قضايا اغتصاب الاطفال في المقدمة… عندما يموت البعض بسلاح (الصمت)..!

[JUSTIFY]ككل أبناء آدم الذين يتساءلون عندما يدركون، كيف جئنا إلى الدنيا…؟؟…هكذا ابتدرت الفتاة ذات الثماني أعوام حديثها مع والدتها بعد أن تأملت الصغيرةُ نفسها وما حولها قائلة: ماما كيف جئتُ إلى الدنيا..؟؟ وجمت أمُها ولاذت بالصمت، ثم صرفتها بالحديث عن واجباتها المدرسية…وفي المدرسة انتشر حديثٌ ما بين الطالبات حتى وصل إلى آذان المعلمات، فأسقط في أيديهن…كيف يحدثُ ذلك..؟؟ من أين أتت بهذا الحديث…؟؟ هذا لا يحدثُ إلا بين الأزواج…!!! ، ويتمُ استدعاء الطالبة الصغيرة التي كانت تسأل أمها عن كيف جاءت إلى الدنيا..؟؟ يُجلسنها المعلمات ويمنحنها الأمان: تحدثي، أخبرينا بما حدث معك…تجلس الصغيرة لتحكى عن ابن عمها الذي يستأمنهُ أهلها عليها، والذي فعل بها ما فعل، ويسألنها كم مرة حدث ذلك الأمر..؟؟ فتجيبُ كثيرًا، ويسألنها: أين والداك..؟ لم لم تخبريهما..؟؟ فتقول: قال إن لا أفعل ذلك لأن أبي سيقتلني وقد يقتل أمي أيضًا وأنا أخاف أن يفعل ذلك، أخبرني أن لا أحدّث أحدًا بما يفعل معي…ما الذي يحدثُ معي…؟؟…وتلوذ المعلمات بالصمت، يعتريهن الخوف حيال فكرة الموت والأب ويخشين على أنفسهن، وكيف يخبرن أسرتها بذلك..؟؟…يحذرنها من الحديث إلى الطالبات بهذا الشأن ويصرفنها ويلُذن بالصمت إلى الأبد…تمر السنين وتكبرُ الصغيرة وتُحب، ذلك الورم مجددًا ويقترب ميعاد زفافها ويتملكها الخوف، لقد كبُرتَ لكنها لم تكن تدري أن كان ما حدث لها في الصغر حقيقةٌ، أم خيال، أم هي هواجس كل فتاة…؟؟…ماذا سيحدثُ أن لم أكن عذراء وتغمض عينيها وتهز رأسها بشدة لالا، أنا لم يمسني أحد، وتنام وتتراءى لها تلك الأحداث في الصغر، وتنهض ولا تدرك أن كانت كوابيس أم رؤيا…ويحين موعدُ الزفاف وتسلم نفسها للبارئ وتطرح كل ظنونها خلفها، بعد أن حاولت كثيرًا دون إتمام زفافها لكن شريكها لم يكن ليتنازل عنها…الأول من تموز يتصدرُ نبأُ موت عروسان الصحف…قام الزوج بإطلاق خمس رصاصات في قلب زوجته، ربما خمسٌ هي بعدد سنوات حبهما، وواحدةٌ في رأسه ليموت بعدها، وربما أطلقها على عقله الذي صدقها يومًاما…تُنكّس الرؤوس كما الأعلام حدادًا وتُنصب خيم الأحزان لأعوام عديدةٍ من بعدهما والكل يتساءل عن قصةِ حبٍ جارف انتهت بالموت…وجميعهم يبحثون عن الجانى في القضية وهم لا يعلمون حقيقة الجاني ولا يعملون حتى أنه ليس هناك جانٍ فالكل هنا مجنيٍ عليه والكل هنا ضحايا تحت سقفٍ واحد (سقفُ الصمت).
ابعاد نفسية:
يشير الباحثون الإجتماعيون إلى وجود أبعاد نفسية واجتماعية عديدة تنتج عن اغتصاب الأطفال ومنها نفسيات الأطفال الغضة فإن الطفل المغتصب يحتاج لترميم شخصيته التي اهتزت جراء الشعور بالرعب والخوف ، كما أن الاغتصاب يصيب الطفل بالكوابيس المزعجة والإكتئاب وقد تؤدي الصدمة العصبية التي يتعرض لها الطفل إلى موته ، كما أن العديد من الإصابات الجسدية قد تستدعي التدخل الجراحي لعلاجها، وقد أظهرت الدراسات التي أجريت على الأطفال المعتدى عليهم وأسرهم أن عدداً كبيراً من المشاكل النفسية التي يعاني منها هؤلاء الأطفال لها صلة مباشرة بالاعتداء الجسدي الذي تكابدوه، فمقارنة بغيرهم يعانى الأطفال المعتدى عليهم مصاعب أكبر في التحصيل الدراسي والسيطرة على الذات وبناء الشخصية وتكوين العلاقات الاجتماعية. وقد برهنت دراسة أمريكية حديثة قارنت بين الأطفال المعتدى عليهم والأطفال الآخرين على النتائج السلبية المزمنة للاعتداء الجسدي، فالأطفال المعتدى عليهم ـ حسب الدراسة ـ يعانون مشاكل أكبر في المنزل والمدرسة ومع أقرانهم وفي المجتمع ككل. فنفسية الطفل المعتدى عليه غالبا ما تكون مرتعا للاضطرابات العاطفية، فهو عادة ما يشعر بنقص الثقة في النفس والإحباط وربما انعكس ذلك في مظاهر نشاط مفرط أو قلق زائد. والكثير من هؤلاء الأطفال الضحايا يبدون سلوكاً عدوانياً تجاه أشقائهم أو الأطفال الآخرين، ومن المشاكل العاطفية الأخرى التي قد يعانيها هؤلاء الأطفال الغضب والعدوانية والخوف والذل والعجز عن التعبير والإفصاح عن مشاعرهم. أما النتائج العاطفية طويلة الأمد فقد تكون مدمرة لشخصية الضحية، فهذا الطفل حين يكبر عادة ما يكون قليل الثقة بذاته، ميالا للكآبة والإحباط، وربما انجرف في تعاطى الكحول أو المخدرات، فضلاً عن تعاظم احتمالية اعتدائه الجسدي على أطفاله في المستقبل.
ابعاد اجتماعية:
أما التأثيرات الاجتماعية على الأطفال المعتدى عليهم جسداً فهي الأقل وضوحاً، وإن كانت لا تقل عمقا أو أهمية. وقد تشمل التأثيرات الاجتماعية المباشرة عجز الطفل عن إنشاء صداقات مع أقرانه وضعف مهاراته الاجتماعية والمعرفية واللغوية وتدهور ثقته في الآخرين أو خنوعه المفرد للشخصيات التي تمثل سلطة لديه أو ميله لحل مشاكله مع الآخرين بالعنف والعدوانية، وبعد أن يكبر هذا الطفل ترتسم التأثيرات الاجتماعية لتجارب الاعتداء المريرة التي تعرض لها في طفولته على علاقاته مع أسرته من جهة ومع المجتمع ككل من جهة أخرى، وقد أظهرت الدراسات أن فرص المعتدى عليهم صغارا أوفر في متاهات الأمراض العقلية والتشرد والإجرام والبطالة كبارا ولكل ذلك بالتالي آثاره المادية على المجتمع ككل لما يقضيه من تمويل وإنشاء برامج الرعاية الصحية والتأهيل والضمان الاجتماعي لاستيعاب هؤلاء، فذلك هو الثمن الباهظ الذي يدفعه المجتمع لتقاعسه عن التصدي لهذه الظاهرة، وتشير التقارير إلى أن 80 % من حالات الاعتداء على الأطفال يتم التك

صحيفة السوداني
خ.ي

[/JUSTIFY]
Exit mobile version