بالأمس كان معظم محرري الصحف، موجودين بمكتب الناطق الرسمي، ينتظرون نفي الخارجية لما قاله الوكيل الموجود في لندن حالياً، عبد الله الأزرق، حول قضية المرتدة (أبرار) أو (مريم).
كيف يمكن لوكيل أو سفير أو حتى الوزير نفسه، أن يعلن إطلاق سراح (المرتدة) والأمر ما زال أمام القضاء؟ وهل الخارجية هي الجهة المخول لها الحديث إن كان حكم الإعدام سينفذ أم لا؟
بلا شك أن ضغوطاً كبيرةً تواجه الوزارة لمسائل ليست من صنع يدها، أو تمت عبر موافقتها، وهو ما جعل الخارجية تبدو وكأنها وزارة (للدفاع)، مهمتها الأساسية صد الهجمات المرتدة والدفاع (بالكلام).
لن نقسوَ عليها، رغم عدم اتساق التصريحات التي تصدر من منسوبيها، فالسفير عبد الله الأزرق، ذهب إلى بريطانيا مستشفياً، ويرى يومياً أكبر الصحف اللندنية أمامه، وهي تنشر صور (مريم) أو (أبرار) مع زوجها، ويقرأ القصص التي تقال عنها، ويبدو أنه سمع تهديد المملكة المتحدة بإمكانية إغلاق السفارة إن نفذ السودان الحكم الصادر على المرتدة، وهو ما جعله يعلن عن اقتراب موعد إطلاق سراحها خلال أيام، خوفاً من المستقبل المظلم المجهول.
الخارجية أصدرت بيانيْن توضيحييْن خلال يوميْن فقط. كان الأول متعلقاً بحديث الوزير علي كرتي، حول رفض السودان عرضاً إيرانياً لإقامة منصات للدفاع الجوي على شواطئ البحر الأحمر.
إن كان إبقاء الحديث كما هو عليه، يثير عدداً من التساؤلات؛ فإن نفي الخبر من الخارجية بات يرسم أشكالاً مختلفة من الحيرة والدهشة.
الخارجية باتت في حالة تصحيح لأخطاء داخلية تحدث من جهات مختلفة، وأخرى عارضة، تأتي عبر منسوبيها، الأمر الذي يؤثر على مهمتها المتمثلة بتمتين العلاقات إلى دور آخر يقتصر على تصحيح الأخطاء.
مواقف يومية باتت تصل إلى الخارجية من دول العالم، بعضهم يقول إن السودان ليس جاداً في مسألة الحوار، مدللاً باعتقال الصادق المهدي، وآخرون صنفوا السودان أنه لا يحترم حرية الأديان، مستشهدين بقضية مريم أو أبرار.
الأمثلة تكثر وتطول، والخارجية توضح وتصحح، وفي أحيان قليلة تنفي ما تقول.
لم يعد مقبولاً الآن لأي وزارة أو جهة، أو لأي سياسي أو مسؤول، أن يصدر بياناً أو نفياً، يذكر فيه أن (الحديث أُخرج عن سياقه ويتهم الإعلام ببتره وتشويهه)، في ظل وجود التسجيلات والكاميرات.
على أي جهة أن تتحمل أخطاءها، وعلى أي شخص، أن يدافع عن موقفه أو يعتذر عنه، فجلَّ من لا يخطئ أو يسهو.
بدا واضحاً في رصد تصريحات المسؤولين على مدار السنوات الماضية، اعتقادهم أن ما يقولونه في الخارج سيظل في الخارج، وما يدلون به في الداخل سيبقى في الداخل. لا بد من تصحيح هذا المفهوم الخاطئ، و(سمكرته) جيداً كما يفعل أبو بكر الصديق.
لينا يعقوب– السوداني