منصات الدفاع الإيرانية المرفوضة من قبل السودان يعاد تدويرها في الصحافة الدولية والمحلية

[JUSTIFY]تبارت العديد من الصحف المحلية يوم أمس في نشر تصريحات منسوبة لوزير الخارجية علي كرتي، نقلا عن صحيفة الحياة اللندنية التي أجرت حواراً مع الوزير أثناء زيارته للرياض العاصمة السعودية قبل أسبوعين، ونسبت هذه الصحف لوزير الخارجية قوله: إنّ السودان رفض عرضا إيرانيا لبناء منصات صواريخ على ساحل البحر الأحمر ضد السعودية. وجاءت جزئية إجابة وزير الخارجية في حوار صحيفة الحياة بالنص كما يلي: “وإيران في الحقيقة قدمت عرضا لإقامة منصات للدفاع الجوي على الشاطئ الغربي للبحر الأحمر ولكن السودان رفض هذا.. الأمر يتطلب وجود خبراء أسلحة إيرانيين بالسودان ورفضنا ذلك لأنه وجود إيراني ضد السعودية”.وكما يتضح من فحوى هذا الحديث فإن بناء منصات صواريخ الدفاع الجوي كان بغرض التصدي للهجمات الإسرائيلية بعد ضرب مصنع اليرموك، لا لكون الصواريخ في الأصل موجهة ضد السعودية.
بالنسبة لأبوبكر الصديق، الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية، فقد استفسرته (اليوم التالي) بالأمس عن صحة ما تم نقله في الصحف، والذي بدوره أوضح لنا أن ما تم نقله غير دقيق، وطالب الصحيفة بالرجوع إلى نص الحوار، قبل أن تصدر وزارته بيانا نفت فيه تماما أن يكون حديث الوزير قد أشار إلى أن عرض الصواريخ الإيرانية كان موجها للسعودية، مشيرة خلاله إلى أنّ إفادات الوزير في الحوار المذكور ترمي إلى القول بأنّه في أعقاب الهجوم الإسرائيلي على مصنع اليرموك في أكتوبر 2012، وضمن خيارات تعزيز المقدرات الدفاعية للبلاد طُرح خيار قيام منصات دفاعية إيراني الصنع على الساحل السوداني من البحر الأحمر، وقد استبعد هذا الخيار حتى لا يساء فهم دوافعه من بعض دول الخليج”، وأضاف البيان “إنّ حديث وزير الخارجيّة لم يتضمّن أبداً الإشارة إلى أنّ هذه المنصات ستكون موجّهة للمملكة العربية السعودية، وقد كان حديث وزير الخارجيّة عن منصّات دفاعيّة غرضها حماية سواحل البلاد وليس منصات هجومية يمكن أن توجّه ضدّ أيّ دولة أخرى”.
وكانت العديد من الصحف قد احتفت بتصريحات الحياة، وعدّتها سبقا صحفياً، في حين أنّ هذا الخبر بالتحديد سبق وأن انفردت به (اليوم التالي) قبل ستة أشهر، وبالتحديد في يوم 3 نوفمبر 2013، عندما أجرت الصحيفة حوارا مطولا مع وزير الخارجية علي كرتي، ونشرته على مدى أربع حلقات، وانفردت به في عنوان رئيس وبالخط الأحمر، جاء فيه: “السودان يرفض عرضا إيرانيا لبناء منصات دفاع ضد الهجمات الإسرائيلية”، وأكد خبر (اليوم التالي) في تفصيله يومها أن وزير الخارجية علي كرتي “كشف أن السودان رفض عرضا تقدمت به إيران بعد الضربات الإسرائيلية لبناء منصات دفاع صاروخية وأجهزة للدفاع عن السودان والتصدي للهجمات الإسرائيلية في شرق السودان. وأضاف أن السودان رفض العرض رغم أذى إسرائيل واختراقها الأجواء السودانية ووصولها إلى ضرب مستودعات أسلحة وذخائر. وقال إن العلاقة مع إيران لن تكون على حساب الدول العربية، موضحا أنها لا تتعدى التعاون في العمل العسكري غير الموجه ضد أي دولة عربية”.
الجزئية عاليه تحديداً هي التي صوبت أنظارنا تلقاء وجهة أخرى من الحوار ليتم انتقاء إفادات كرتي حول مستقبل العلاقة مع مصر والمقاربة المبذولة من قبل وزير الخارجية بين عهدي مرسي، والرئيس السيسي، حيث أن مؤشرات الإفادات المبذولة من قبل وزير الخارجية خلال حوار الحياة اللندنية تشير لتوجهات عملية تمضي لإرسائها وزارة الخارجية السودانية خلال الفترة القادمة فيما يلي شق العلاقة مع مصر بعيد انتهاء الانتخابات المصرية، ما جعل حاسة الانتباه الصحفي في قسم الأخبار تهمل الجزئية لتعمل في اتجاه أكثر الإفادات الأخرى حساسية، خصوصاً في ظل أسبقيّة إنفراد نوفمبر الماضي، المشار إليه، والذي قزّم من خيار التعامل مع خبر منصات الدفاع الإيرانية. الجدير بالذكر أنّ انفراد (اليوم التالي) كانت قد تناقلته الكثير من وكالات الأنباء العالمية والإقليمية يومها، وبكثافة، وهو ما لم تفطن له العديد من الصحف الأخرى التي تلقّفت تصريحات (الحياة)،
إذن المؤكّد الآن بحسب بيان الخارجية أنّ حديث وزير الخارجية لم يتضمن الإشارة إلى أن هذه المنصات ستكون موجهة نحو السعودية، تماماً مثلما أنّ الخبر يتعارض أصلاً مع طبيعة هذه المنصات لأنها دفاعية في المقام الأول وليست هجومية، لذا لا يمكن أن تكون موجهة ضد أحد، كما أن إفادات الوزير تروم القول أن وجود خبراء عسكريين لتشغيل هذه المنصات سيكون عملاً من شأنه أن يقرأ بأنه موجه ضد السعودية، وهو ما حدا بالسودان لرفض العرض حتى لا يساء فهم دوافعه من قبل بعض دول الخليج.. بالمجمل كل الإشارات تروم القول بأنّ السودان قدم تنازلا كبيرا في سياسته الخارجية لتحسين علاقاته مع دول الخليج وتوطيدها برفض العرض الإيراني، لأنه حسب قول وزير الخارجية في حواره مع (اليوم التالي) في نوفمبر المنصرم: “علاقتنا مع إيران لم ولن تكون على حساب دول الخليج”.

صحيفة اليوم التالي
أ.ع

[/JUSTIFY]
Exit mobile version