في الوقت الذي تناقلت فيه صحف كويتية محلية أن وزارة الداخلية تسعى لإيجاد حل للحرج الذي يبديه المجندون من الرجال في الكويت بأداء التحية العسكرية لضابطات نساء، نفى مسؤول كويتي لـ”العربية.نت” صحة التقارير التي تحدثت عن منح الضابطات بدل تحية عسكرية من قبل زملائهن الذكور ومقداره 50 ديناراً.
وتشهد الكويت حالة من الخلاف حول التحاق المرأة بالسلك العسكري، حيث يرى إسلاميون أن دخول المرأة السلك العسكري أمر غير مرغوب فيه، بينما يؤكد آخرون أن هذا حق مكفول من القانون والدستور، وتطور الخلاف بتصريح رئيس رابطة علماء الشريعة في دول مجلس التعاون الخليجي الدكتور عجيل النشمي ذكر فيه أن “تحية الرجل للمرأة العسكرية الأعلى منه رتبة مخالفة للعرف قبلياً وحضرياً”.
وكانت صحيفة “الجريدة” الكويتية ذكرت منذ ايام أن “وزارة الداخلية تسعى إلى إيجاد حل لهذه المعضلة عبر توجهات منها منح الضابطات بدل تحية مقداره 50 ديناراً، مع عدم إلزام الافراد بتحيتها عسكرياً، أو إيقاع العقوبات الإدارية على المخالفين، وهو ما سيؤدي إلى عزوف الأفراد عن الالتحاق بالسلك الشرطي ما يؤدي الى إيقاع الوزارة في مأزق أشد وطأة من المأزق الحالي”.
إلا أن المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية الكويتية العقيد محمد الصبر قال في تصريح خاص لـ”العربية.نت” إن ما نشر حول توجه وزارة الداخلية لإعطاء الملتحقات بالسلك العسكري بدل تحية يقدر بـ50 ديناراً نظير عدم تلقيهن التحية العسكرية من الرتب الأدنى عار تمام عن الصحة، مشدداً على أن وزير الداخلية أكد في أكثر من مناسبة أن المرأة المنتسبة لوزارة الداخلية تعامل مثل إخوانها الرجال. وأوضح الصبر أن التحية العسكرية تقدم إحتراماً للرتبة وليس للأشخاص.
رفض حقوقي
يذكر أن القضية تفجرت منذ نحو أسبوع عندما نقلت جريدة “الوطن” الكويتية عن عجيل النشمي رئيس رابطة علماء الشريعة بدول مجلس التعاون الخليجي قوله “إذا أردنا دخول المرأة في السلك العسكري فلندخلها على سبيل الاستثناء كالحاجة إلى التفتيش على النساء في المطارات والحدود والسجون, وفي غير حالات الاستثناء أمر غير مرغوب”.
وقوبل رأي النشمي برفض من الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان التي أصدرت بياناً أكدت فيه أن إلتحاق المرأة بالسلك العسكري مضى عليه قرابة عامين، معتبرة أن “تلك الفتوى لا أساس لها في مبادئ الدين الحنيف وتتنافى مع مبادئ ونصوص العدالة والمساواة التي يعتمدها الدستور الكويتي الصادر في عام 1962”.
وتابع البيان “في الوقت الذي تتقدم فيه البلاد نحو التحضر والتطور والاستفادة من جهود المرأة في مختلف القطاعات والأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والأمنية تظهر مثل هذه الفتاوى لتشوه صورة البلاد وتعطل تنميتها الإنسانية. ونؤكد أهمية التصدي لمثل هذه الأطروحات غير السوية وأن نتعامل معها بما تستحق من حزم, ونطالب أجهزة الدولة والسلطات الحكومية بأن تواجه هذه الأمور بما يليق بها من اهتمام وتعمل على ألا يصدر أفراد فتاوى لا تتوافق مع تعاليم الدين الإسلامي الحنيف ولا تتفق مع قيم البلاد الدستورية وقيم حقوق الإنسان والمبادئ التي تحترم المرأة وأوضاعها وحقوقها في العمل”.
وبدورها ذكرت نائبة رئيس مجلس إدارة الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان مها البرجس أن التحاق المرأة بالسلك العسكري حق كفله الدستور والقانون الذي يجب أن يطبق على الجميع.
وشددت البرجس في تصريحات خاصة لـ”العربية.نت” على أنه لا يجوز إصدار فتاوى ليس لها أي سند شرعي وإنما تستند إلى العادات والتقاليد، معللة ذلك بأنه “إذا استند كل شخص إلى عاداته وتقاليده فسنعيش في غوغائية كما يحدث في مجتمع الغاب”.
وانتقدت البرجس التيار الإسلامي في الكويت “كونه يهتم بالشكليات ولا يستند إلى أسس شرعية”، موضحة أن “المرأة ليست ناقصة عقل أو دين، والمجتمع سوف يتقبل انخراطها في السلك العسكري بمرور الوقت، حيث إن كل المجتمعات بما فيها المنفتحة منها تحتاج لبعض الوقت لقبول الأمور المستجدة”.
وأضافت “يجب أن نستند في خلافتنا إلى الدستور والقانون وليس الدين الذي لا يجب إقحامه في كل شيء، فالدين الإسلامي يسر وليس عسراً”.
ونفت البرجس أن تكون الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان مدافعة عن التيار الليبرالي فقط، موضحة أن الجمعية تنتقد كل الانتهاكات بغض النظر عن التوجهات السياسية، ولا يرهبها الانتقادات التي توجه من التيار الإسلامي، كون من يتصدى للعمل الحقوقي يجب ألا يخاف.
العنزي: المرأة عورة
من جانبه ذكر أستاذ الشريعة الإسلامية الدكتور سعد العنزي أنه لا يجوز انخراط المرأة في السلك العسكري إلا في حال الضرورة القصوى مثل اندلاع الحروب، مشدداً على أن يكون دورها مقتصراً على تقديم المساعدات الطبية أو الخدمات المساندة وليس القتال شريطة أن تكون بعيدة عن الاختلاط بالرجال.
وذكر العنزي في تصريح خاص لـ”العربية.نت” أن التحية العسكرية لا أصل لها في الشريعة الإسلامية، مضيفاً أن المرأة في حد ذاتها عورة ولو منعنا التحاقها بالسلك العسكري لكان ذلك أفضل، كون هذا الأمر لا يتناسب مع جسدها ومؤهلاتها فمكانها الطبيعي المنزل.
وأضاف “لقد ابتلينا بتقليد الغرب في ما يتعلق بالمساواة بين المرأة والرجل ووضعها في البرلمان والوزارة، وهذا كله مخالف للشريعة الإسلامية كونه ولاية عامة. مسألة أن المرأة رفيقة الرجل تحتاج إلى إعادة نظر”.
العربية نت