[JUSTIFY]منذ وقوع الإنقلاب العسكري في مصر صارت هناك نغمة جديدة من جانب بعض النخب المصرية وهي نغمة التي يرددونها أمام كل خبر يتم تناوله على مواقع التواصل الاجتماعي أوالصحف أوالقنوات الفضائية وإذا قلت رأيك وأنت سوداني عن ما يجري في مصر يقابلونك بقولهم : اتركوا مصر في حالا وشوفوا مشاكل بلادكم السودان وهذا القول لم يكن موجوداً عندما كانت الصحافة المصرية والإعلام المصري كله يتحدث عن السودان و يمارس التريقة على شعبه ومسؤوليه الرسميين بما في ذلك كتابة اسم وزير الخارجية السوداني «عبر التاريخ» أو رئيس وزراء السودان خطأ في الصحف المصرية .. وإذا غضب مسؤول أو مواطن سوداني من طريقة تناول الإعلام المصري لشؤون السودان طولاً وعرضاً يردون عليك بأن شعب وادي النيل هو شعب واحد وما يجري في السودان يهم مصر من أسوان جنوباً حتى الإسكندرية شمالاً وما يقولونه من استهتار واستخفاف بالسودانيين هو حقهم الطبيعي. وهناك نغمة أخرى وهي أن كل من ينتقد الأوضاع السياسية في مصر، ويعلق على معلومات تقوم بنشرها الصحف الغربية والإسرائيلية عن الرئيس الجديد لمصر عبد الفتاح السيسي يردون عليك بأنك تدافع عن الأخوان المسلمين أو أنت إخواني، كأن الأخوان المسلمين في مصر لا أحد يعرفهم في هذا العالم وهم الذين حكموا مصر بكاملها وعمرهم في مصر ثمانين عاماً. في هذه الأيام أخبار مصر هي الشغل الشاغل لكل الناس، ولسنا في حاجة للحصول على إذن من أحد حتى نتعاطى الأخبار أو نعلق على ما يحدث في مصر من أحداث جسام يهتز العالم من غرابتها وفظاعتها، سواء حالات القتل أو الاعتقلات في السجون المصرية. ودافعنا في ذلك هو إنساني أولاً، وثانياً مصر هي الجارة القريبة من السودان وهي بلغة الجغرافيا الطبيعية شمال الوادي وبلغة الجغرافيا السياسية هي أرض المتناقضات، خصوصاً بعد الانقلاب العسكري بقيادة المشير عبد الفتاح السيسي الذي في عهده ترقص المبرقعة -أي المرأة التي تغطي وجهها بلباس البرقع- تتثنى وترقص «عشرة بلدي » في الحملات الانتخابية للمشير السيسي وفي احتفالات السيسي بفوزه في الانتخابات الرئاسية وإحرازه لأكثر من «90%» في الانتخابات، هل هذه قناعة من صاحبة البرقع أن ترقص وفي العادة الذي يرقص لا يغطي ذقنه أو وجهه «كما يقول المثل السوداني» أم أن الأمر فيه تصوير من جانب السيسي وأعوانه بأن متديني مصر، بل حتى متذميتها يرقصون فرحاً بفوزالجنرال السيسي في الانتخابات. وهؤلاء المتذمتون والمتدينون من شاكلة المبرقعة وشيخ الأزهر الشريف ورئيس هيئة علماء مصر والمفتي ما عليهم إلا أن يرقصوا ويلهوا أمام كاميرات السيسي، أما مواقفهم ودعمهم لا يثابون عليها من جانب المشير عبد الفتاح الذي يردد أعوانه عقب انقضاء الانتخابات الرئاسية في مصر: بأن حزب النور السلفي لم يحشد أنصاره للتصويت لصالح السيسي في الانتخابات الرئاسية وقيادات حزب النور يحلفون«بالتقطعهم» أن حزبهم دعم الرجل وأيده عبر كل مشواره الانقلابي وقتله لمعتصمي رابعة العدوية والنهضة وقتله المتظاهرين واعتقاله للنشطاء، أما الانتخابات الأخيرة فقد اضطر الحزب لبث مسيراته المؤيدة للانقلاب ومواكبه الجماهيرية الزاحفة على صناديق الانتخابات من على القنوات الفضائية، بل إن حزب النور السلفي وبموقفه من الانقلاب وجد الانقلابيون من ورائه دعماً غير محدود من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وإنكار المشير السيسي لكل هذه الأفضال من جانب حزب النور يرجع إلى قرب موعد التشكيل الوزاري بعد أن يؤدي الرئيس الجديد القسم ومن يدري لعل حزب النور كان على اتفاق سري على المشاركة في الحكم نظير دعم الانقلاب العسكري والمرشح للرئاسة، ولكن السيسي الذي عرف كيف يتخلص من رئيسه محمد مرسي وهو وزيره للدفاع، لا يريد من حزب النور أكثر من التأييد وها هو يتنكر لهذا التأييد، فمن هو الملام في هذه الحال، السيسي أم حزب النور الذي تخلى عن مبادئه وظنت قيادته أنها ستكون بديلاً لجماعة الأخوان المسلمين لمجرد أن هذه القيادات تحمل أطول وأكث لحى «ذقون» في مصر كلها والعالم أجمع تقريباً ؟. ولماذا لا ترقص المبرقعة وهناك مشهد يمثله رئيس المحكمة الدستورية عدلي منصور الذي قبل أن يكون رئيساً انتقالياً لمصر، ويوقع على قانون التظاهر وعلى مدة الاعتقال التحفظي، الذي أصبح مفتوحاً ومتطاولاً وسمجاً كما وقع على غيره من القرارات الاقتصادية المصيرية، وبعد ترك عدلي منصور للرئاسة المؤقتة هل تفتح بلاغات في مواجهته لخرقه الدستور المصري ودعمه للانقلاب العسكري على الديمقراطية ؟ وهل سيجد الرئيس المؤقت دعم السيسي وحمايته أم أن المشير سوف يفعل به ما فعله مع مرسي وحزب النور السلفي، ويتركه لقدره مع الثوار الذين يرون في
فعلته التي فعلها خيانة لثورتهم وللدستور المصري، الذي تعتبر المحكمة الدستورية حامية وحارسة له.