رغم أنّ الدعوة وجهت لنا متأخرة في يوم عمل مزدحم، حرصنا كما حرصت كوكبة من رموز الطيف السياسي في المعارضة على تلبية الدعوة التي وجهها الإمام الصادق المهدي لعشاء عمل بمنزله بحي الملازمين مساء أمس الأول.
* الدعوة كانت على شرف ختام المحادثات بين بلدي السودان، وكان المقرر حضور النائب الأول لرئيس الجمهورية الأستاذ علي عثمان محمد طه ونائب رئيس حكومة جنوب السودان رياك مشار في الثامنة مساء، إلا أننا ظللنا جميعاً في انتظار انتهاء المؤتمر الصحفي الذي انتهى العاشرة مساءً، بعدها جاء نائب رئيس حكومة جنوب السودان والوفد المرافق له وطاقم سفارته بالخرطوم بقيادة السفير ميان دوت.
* لاحظنا منذ البدء أن الحضور كان يمثل غالب القوى السياسية وفي مقدمتهم رموز الحركة الاتحادية بمختلف فصائلها، والحزب الشيوعي السوداني وحزب المؤتمر الشعبي والبعثيين بتياراتهم المختلفة، ظلوا جميعاً متحلقين حول الإمام الصادق المهدي الذي حرص على شكرهم والاعتذار لهم عن تأخر الضيوف، فيما لفت مساعد رئيس الجمهورية المسؤول على ملف الجنوب في الرئاسة العقيد عبدالرحمن الصادق الحضور بانشغاله في ترتيب بعض الأوراق ومراجعتها أكثر من مرة قبل أن يشرع في اتصالات هاتفية لمتابعة ما يجري في ختام المفاوضات، إلى أن أعلن عن ختام المؤتمر الصحفي وتحرك الضيوف إلى دار الإمام بالملازمين.
* حرص كل الحضور على تحية النائب رياك مشار والوفد المرافق له قبل أن يتحدث الإمام عن مباركتهم جميعاً لما تم من اتفاق، وأن رموز المعارضة الذين لبوا هذه الدعوة أكثر حرصاً على تعزيز العلاقات الطبيعية بين بلدي السودان، و”حلحلة” كل المسائل العالقة لصالح المواطنين السودانيين في الشمال والجنوب، ودعا الامام الصادق المهدي إلى قيام منبر شعبي في الدولتين لتمتين العلاقات الإنسانية والاقتصادية عبر الحراك الشعبي الذي لم ينقطع أصلاً خاصة في مناطق التمازج.
* نائب رئيس دولة جنوب السودان رياك مشار حيّا الحضور وشرح لهم ما تحقق من اتفاق يحرصون على تنفيذه رغم عوامل عدم الثقة التي قال إنه يمكن تجاوزها ، خاصة وإن الحراك الشعبي وسط المواطنين المتداخلين في مناطق التمازج على الحدود لم يتأثر بقيام دولة جنوب السودان، فيما تأثر فقط أهل الحضر الذين يحتاجون إلى جواز سفر لعبور الأجواء إلى جوبا؛ وفي ختام كلمته قال إنه قبل أن يغادر “أمس” عائداً إلى جوبا سيزور مولانا محمد عثمان الميرغني.
* نعلم بحكم الواقع السياسي أن الأجواء متوترة “فوقياً”، لكننا على يقين من أن ما يجمع بين الشعبين السودانيين أكثر مما يفرق بينهما، وأن التوترات “المصطنعة” لن تحول بين انسياب العلاقات الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية والرياضية والفنية بين بلدي السودان.
* عندما خرجنا من دار الإمام بالملازمين بعد هذا اللقاء الأخوي الحميم، كان الليل يعلن الرحيل فيما نستقبل الساعات الأولى من فجر يوم جديد، ونحن أكثر تفاؤلاً رغم غيوم التوترات السياسية “المصطنعة”.[/JUSTIFY]
كلام الناس – نور الدين مدني