اشرف عبدالعزيز : متى نتوقف عن التحذير والنفير وتعزيز ثقافة الخوف

[JUSTIFY]كثر الحديث هذه الأيام عن أن (الواتس آب) بات مهدداً أمنياً والسلطات تدرس طرقاً للتحكم فيه، ويبدو أن منصات الدفاع لا تنجح مع (الواتس) كما تحاول كتائب (الجهاد الإلكتروني) والتي يحلو للناشطين تسميتها بكتائب (الجداد الإلكتروني) الدفاع بقوة عن الرؤية الحكومية ولو استدعى ذلك استخدام (الهكر) كسلاح.

* من الواضح أن المشكلة لا تكمن في مستوى الخصوصية، فالإنترنت عالم مفتوح يصعب حتى على مخترعه ضمان حجم انفتاحه واختراقه، كما أننا ومنذ وعينا على الدنيا ونحن نعيش على تلك التحذيرات من ذلك الغزو المُبهم الشكل والمصدر الذي يُوشك أن يَخترق عقولنا وقلوبنا وليس فقط عُقر دارنا، والنتيجة عقلية تتربّع عليها ثقافة الخوف والحذر من كل جديد مع استمرارية في استخدام أدوات ذلك الغزو بدون أي محاولات جادة لصنع الفرق الحقيقي الذي يجعل واقعنا أكثر أمنًا ويجعلنا (متمكنين من تمكين) مادياً وتكنولوجياً لنتحكم في مستقبلنا.

*مخترع الـ(واتس آب) “جان كوم” نفسه ترعرع في بيئة لا تحترم الخصوصية، ليس فقط فقيرة، بل طاردة ومنتهكة لأبسط حقوق الإنسان (أوكرانيا)، وبمجرد أن انتقل إلى بيئة مختلفة (أمريكا)، بيئة بغض النظر عن سلبياتها فهي بيئة داعمة للابتكار والإنتاجية استطاع أن يصنع فرقاً.. فاخترع برنامجه الخاص الذي يشجّع ويتيح التواصل المنفتح وبدون إعلانات، هكذا أراده، برنامج بدون إعلانات مُزعجة تقتحم مساحته الخاصة، فصنع الفرق في واقعه وواقع الآخرين وامتلك القدرة على التحكّم بمستقبله، فانتقل من شخص غير مرحّب به كموظف عادي، إلى ملياردير وشريك غير عاديّ في الشركة نفسها التي لم يُقبل فيها كموظف.

* مهما كانت البدائل المقترحة كبديل عن تلك البرامج أو الأدوات التي (تغزونا) وتنتهك خصوصيتنا ستظل الفجوة الكبيرة موجودة، في كوننا مجرد مُستَخدَمين أي يَستخدمنا الآخرون وتحكمنا ردود الأفعال تجاه أفعالهم، ولن يملؤها سوى قدرتنا على الفعل وعلى تهيئة البيئة المناسبة لدعم الفعل الإيجابي المنتج .

* متى نتوقف عن التحذير والنفير وتعزيز ثقافة الخوف من كل جديد، ولا نعزّز الدعوة لإنتاج الجديد المنافس، فالتخويف من شيء نحن مضطرون للتعامل والتعاطي معه يسبّب الإعاقة النفسية لأبنائنا ويجعلهم يشعرون بالعجز المحكم، خصوصاً وهم يروننا نتعامل وننغمس في التعاطي مع ذلك الشيء المخيف.

* كذلك يجب أن لا تلجأ السلطات لأبسط الحلول وأسهلها (الواتس آب) مهدد أقفلوه (بالضبة والمفتاح) هذا لا يجدي ولن يزيح التهديد ومن الملاحظات كنت أسير بالقرب من شباب إبان انتفاضة سبتمبر ضد زيادة أسعار المحروقات ويبدو أنهم يستخدمون (الواتس آب) في الاتصال بينهم أحدهم سأل الآخر (يا اخي الواتس قطعوه) فرد عليه بتلقائية (إنت عوير غيِّر الدولة وخش)!!

صحيفة الجريدة
ع.ِش

[/JUSTIFY]
Exit mobile version