أعينهم تضىء ببريق من نوع خاص ربما كان نتاج الـ 1250 كيلو واط من الكهرباء التي ستدخل الشبكة القومية بفعل التضحية التي دفعوها (هجرةً) وبثمنها قام أضخم مشروع تنموى في السودان (سد مروى) .. أهل القرية (5) الفداء .. الطريق اليهم يستغرق حوالى نصف الساعة من أبوحمد وبالرغم من سفلتة الطريق المؤدى نحوهم يخيل لك أن _القرية (5)_ التي شيدتها مفوضية السدود سقطت من منقار طائر رخ في تلك البقعة النائية وهو ما ذكره أحدهم وهو يحيي بروفيسور أحمد المجذوب والي نهر النيل «المنطقة دي ومنذ عبور كيتشنر بجيشه ما مر بيها مسئول رفيع غيرك، كان السنة الفاتت وكان هسه» .
مطالب أهل القرية (5) شديدة البساطة ولكنها بالطبع يمكن تلخصيها في كلمة واحدة (الخدمات) ما جعلني أستحضر بقوة مطالب أهل قرية الجابرية (دايرين بوستة ومدرسة وسطى دايرين كهرباء دايرين موية .. الشفخانة وسوق منضبطة) في القصيدة الشهيرة.
وعدّد أدريس بابكر ممثل القرية (5) في اللقاء الجماهيرى الذي أقيم على شرف زيارة حكومة نهر النيل مطالبهم في: إعادة حقوق المناصير التي ضاعت بإعتماد قانون 1999 كمرجعية للحصر وهو الأمر الذي لا يتضمن التغيرات الزراعية والسكانية (الزواج والإنجاب) ساعة تهجيرهم ، العمل على دعم الكهرباء لحين وصول الخط الناقل (أسعافياً من أبو حمد)، تجهيز مستشفي القرية بالكادر والمعدات، حل مشكلة المياه بتشغيل المحطة الجديدة، دعم مشروع كحيلة الزراعي لزراعة القمح بالأليات الحديثة، إضافة لدعم التعليم في المراحل كافة.
وفي كلمته ثمن أحمد المجذوب والي نهر النيل تضحية المناصير من اجل دعم مشروعات التنمية في البلاد وأكد عدالة مطالبهم وإستحقاقهم التعويض المجزي الذي يراعي الجوانب كافة بما فيها الجانب الإجتماعي وحث وحدة السدود على مراجعة الإستئنافات المقدمة من المتأثرين وإعادة النظر في عمليات الحصر والمراجعة.
وفيما قال إن المنطقة في مرحلة أنتقالية إذ تتبع مؤسساتها ولمدة عامين لوحدة السدود- من بعدها ترجع ملكيتها للولاية- أكد حرصهم على تسوية قضايا المنطقة كافة بالجلوس مع الوحدة وشدد على أنهم غير معفيين من متابعة قضايا المهجرين كونهم يتبعون لوحدة السدود.
وأكد المهندس عادل جعفر من مفوضية السدود ألتزامهم بأيجاد المعالجات لكل الأسر المتضررة وقال: مستعدون لعمل أي شىء من شأنه المساعدة على أستقرار المنطقة وفي السياق أكدت مفوضية السدود التزامها بتقديم وإستمرارية الخدمات لأهالي المنطقة.
وستجد ولاية نهر النيل نفسها في جدلية التنمية من أجل الإنسان أو على حسابه بإعلان واليها المجذوب إكتمال الدراسات لقيام سد الشريك، وقال الوالي لدى مخاطبته الحشد الجماهيري لمناصرة الرئيس البشير بمنطقة عتمور: لا توجد تنمية من غير طاقة وحلنا الوحيد لتوفيرها قيام السد وبالرغم من هتافات الرد الرد بالسد بالسد وتأكيدات الوالي بأن المشروع يهدف لتنمية محصلتها الإنسان لم يخف محمد أحمد عبد الماجد ممثل المنطقة قلقه بسبب غياب المعلومة عن المواطن فيما يخص قيام السد ودعا لوضعهم في الصورة وفي سياق متصل أبدى عبد القيوم زين العابدين ممثل منطقة الباقير المتوقع ان تتأثر بالسد مخاوفهم بسبب ما أسماه ضبابية وعدم وضوح من قبل وحدة السدود وقال: هناك فجوة معلوماتية بين المواطن والوحدة وناشد عبد القيوم وحدة السدود التزام الصراحة مع المواطنين بتحديد منطقة الغمر، وقيمة التعويض إضافة للمناطق المرشحة للتهجير ودعا للإستفادة من تجربة قيام سد مروي وتجاوز الإشكاليات التي صاحبت قيامه بقوله: على أدارة السدود التحلى بـ شوية من الحكمة من خلال عقد إتفاق واضح وصريح مع المواطن وفي ختام كلمته نفى ممثل عتمور وجود ممانعة من قِبلهم لقيام السد الذي قال عنه: «مشروع يعود عليهم بالخير خاصة وللبلاد عامة» وذهب معتمد أبو حمد حسن الحويج ذات المنحى وقال: لا أعتقد بوجود معارضة سياسية لقيام السد «الناس كلها مع المشروع ورايها واحد»، وأكد الحويج إكتمال ترتيبات العمل وشدد على أن الخيار البديل (التهجير، التعويض) يعد خياراً أفضل بعدة مرات من الوضع الراهن.
ومما لا شك فيه أن سد الشريك أصبح واقعاً ملموساً يأمل المتأثرين منه ألا تطالهم (الآثار الجانبية) التي طالت رصفائهم من سكان القرية (5) الجالسين على رصيف إنتظار وعود المسؤولين كي تصبح الأخرى واقعا ولا تنتهي بالاهمال.
مقداد خالد :الراي العام