى عذاب العيشة في الارض لـ (يشقى) ادم وحده دون حواء، في سبيل تأمين حاجيات كانوا يحصلون عليها في الجنة بمجرد التمني .. قال تعالى:
(فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ) صدق الله العظيم.
لطالما ناكفني (أبو العيال) في أن شقاء الرجال من تحت راس النساء، وان الاية الكريمة ذكرت الاثنين في الخروج من الجنة واختصرت (الشقاء) على الرجل ..
حسنا يا جماعة، من قراءتي في موقع للتفسير وجدت ان بعض العلماء ذكر في تفسير الأية الكريمة أن المخاطب هنا بالكلام هو سيدنا ادم عليه السلام فلا مانع من أن تكون للمفرد (فتشقى)، وربما دل ذلك على بلاغة وإيجاز وهي أنه إذا شقي الرجل شقيت زوجه بداهة فلا داعي لذكر شقائها ..
بينما ذهب البعض الأخر من المفسرين الى ما ذهب اليه (أبونا) من حقيقة كون ان الرجل قوّاما على المرأة وتقدمه درجة عليها هو السبب في ذلك حسب التفاسير لقوله تعالى ( الرجال قوامون على النساء) وقال (وللرجال عليهن درجة) لأن آدم عليه السلام هو رب الأسرة ومن يتحمل المسؤولية، فعندما كان في الجنة قال له سبحانه وتعالى (إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى، وإنك لا تظمؤ فيها ولا تضحى) فإذا غادر الجنة ونزل الى الارض كان عُرضة للجوع فكان لا بد لم من السعي لتوفير الطعام إما بالصيد أو الزرع … وفي ذلك مشقة وكان عُرضة للعُري فكان عليه السعي في إيجاد ما يقيه الحر والقر … وفي ذلك مشقة وكان عُرضة للظمإ فلزمه السعي لتحصيل المياه الصالحة للشرب إما بحفر بئر أو إيجاد آلية لحبس ماء المطر أو التنقل للأنهار … وفي ذلك مشقة وكان عرضة للضحو أي أشعة الشمس فكان عليه إيجاد مأوى يحميه وبناء بيت … وفي ذلك مشقة فتلاحظ كيف أن جل هذه الأعمال فيها مشقة بالغة، والواقع يشهد أن للرجل النصيب الأكبر من هذه المشقة دون الانتقاص من قدر المرأة بل لعلها تُشارك الرجل في ذلك كله، لذلك جاز أن يُقصد كلاهما بالمشقة ويكون الاقتصار على آدم طلبا للإيجاز ومراعاة الفاصلة (انتهى الاقتباس من ملتقى أهل التفسير).
منى سلمان
[email]munasalman2@yahoo.com[/email]