أمامي قصاصة (وقد اعترفت مرارا أن قصاصات الصحف والمجلات والكتب هي المنهل الذي أسرق منه مادة مقالاتي هذه) تسرد حكاية شابة مصرية طلبت الطلاق من زوجها، وقالت الزوجة لمحكمة القاهرة الجديدة إنها كانت تعرف حسام صلاح الدين طوال ثلاث سنوات، ولهذا لم تتردد في القبول به زوجا، وخاصة أنه رجل أعمال ناجح، ولكن بعد مضي ثلاثة أشهر على زواجهما «بقيت مش عايزاه».. ليه؟ قيحة؟ يعني بخيل؟ قالت: لا ما بيقصرش معايا في المصاريف… طب إيده ناشفة؟ يعني بيضربك؟ فجاء الرد بالنفي.. المهم بعد بعض الأخذ والرد سألتها المحكمة لماذا تطلب الطلاق، فكاد ردها لأن اسمه «بلدي».. طب يا بنت الناس أنت ما عرفتيش اسم زوجك إلا بعد 3 شهور من الزواج؟.. الحكاية مش كده يا جناب القاضي.. انا لما تزوجته كان اسمه حسام صلاح الدين، وقبل كم يوم البوسطجي جاب رسالة إلى الفيلا بتاعتنا مرسلة إلى «قُرني» – بضم القاف وفتح الراء- صلاح الدين، ولما قلت للبوسطجي إنه ما عندناش حد بالاسم دا هنا، صاح زوجي بأن الرسالة تخصه فقلت له: عيب تأخد جوابا مبعوت لحد تاني وتفتحه وتقرأه، فإذا به يفاجئني بأن اسمه الأصلي هو «قرني» وأنه اتخذ اسم حسام كاسم شهرة.. بصراحة يا حضرة القاضي لما سمعت الكلام دخت.. وافتكرت أنه جاتني جلطة أو ذبحة صدرية… أنا أتجوز واحد اسمه قرني؟ يا شماتة أبله ظاظا فيّا… أقول إيه لصاحباتي؟ جوزي اسمه قرني؟ حد يصدق ان رجل أعمال اسمه قرني؟ طبعا لا.. وعشان كدا مش ممكن اعيش معاه وعايزة الطلاق.. مش الخلع.. عشان ما يقوليش رجعي لي المهر الذي أخذته منه.. لا على أساس إنه غشاش وكذاب.. ضحك عليا يا حضرة القاضي.. قال إيه؟ قال اسمه حسام.. اسم الله عليك يا قرني.
الغريب في الأمر أن الزوجة طالبة الطلاق من عائلة متواضعة وبسيطة جدا، وأقول لها: أنت لم تقبلي به زوجا لأن اسمه حسام، بل لأن فيه جوانب وخصال أعجبتك (وربما لأن جيبه مليان)، وتصمد معظم الزيجات رغم أن أحد الطرفين يخطئ ويقصّر ويخرمج ويطبّز، فيسامحه الطرف الآخر المتأذي.. وزوجك هذا مجني عليه، فهو لم يختر الاسم الذي لا يعجبك بنفسه، بل من الواضح أنه لم يكن سعيدا بأن اسمه قرني فاختار لنفسه اسم حسام.. وأقول في نفس الوقت للآباء والأمهات: ناشدتكم الله ألا تختاروا لعيالكم أسماء قبيحة عديمة المعنى، ولا تحسبوا أنه من الوفاء لجيل آباء الآباء وأمهات الأمهات أن تدبسوا اسما كان سائدا – على غرابته – في أربعينيات القرن الماضي في طفل سيبلغ العشرين مثلا في عام 2033 (بافتراض ان الطفل من مواليد العام الحالي 2013) والمصري الذي يحمل اسم جده عتريس، والخليجي الذي يسميه أهله صنقور والسوداني الذي يسميه أهله عمسيب (الأسد)، وأعمارهم الآن سنتان قد يضطرون عندما يكبرون إلى اللجوء الى المحاكم لتغيير أسمائهم… والمصيبة هي أن هناك اعتقادا سائدا في أوساط العرب عموما مؤداه أنه إذا كانت هناك امرأة يموت عدد من عيالها بعد مولدهم بفترة قصيرة، فلأن «الشيطان» يخطفهم لأن أسماءهم كانت حلوة، وبالتالي يسمون المواليد الجدد بأسماء مثل فقصان وخيشة وكبريت.. ويفوت على هؤلاء السذج أنه لا اسم يعصم شخصا من الموت.. وقرأت عن شخص سمى ولده «بن عزرائيل»، وهو يحسب أنه بذلك أنه يحنن قلب عزرائيل على ولده، وأعجب كيف أن عقله الساذج لم يقل له: عزرائيل أولى بولده.
[/JUSTIFY]
جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]