من النتائج التي تنعكس سلبيا علي الصحة بسبب إرتفاع نسبة الكوليسترول أو الدهون الثلاثية في الدم، الإصابة بأمراض القلب وتصلب الشرايين. ويبني السبب الأساسي في هذه الحالات لأمراض القلب وتصلب الشرايين، علي تراكم المادة الدهنية أو الشمعية، التي تترسب علي جدار الأوعية الدموية الناقلة للدم أو الشرايين التاجية للقلب، مما ينتج عنه تقوية المواد المتراكمة في الأوعية، نسبة لتفاعلها مع المواد الأخري، التي تنقل عن طريق الدم، كالأملاح الغير عضوية لكل من الكالسيوم والفسفور والصوديوم والبوتاسيوم والماغنيسيوم. وهذه المواد تعمل بمرور الزمن علي تغليف الأوعية الدموية من الداخل، مما يتسبب في تضييقها ثم إلتهابها ثم إنسدادها، أو في بعض الحالات المتطورة إنفجار هذه الأوعية الدموية المصابة. وبسبب الخشونة الناتجة عن تراكم الدهون ومواد أخري ضارة، تكون من النتائج المترتبة علي ذلك أيضا، عدم تدفق الدم وإنسيابه بحرية كاملة في مجراه، مما ينتج عنه تجلط الدم في جدار الشرايين. والذي ربما تكون نتيجته أيضا حدوث جلطة في كل من أوعية الرئة أو القلب أو الدماغ. وفى حالات تصلب الشرايين المتقدمة، يتعرض الغشاء الداخلي المبطن للشرايين للتمزق بسبب ميكانيكية الدم، مما ينتج عنه إنفصال الأجزاء الدهنية المترسبة علي جدار الشريان المصاب، ومن ثم إنسيابها مع الدم، ومما يؤدى بدوره إلي الإنسداد الكلي لشرايين وأوعية دموية أخري، خصوصا في الأعضاء الحساسة كالمخ والعينين. وربما تطور الأمر إلي ورم سرطاني، والذي يرجع في أساسه لتراكم مركبات خلوية ضارة، علي سبيل المثال تجمع المواد السامة بسبب تعاطي النيكوتين أو التبغ، أو تجمع المركبات الطليقة (Free Radicals). وهذه المواد السامة تتراكم في المنطقة الملتهبة، ثم تنشيء وحدات تفاعلية مع الكوليسترول، وتكون بمرور الزمن السبب في تطور ورم سرطاني. أما تراكم الكوليسترول والدهون الثلاثية في الشرايين التاجية للقلب، فهو يؤدي إلي إنسداد الشرايين التاجية، والتي تعمل علي تغذية عضلة القلب بالدم. وفي هذه الحالة تكون التنيجة هي حدوث النوبة القلبية أو الذبحة الصدرية، والتي تأتي في معظم الأحيان مباغتة ومن دون إنذار. ومن أعراض هذه الحالة بسبب قلة أو إنعدام الدم الواصل لعضلة القلب، الألم الشديد في مقدمة الصدر، مصحوب بألم مرافق له، ممتد من الكتف، مرورا بالذراع واليد اليسري، إلي طرف الأصبع الصغير فيها. هذا بجانب أعراض أخري مثل الطمام، والإستفراغ، والعرق، وإنتياب الشخص المصاب، نوبات من الخوف.
الجنس والعمر والكوليسترول:
هناك فرق في نسبة الكوليسترول، فيما يخص الذكور والإناس من الجنسين. وعند السيدات في سن ما قبل الخامسة والأربعين، تكون نسبة الكوليسترول في الدم أقل عنه مقارنة بالرجال. وتزداد هذه النسبة تدريجيا عند النساء من بعد بلوغ سن الخمسين من العمر مقارنة بالرجال. وتكون هذه الزيادة محفوظة أو تزداد في المعدل عند السيدات، حتي من بعد أنقطاع الدورة الشهرية، والدخول في سن الشيخوخة. ويمكن القول بأن نسبة الكوليسترول في الدم، ترتفع عند الجنسين في منتصف العمر، وفي مرحلة ما بعد سن الستين من العمر.
أنواع الدهون والكوليسترول:
تعمل جزيئات بروتينات كبيرة تسمي بالبروتينات الناقلة للمواد الدهنية (Lipid Carrier Proteins)، علي حمل الكوليسترول والدهون الثلاثية (Triglycerides)، ومن ثم نقلها عبر الدم إلي أعضاء الجسم المختلفة. وتنقسم هذه الجزيئات البروتينية الحاملة للدهون إلي قسمين رئيسيين: البروتين الأول يعرف بإسم البروتين الدهني المنخفض الكثافة (Low Density Lipoprotein)، ويختصر إسم هذا البروتين بالأحرف (LDL). ويحتوي هذا النوع من البروتين الدهني علي نسبة 46% من الكوليسترول، و23% من الدهون الفسفورية، و21% من البروتين، و10% من الدهون ثلاثية الجليسريد. ويعرف هذا النوع من البروتين بالنوع الرديء من ضمن البروتينات الحاملة للكوليسترول. وهذا بسبب ترسبه علي جدار الشرايين إذا زادت نسبته في الدم. والبروتين الثاني يعرف بإسم البروتين الدهني العالي الكثافة (High Density Lipoprotein)، ويختصر إسم هذا البروتين بالأحرف (HDL). ويحتوي هذا النوع من البروتين الدهني علي نسبة 50% من البروتين، و30% من الدهون الفسفورية، و18% من الكوليسترول، و2% من الدهون ثلاثية الجليسريد. ويعرف هذا النوع من البروتين بالنوع الجيد من ضمن البروتينات الحاملة للكوليسترول. وهذا بسبب فائدته للجسم، ودوره في التحكم في عملية التخلص من فائض الكوليسترول الزائد عن حاجة الجسم. وبإختصار، يمكن تحديد نوع الكوليسترول، بناءا علي نوع البروتين الدهني الذي يحمله. وبه يكون نوع الكوليسترول، إما كوليسترول منخفض الكثافة (LDL)، أو كوليسترول عالي الكثافة (HDL). وهناك نوع آخر مشتق من النوع الأول من البروتينات الدهنية الناقلة، والذي يأخذ إسم البروتين منخفض الكثافة جدا (Very Low Density Lipoprotein)، ويختصر إسمه بالأحرف (VLDL). ويتميز هذا النوع المشتق أساسا من البروتين الدهني المنخفض الكثافة (LDL)، بإحتوائه علي 54% من البروتين ثلاثي الجلسريد، و20% من الكوليسترول، و16% من الدهون الفسفورية، و10% من البروتين.
نسبة الكوليسترول في الدم:
يفضل أن تكون نسبة الكوليسترول المنخفض الكثافة (LDL) قليلة جدا، بالمقارنة بنسبة الكوليسترول المرتفع الكثافة (HDL)، والتي يجب أن تكون عالية في المقابل. وإرتفاع نسبة هذا النوع في الدم (HDL)، كما ورد ذكره من قبل، يساعد علي إنخفاض إحتمال الإصابة بإنسداد الشرايين التاجية في القلب. ويمكن أن تكون نسبة الكوليسترول المنخفض الكثافة (LDL)، مرتفعة عن المعدل الطبيعي عند بعض الأشخاص، وذلك بسبب التاريخ الأسري، أو نمط الحياة، أو كلاهما. وفي حالة إرتفاع نسبة الكوليسترول (LDL)، بسبب الجينات الوراثية، تكمن المشكلة في عدم قدرة خلايا الجسم في التخلص من النسبة الفائضة من الكوليسترول المنخفض الكثافة (LDL) بصورة سليمة. وهذا بسبب وجود عوامل مانعة في الخلايا والأغشية، والتي تحد من عملية التخلص منه، أو يقوم زيادة علي ذلك الكبد، بإفراز كمية كبيرة من الكوليسترول، أو تكون نسبة إفراز الكوليسترول المرتفع الكثافة (HDL) منخفضة في الجسم، نتيجة لفعل جينات وراثية مضادة لإفرازه. وبإختصار، تعمل الجينات الوراثية هنا علي تزورد الجسم بخلايا، لا تساعد الجسم في المقدمة علي التخلص من البروتين السيء(LDL)، وتحد من أمكانية إفراز البروتين الجيد (HDL).
تابع البقية في الحلقات القادمة
Homepage: http://www.nutritional-consultation-dr.humeida.com
E-Mail: [email]hassan_humeida@yahoo.de[/email]
د. حسن حميدة – مستشار التغذية العلاجية المانيا
حقوق الطباعة والنشر محفوظة للكاتب – يونيو/ 2014
هنا فيلم توضيحي – ما هي خطورة الكوليسترول، و كيف يمكن تخفيض نسبته في الدم؟
http://www.youtube.com/watchv=Up0OowwH_Ms – – – – – – – – – – – – – – – – –
تم إضافة المرفق التالي :
د. حسن حميدة.jpg