[JUSTIFY]الحوار الذي أجراه الصديق عادل سيد أحمد مع وزير الإعلام الدكتور أحمد بلال عثمان من خلال برنامجه ((نادي الاعترافات)) بقناة أم درمان مساء الإثنين ذكرني بالطرفة التي يرددها كثير من الناس عندما ذهب العريس والعروسة إلى شهر العسل وأرادت العروسة التواصل مع العريس بكلمات فسألته قائلة: الجو دا جو شنويا حبيبي؟ فرد العريس بأن الجو هو جو فول. وزير الإعلام كان بعيداً كل البعد عن القضية المطروحة وهي قضية إيقاف الصحف بقرارات استثنائية من قبل جهاز الأمن الوطني وعدم لجؤ الحكومة للقضاء العادي في مواجهة الصحف بدلاً من تعليق صدورها بقرار من جهاز الأمن كما حدث مع صحيفة الصيحة. وعن تهديد الوزير نفسه بإيقاف المزيد من الصحف إذا مضت في ذات الطريق. والعصا المرفوعة (في وجه) الصحافة لكونها تناولت قضايا الفساد سواءً الوثائق الخاصة بوكيل وزارة العدل وهذا ما أكد عليه الأستاذ الطيب مصطفى رئيس مجلس إدارة صحيفة الصيحة في مداخلته بالبرنامج أو ما تحدث عنه مدير تحرير الصيحة أحمد يوسف التاي والذي رد قرار تعليق صدور الصحيفة لوجود مخالفات مالية بوزارة الصحة إبان تولي الوزير أحمد بلال للوزارة وبما قيمته 150 مليون دولار يعني الكلام جاء للوزير في مكانه. وأراد الوزير أن يضرب مثلاً لتدخل الحكومة في الصحافة إذا تجاوزت الخطوط الحمراء فضرب مثلا بالرئيس الروسي فلادمير بوتن الذي هدد الصحافة والصحفيين في بلاده واستدرك أن بوتن أصلا علي بقية مما ترك الشيوعيون من نظرية تجعل الصحافة في خدمة الحزب والطبقة العاملة ولا سبيل لحديث عن حرية للصحافة في النظرية الماركسية .. ثم ضرب مثلا بمشروع القانون الذي صوت عليه الكونغرس الأمريكي والمعروف بمشروع قرار حظر دخول حسن أبو طالبي مندوب إيران المعين لدى الأمم المتحدة إلي الولايات المتحدة وهذا المشروع السبب فيه أن الولايات المتحدة تتهم المندوب الإيراني بضلوعه في عملية احتجاز الرهائن الأمريكيين في طهران في أواخر السبعينيات وليس لهذا الأمر علاقة بحرية الصحافة في الولايات المتحدة الأمريكية وهناك نص صريح بالدستور الأمريكي بأن الكونغرس الأمريكي قد حرم علي نفسه إصدار أي تشريعات من شأنها المساس بحرية التعبير والمحاكم في الولايات المتحدة الأمريكية تقضي في المسائل ذات الصلة بجرية الصحافة بعدم الاختصاص أما جرائم القذف أو إشانة السمعة فهذه يتم الذهاب بها للمحاكم لكي تفصل بين المتخاصمين وهو أمر متاح في كل القوانين بما فيها القانون الجنائي السوداني. أما في بريطانيا التي ضرب بها أيضا وزير الإعلام مثلا في الاعتداء على حرية الصحافة فالفصل في القضية يكون من خلال السوابق القضائية التي تقرها المحاكم عبر التاريخ وهذا الأمر غير متاح في محاكمنا لعدم وجود هذه السوابق إلا القليل ومن شاكلة القرار الذي إتخذته المحمكة الدستورية بإعادة صحيفة التيار وقول المحمكة نفسها بأن جهاز الأمن لا علاقة له بإيقاف الصحف. ومن الغريب أن وزير الإعلام لم يضرب مثلا بدولة إسرائيل لا من حيث الشفافية والمساواة أمام القانون حيث تم الحكم على رئيس وزراء إسرائيل الاسبق يهود أولمرت بالسجن خمس سنوات في قضايا فساد. ولم يضرب الوزير مثلا بحرية الصحافة في إسرائيل حيث يؤكد القانون في إسرائيل علي حرية التعبير ما لم تثبت الحكومة الإسرائيلية التهديد المباشر للأمن القومي. ومن المؤسف حقا أن يتحدث وزير الإعلام دكتور أحمد بلال عن الخطر الداهم على الأمن القومي من النشر الصحفي حديثا عاما ومن غير إثبات لهذا الخطر ويقول إن الدول من حولنا تواجه أوضاعا أمنية مضربة ويضرب مثلا بمصر التي تعاني من مشكلات أمنية وليبيا التي يقول إنها بلغت مرحلة اللادولة وهذه فزاعة من الفزاعات في نظري لأن الأوضاع الأمنية المتردية في الدول من حولنا تعود إلي الكبت وانعدام الحرية الإعلامية ولم يثبت أن حرية الصحافة هي السبب لما حدث في مصر أو ليبيا من مشكلات أمنية وسياسية وإذا أردنا أن نتفادى ما يحدث في البلاد من حولنا علينا بالمزيد من الحرية والديمقراطية والحكم الرشيد والشفافية وبناء دولة القانون واحترام القضاء واللجؤ إليه في حالة النزاعات والخلافات وهذا هو المخرج.