ابدأ بطرفة أوردتها في مقال لي هنا قبل سنوات عن رجل وقف أمام موظف البنك وقال له: اسمع يا حمار.. أريد فتح حساب عندكم، فارتفع صوت موظف البنك بالاحتجاج والاستنكار: احترم نفسك يا سيد أنا لا أقبل الإهانات منك او غيرك، فرد عليه الرجل ببرود: قلت لك يا حمار يا بغل يا ثور يا تيس أريد فتح حساب ولم أطلب منك أن تفتح فمك الكريه،.. وهنا انتفض موظف البنك صائحا في الرجل: أنا لن أفتح لك حسابا بل سأفتح راسك، ولما ارتفع الصياح جاء مدير البنك مستفسرا وحكى له الموظف كيف أن الرجل الواقف أمامه خاطبه بأسلوب وقح، فالتفت المدير نحو الرجل وقال له: لا أسمح لك شتم موظفي البنك و… قاطع الرجل المدير قائلا: اسمع يا حيوان أنا أريد فتح حساب بمائة مليون دولار وهذا شيك معتمد بالمبلغ، فما كان من المدير إلا أن خاطب موظفه قائلا: ماذا تنتظر يا حمار.. يا بغل.. يللا ابدأ إجراءات فتح الحساب.
هناك صنف من البشر يحملون صفة «في. آي. بي.VIP » وهي أحرف ترمز للعبارة الإنجليزية التي تعني «شخصية مهمة جدا»، وكما أن بعض الفنادق شطحت ورأت أن تصنيف «خمس نجوم» – وهو الأعلى في ميدان الفندقة – لا يليق بها فجعلت نفسها «سبع نجوم» متجاوزة خانة «الستة/ 6»، فقد قام المتخصصون في مجال النفاق المسمى «بروتكول» باستحداث لقب في. في. آي. بي. VVIP، ويعني الشخصية المهمة جدا، جدا، ومثل هذه الشخصيات تجد معاملة خاصة في المتاجر والمطارات ومخافر الشرطة والمطاعم، فلا تكن حاقدا لأنك في بي بي VPP وهو لقب ابتكرته لك very poor people، يعني الناس الغلبانة والتعبانة والكحيانة جداً، الذين يتعرضون للإهانة والشرشحة في المطارات والمخافر والمطاعم
ويوم الأحد 14 يوليو الجاري نشرت صنداي تايمز البريطانية تقريرا جاء فيه أن شركة إن إي سي فور آي تي سولوشنز (للحلول المعلوماتية) طورت نظاما للاستخدام في الفنادق والبنوك والمتاجر الكبرى، والتي تكون عادة مزودة بكاميرات، ويقوم النظام برصد وجوه الزبائن والعملاء، فإذا جاء زبون من العيار الثقيل فإنه ينبه موظف المبيعات او الاستقبال: هذا أبو الجعافير الخطير فتصرف معه كما يليق بالأثرياء المشاهير، وتطبيق هذا النظام يعني شحن كمبيوترات تلك الجهات التي تتعامل مع الفي آبي بي بآلاف الصور حتى لا يتجاهل موظف جاهل زبونا من وزن أبي الجعافر الذي يلعب بالدراهم والدلالر (جمع تكسير للدولار لمن لا يعرف قيمة الدولار).. وعلى صعيد الواقع فإن هذا النظام يعني إنه إذا دخل أبو الجعافر وكاظم الساهر إلى أحد المتاجر فإن كل العاملين فيه سيفضلون السهر على الجعفرة، فرجل أجره عن الغناء لثلاث ساعات يساوي أجر جعفر عن العمل لثلاث سنوات لا بد أن يستحق اهتماما خاصا.. وهكذا حال الدنيا.
تذكرت ذلك اليوم الذي دخلت فيه محلا ضخما للنظارات في العاصمة السعودية الرياض، وكان به أربعة موظفين يلبسون كرافتات أفقية التمدد بالتوازي مع كروشهم، وتجاهلوا اسئلتي تماما بأسلوب: شوف هناك.. وفجأة دخل شاب بغترة وعقال فاندفعوا نحوه يعرضون خدماتهم عليه، والتفت الشاب نحوي وتساءل: أنت أبو الجعافر، فلما جاء الرد بالإيجاب طخني بعدد من البوسات سريعة الطلقات وحدثني عن كيف أنه يقرأ لي بانتظام وأنه طالب يمني بجامعة في الرياض وألح علي أن نخرج ونتناول مشروبا في مقهى، وفي طريقنا للخروج ألتفت إلى الكروش الأربعة وقلت: معليش.. طلع يمني!! بي بي زيي!!
[/JUSTIFY]
جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]