* على خلفية طلب الفريق (م) صلاح قوش رئيس جهاز الامن والمخابرات الوطنى السابق العفو والصفح ممن ظلمهم خلال سنوات عمله الرسمى بعد تعرضه هو نفسه للظلم (حسب زعمه) وحبسه على ذمة التحقيق والمحاكمة بتهمة تدبير انقلاب ثم اطلاق سراحه، تدوالت المحافل والمنتديات رسالة العقيد (متقاعد) مصطفى التاى أحد ضحايا الفريق صلاح قوش .. التى رفض فيها العفو عن قوش ولخص قصة الظلم الذى وقع عليه خلال فترة حبسه وتعذيبه فى بيوت الاشباح فى اوائل تسعينيات القرن الماضى بتهمة التخطيط لاغتيال عدد من المسؤولين فى الدولة، ونقتطف منها (بتصرف) ما يلى:
” لقد قمتم باعتقالي مرتين تعرضت فيهما إلى أبشع أنواع التعذيب على أيدي ضباطكم ولقد قمت أنت والمدير الصوري للجهاز بتلفيق تهمة بأنني رئيس مجموعة للقيام باغتيالات، وأمرت أنت شخصيا بتعذيبنا وكنت تشرف بنفسك على ذلك، وحتى عندما تقرر تقديمنا للمحاكمة نتيجة ضغط من منظمات حقوقية دولية حشدتم عددا من شهود الزور، منهم وكيل النيابة الذي سمحتم له بالدخول إلينا فى بيت الأشباح ثم في سجن كوبر بعد تحويلنا إليه وقام بتهديدي، وعلى الرغم من مرور عقدين من الزمان لازالت آثار التعذيب باقية على جسدي، بالاضافة الى الآثار النفسية”.
* ويحكى العقيد مصطفى قصة مليئة بالاحداث المروعة ثم يختم :
” الآن لو تركنا كل هذا جانبا، هل تستطيع إقناع رفاقك في الإنقاذ بالسماح لمحاكمكم بقبول قضايا الاعتقال التعسفي والتعذيب؟ ولو تم ذلك فهل أنت مستعد للإدلاء بشهادتك بكل ما ارتكبته في حقي والاعتراف على شركائك، ومن كان وراءكم ؟! الغول والعنقاء والخل الوفي أيسر من طلبك العفو يا قوش، لأنك تطلب رابع المستحيلات، وإذا لم آخذ حقى في هذه الفانية، سنتلاقى أمام من لا يُظلم عنده أحد” انتهى.
* ما يُقال تعليقا على هذا الموضوع، بان طلب العفو فى مثل هذا النوع من الجرائم لا يكون بالطريقة التى يريدها قوش وانما عن طريق ما يعرف بـ(العدالة الانتقالية ) التى طبقت فى مجتمعات كثيرة وأدت لرأب الصدع وحل الكثير من المشاكل المستعصية، والمثال الاقرب للاذهان هو النموذج الجنوب افريقى (الحقيقة والمصالحة) الذى وضع الدولة فى اتجاه المستقبل بعد تصفية مظالم الماضى بخطوات وطرق معينة ليس من بينها طريقة قوش .!!
* أولا، لا بد من اعتراف علنى بارتكاب مظالم والاعتذار للمظلومين والضحايا او لذويهم وورثتهم الشرعيين، ثم يأتى بعد ذلك اتخاذ الترتيبات المطلوبة لتطبيق (العدالة الانتقالية) حسب الاتفاق الذى تتوصل اليه الاطراف برضاء وموافقة الجميع، ويدخل فى ذلك قبول الاعتذار والسمو فوق الظلم والتعويضات والتصالح والتنازل عن الحقوق القانونية ..إلخ .
* لكن ان يتم العفو والصلح بالطريقة التى يرددها ويريدها صلاح قوش بمنأى عن الطرف الآخر الذى وقع عليه الظلم وبدون رضائه، فهو لن يضمن لصلاح قوش تحقق العفو الذى طلبه ولن يبعده عن المحاكم والمساءلة والحساب فى المستقبل، ولن يُرضى أحدا من الضحايا ولن يضمن عدم عودة قوش الى ما فعله فى السابق لو عاد الى المنصب مرة أخرى، ولن يؤسس لعفو حقيقى وعدالة انتقالية حقيقة مكتملة الاركان يرضى بها الجميع .. وستظل النفوس ممتلئة بالمرارات والصراع مستمرا .. !!
* السبيل الوحيد للتصالح هو (العدالة الانتقالية) التى تضمن حقوق الجميع، وليس العفو لطرف على حساب أطراف أخرى، إذا كان قوش جادا ..!!
[/JUSTIFY]
مناظير – زهير السراج
[Email]drzoheirali@yahoo.com[/Email]