خالد حسن كسلا : «حلايب» في آخر تصريح رسمي

[JUSTIFY]في أول تصريحات للسفير المصري الجديد بالخرطوم حول قضية احتلال مثلث حلايب، قال إن أزمة حلايب سببها بعض الإعلاميين في البلدين. وطبعاً هذا التصريح يبقى «قشورياً» لو جاز التعبير، فهو يلمس فقط قشرة القضية ولا يهتم بجوهرها. فإذا افترضنا أن بعض الإعلاميين هؤلاء في البلد صمتوا تماماً وكفوا عن تناول القضية، فهل هذا يعني للسودان عودة أرضه إليه من تحت الاحتلال المصري؟! أم أن دبلوماسية السفير في تصريحاته تعني أن يستمر الاحتلال لحلايب بالصمت الرهيب، باعتبار أن الأزمة ليست هي احتلالها وإنما الحديث عن احتلالها؟! إن السفير المصري الجديد السيد أسامة شلتوت لا ينبغي أن يقحم قضية حلايب في تصريحاته الدبلوماسية، وهذه القضية المستفزة جداً لا يمكن أن تكون ضمن البرنامج الدبلوماسي للسفير المصري، فهي ليست مثل قضية محاولة اغتيال مبارك يمكن معالجتها بالتصريحات الدبلوماسية أو بالتسوية، وإنما هي قضية سيادة، والأنسب أن تعرض على المؤسسات الدولية المعنية. وكان الأفضل أن يقول السفير حول مسألة حلايب إذا طرح عليه سؤال بأن هذه القضية تبقى خارج سياق العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وبالتالي ليس من المناسب أن يتحدث حولها السفير.

وإذا كان السودان يرفض احتلال حلايب ويسعى بالطرق السلمية إلى استردادها وفي نفس الوقت يضاف مبدأ استمرار احتلالها إلى حملة السيسي الانتخابية، فإن هذا يعني أن تستمر الحرب الإعلامية حول البلدة السودانية المحتلة، فهل الأزمة إذن في التناول الإعلامي أم في «الاحتلال»؟!. نعلم ونرى أن مصر تتعامل مع السودان بوجهين، وجه دبلوماسي لا يخلو من النفاق ووجه عسكري تحتل الأراضي السودانية ويعتقل السودانيون به على الحدود وكأنهم إسرائيليون، بل إن الإسرائيليين يجدون المعاملة الأفضل.

نعم لا بد من أن تكون بين السودان ومصر علاقات دبلوماسية وتجارية واستثمارية جيدة جداً، لكن هذا لا يعني بالضرورة التنازل عن سيادة الأرض التابعة لجغرافيا القطر السوداني. ومصر نفسها خسرت العرب ووقعت على اتفاقية كامب ديفيد بملحقاتها السرية مع دول العدو الصهيوني، وكل هذا كان في سبيل استرداد أرضها، فقد استردتها بثمن أغلى منها. والآن السودان يريد أن يسترد أرضه دون أن يكون ذلك مقابل خسارة العلاقات مع مصر، فالموقف السوداني الرسمي أراه يحتكم لحكمة لا تفريط ولا إفراط.. في التعامل مع قضية احتلال حلايب.

تعود حلايب بالتي هي أحسن بواسطة المؤسسات الدولية المعنية بشأنها، وتستمر العلاقات بين البلدين وتمضي نحو الأفضل.
تستمر العلاقات الاستثمارية رغم انسحاب مجموعة القلعة الكبرى.. قرابة تسعة مليارات دولار حجم الاستثمارات المصرية في السودان وسبعمائة مليون دولار حجم التبادل التجاري بين البلدين، ونعلم أن حجم الاستثمارات هذا قد بدأ نموه منذ عام ألفين، أي بعد قرارات الرابع من رمضان الشهيرة، وهذه الاستثمارات المصرية تبقى واحدة من ايجابيات تلك القرارات لأنها صدرت في الثاني عشر من ديسمبر عام «1999م». لكن سر احتلال حلايب يقول إنها لا تساوي شيئاً بالمقارنة مع ما في جوف أرض حلايب. لذلك كانت عملية التمصير.

يقول السفير المصري الجديد شلتوت إنه سيتم التركيز في العلاقات بين البلدين على الملف الاقتصادي. وطبعاً هذه هي مشكلة السودان حالياً، ولكن لا يمكن أن يُسمح بأن تكون المداعبة بالملف الاقتصادي تحذيراً للسودان لصرف النظر عن قضية احتلال حلايب. فإذا كان السودان فقيراً وترى مصر أنه في حاجة إلى انعاش اقتصادي خاصة بعد انفصال الجنوب برغبة أهله، فإن فقر السودان لا يعني إتاحة الفرصة للتنازل عن أرض حلايب، أو التنازل عن المنفعة التي يمكن أن يكسبها من «سد النهضة». إن السد يقلل من فقره وأرض حلايب تدعم مستقبلاً اقتصاده. وكله مفهوم يا سعادة السفير. لكن مستشار والي ولاية البحر الأحمر آدم محمد عثمان أدروب كان آخر تصريح له قبل ثلاثة أيام حول قضية احتلال حلايب يقول بأن المصريين أنفسهم يعلمون أن حلايب سودانية وأنها أرض أجدادنا. ونقول لسعادة السفير المصري هذه ليست تصريحات إعلاميين وإنما تصريحات رسمية فكيف سترد عليها بصفتك في موقع رسمي؟.

صحيفة الإنتباهة

[/JUSTIFY]
Exit mobile version