** سكان عاصمة البلد، منذ أسبوع ونيف، وإلى يومنا هذا، بعضهم يشرب كدراً وطيناً، والبعض الآخر لايجد حتى (الكدر والطين)، ويتظاهر بعد صلاة التراويح، أو كما فعل أهل الصحافة وسوبا ليلة الجمعة الفائتة..لقدعجزت هيئة مياه الخرطوم عن توفير المياه، وكذلك عجزت عن تثبيت لون ورائحة وطعم المياه في وضعها الفيزيائي بحيث تكون بلا لون وبلا طعم وبلارائحة، أو كما درسونا في علوم الإبتدائية..ذاك الدرس لم يعد يناسب واقع مياهنا في أزمنة التلوث هذه..لقد تلونت مياه الخرطوم بلون رمادي ذي شوائب وطعم يكاد يغنيك عن الملح ..واليوم، بأحياء الخرطوم، إذا قدمت لضيفك كوبا من الليمون يتجرعه بتلذذ بمظان أنك أكرمته بكوب من ( العرديب)..هكذا حال مياه الشرب في (عاصمة البلد)..والسكان على هذا التلوث من الصامتين ( صمت القبور)..ولم يخرج إليهم واليا أوزيرا ليوضح لهم ما يحدث، أو حتى ناصحا إياهم بلسان حال تلك الملكة : ( ليه ما بتشربو موية معدنية، لو موية المواسير ملوثة؟)..!!
** آخر تبرير ساذج لتلوث مياه العاصمة، جادت به عبقرية هيئة مياه الخرطوم قبل عام، وكان فحواه : ( الروائح والألوان التي ظهرت في مياه الشرب ظاهرة طبيعية، وهي ناتجة عن توالد الطحالب، وهي كائنات عضوية غير ضارة تتوالد دائما في هذا الموسم، ولاتوجد أية ملوثات في المياه ) ..هكذا كان تبرير هيئة مياه الخرطوم لرمادية المياه..صدقنا تبريرها الفطير ذاك، وتجرعنا الطحالب بكل تفاصيل توالدها و(وليداتها)..وكدنا نقدم لضيفوفنا الأجانب كوب العصير دون أن ننسى تنبيههم بأن يباركوا للطحالب التي تتخمض أو تتوالد في قاع الكوب..أوهكذا نكون قد رفعنا الحرج عن أنفسنا ونكون قد أفدنا ضيوفنا بمعلومة مفادها: لحكومتنا رحمة تتجاوز رعيتها بحيث تظلل الكائنات التي تتوالد في مياه شربنا، إنها رحمة الحكومة التي قد تتمدد في المستقبل و ترعى أنجال الطحالب بمجانية التعليم والصحة التي لاتحظى بها الرعية..توالد الطحالب لحد تعكير المياه تبرير ساذج ..!!
** على كل، كان ذاك تبرير العام الفائت، ولم يقنع حتى عقول الديوك، ناهيك بأن يقنع عقول الناس..وللأسف، لم تُحمَل هيئة الخرطوم الطحالب مسؤولية تعكير صفو المياه إلا بعد أن حذرت السفارة البريطانية رعاياها بعدم إستخدام مياه الخرطوم في الشرب ونظافة الأسنان، وذلك بعد أن أثبت فحصا معمليا في بريطانيا تلوث مياه الخرطوم ب(البكتريا الفيلقية)، أوهكذا حذرت السفارة جاليتها، والتحذير موثق..بعد التحذير، هرعت الهيئة إلى الصحف بذاك التبرير الغريب، ثم قالت بالنص : ( سنأخذ عينات من مياه السفارة ونفحصها في معمل إستاك للتأكد من سلامة مياه الخرطوم )..تأملوا، فحصت السفارة مياه عاصمتنا في معامل بريطانيا وكشفت محتواها ( بكتريا فيلقية)..ومع ذلك، كابرت الهيئة وقالت : ( أنسوا معامل بريطانيا، أنا بفحصا ليكم في معمل إستاك )..فحصت أم تفحص، ليس مهماً..مع العلم إنها لم تعرض للناس نتائج الفحص ..!!
** المهم لم يتغير الحال، فالمياه لاتزال (ملوثة جداً)، وكذلك أحياء بالخرطوم تحلم حتى بتلك الملوثة..لقد إستبشرنا خيراً بدمج فاتورة المياه مع فاتورة الكهرباء، بمظان أن التحصيل الكامل للرسوم وزيادة الإيرادات قد تساهم في تحسين الخدمة..ولكن، للأسف خيبت الهيئة الظن..نعم إرتفعت إيراداتها بعد دمج فاتورتها مع فاتورة الكهرباء، ولكن خدماتها – ومحطاتها – لاتزال تضخ في بطون الناس ( التلوث)..وبالتأكيد، التبرير المرتقب لسادة الهيئة، إن لم يكن ( الطحالب بتتوالد)، فهو( الشبكات مضروبة)..وكأن أموال الناس و البلد ليست ل ( مكافحة الطحالب وإصلاح الشبكات) ..أي، كأنها لم تعد تصلح لغير (النهب و التبديد) ..!!
[/JUSTIFY]
إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]