بثينة خليفة قاسم: وزير الخارجية السوداني وقدراته اللغوية

لأن تصريحات وزير الخارجية السوداني علي كرتي تصريحات غنية وجديرة بالتأمل وإعادة التأمل، فاسمحوا لنا أن ندون ملاحظات أخرى عليها في هذه الزاوية:
رغم أن وزير الخارجية السوداني قد نفى في تصريحاته اتهامات كثيرة مزعجة وجهت للسودان مؤخرا، خاصة ما يتعلق بالعلاقات مع المملكة العربية السعودية،

ورغم البلاغة التي يتصف بها وزير الخارجية السوداني دائما وقدرته في الرد على كل شيء، إلا أن ما نفاه وما أثبته في كلامه هذه المرة يعطي خلاصة واضحة ومحددة، وهي أن العلاقات السودانية مع إيران هي أفضل بكثير من العلاقات السودانية مع السعودية، هذا ما جاء بوضوح في كلام الوزير.
وبما أن السعودية ليس لديها مشكلات حدودية أو مائية أو غيرها من المشكلات مع السودان، فلا سبب لتضرر العلاقات بين البلدين العربيين سوى علاقات السودان مع إيران!

الوزير السوداني قال إن بلاده رفضت (عروضا) إيرانية لبناء منصات للدفاع الجوي على الجزء الغربي من البحر الأحمر كان يراد توجيهها ضد السعودية!
كلمة عروض بصيغة الجمع معناها تكرار الطلب ومعناها الإصرار من قبل إيران على نصب هذه المنصات وتوجيهها إلى السعودية، ومعناها أن إيران مصرة على الإضرار بالسعودية وتهديد أمنها: أليس كذلك يا سيد كرتي؟
ألا يدل ذلك يا سيد كرتي على أن العلاقات الحميمة والمصالح الكبيرة، بل والتغلغل الإيراني في بلادكم هو الذي شجع الإيرانيين على هذه العروض التي تدينكم أمام كل الدول العربية مهما حاولتم نفيها، ذلك النفي الذي يؤكد وجود مصيبة كبرى، وهي أنكم قبلتم أن تتناقشوا في مسألة كهذه مع دولة تسعى للإضرار بأمن السعودية؟

مجرد قبولكم المناقشة حول مسألة تضر بأمن دولة عربية مسلمة هو خطيئة يا سيد كرتي، وكل خطيئة لها أخوات، ولا ندري كم عدد أخواتها، فبالتأكيد هناك الكثير من أشكال التعاون والتنسيق بينكم وبين إيران، خاصة وأنكم كنتم مضطرين في تصريحاتكم إلى نفي أشياء كثيرة وخطيرة إن ثبتت، مثل قولكم ليس هناك خبراء إيرانيون في السودان، وليست هناك أسلحة إيرانية تعبر من السودان إلى أية دولة أخرى، وكذلك قولكم بشكل غير مباشر أن العلاقات مع إيران يجب أن تكون أفضل من هذا، خاصة وأنها دافعت كثيرا عن السودان في كل المحافل الدولية، إلى جانب اعترافكم بأن إيران تقوم بنشر المذهب الشيعي في السودان، ولكن ليس عن طريق الحكومة!
ما معنى أن تعرف الحكومة السودانية نشاطا كهذا ولا ترفضه لا بالقول ولا بالفعل، وتكتفي بالقول إن هذا النشاط لا يتم بإرادة حكومية؟
يبدو أن البلاغة النسبية لوزير الخارجية السوداني لم تعد تكفي للدفاع عن أوضاع سودانية لم تعد تسر صديقا أو تغيظ عدوا.

بثينة خليفة قاسم- صحيفة البلد البحرينية

Exit mobile version