ومنذ ذلك الحين كانت الدراسات تربط بين النشاط الاشعاعي والتعدين الي ان حدد المجلس الفدرالي الأمريكي للإشعاع (US Federal Radiation Council) المعروف اختصارا بـ FRC مستوى التعرض السنوي الأقصى المسموح به للعاملين بالتنقيب عن المعادن من غاز الرادون في هواء المناجم عام بمقدار 12 WLM. لقد استند هذا التحديد على بيانات وبائية (epidemiological data) تعود إلى دراسة خاصة بحالات الإصابة بسرطان الرئة لدى عمال المناجم، وليس على جرعات تعرض إشعاعي مقدرة أو محسوبة كما هي العادة مع توصيات الهيئة الدولية للوقاية من الإشعاع (ICRP Recommendation)، وذلك لأن هامش الخطأ في الجرعات المقدرة كان عال جدا. ثم خفض الـ FRC مستوى التعرض السنوي الأقصى إلى 4 WLM. وعندما أخذت هيئة الوقاية البيئية الأمريكية (US Environmental Protecion Agency (EPA)) مسؤوليات FRC ثبتت حد التعرض السنوي الأقصى عند الـ4 WLM.
ان اثر المواد الاشعاعية في مناطق التعدين والتي تأتي اما بسوء استخدام بعض المواد او من الصخور نفسها اثر تراكمي أي انه لا يظهر مباشرة بل يظهر بعد عدد من سنين العمل في مناطق التعدين. فقد نشر لوندين نتائج دراسة قام بها وشملت 3414 عاملا واتضح من الدراسة أن 398 وفاة قد حدثت بين العمال خلال 15 عام، في حين أن عدد الوفيات المتوقع في عينة بهذا الحجم من عامة السكان هو 251. وأن السبب في زيادة عدد الوفيات هو الإصابة بسرطانات الجهاز التنفسي. حيث حصلت 120 حالة وفاة بسبب سرطان الرئة بدلا من 50.5 وفاة متوقعة و62 وفاة بسبب الأورام الخبيثة في الجهاز التنفسي بدلا من 10 متوقعة. وقد تبين أن سرطانات الجهاز التنفسي التي تصيب العمال كانت أكثر انتشارا بين العمال الذين أمضوا في العمل أكثر من 10 سنوات، حيث اتضح أن عدد المصابين 48 بدلا من العدد المتوقع والبالغ 5.4، وحتى بين الذين أمضوا من 5 إلى 10 سنوات عمل في المناجم فقد كان عدد المصابين 12 بدلا من العدد المتوقع والبالغ 3.2 .
ان النشاط الاشعاعي في مناطق التعدين يزيد بزيادة الغبار او الدخول الي الابار دون قياس معدل الاشعاع داخل البئر ونقل الحجر والتربة من مكان الي اخر دون معرفة ما يحويه من مواد مشعة او ضارة فعمليات التنقيب تعتبر من العمليات التي تعتمد على تداول وتحريك كميات كبيرة من التربة المحتوية على الخام وتتسبب في التلوث الإشعاعي للبيئة المحيطة والتعرض الإشعاعي للأفراد؛ إلا أنه بإتباع بعض الأعمال الإجرائية ومداومة الرقابة الإشعاعية على العاملين والأجواء المحيطة، والاهتمام بوسائل التهوية اللازمة وإعمال سبل الرقابة الصحية الفعالة، فإن ذلك سيكفل الحفاظ على أمان المنقبين وعدم تلوث مكونات البيئة المحيطة.
لذا من الاهمية بمكان الاهتمام بقياس الجرعة الاشعاعية في اماكن التنقيب (وتوجد اجهزة رقمية غير مكلفة لهذا الغرض). وزيادة معدلات التهوية للتخلص مما يتجمع بأجواء الابار من غاز الرادون ونواتج اضمحلاله. والعمل على الحد من العمليات التي تتسبب في زيادة كمية الأتربة المثارة في الأجواء المحيطة باستعمال الطرق الرطبة في التعامل مع الخامات. والتيقن من تطبيق سبل حماية الأفراد عن طريق دوام استعمال أقنعة واقية للاستنشاق والمرايل والقفازات اليدوية ونظارات وقائية وأغطية رأس.
ا.محمد هاشم البشير
جامعة وادي النيل