التاريخ: الإثنين 26 مايو 2014م
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رؤية مُكَوِّن البيقو: حول الحلول الجذرية للنزاع بين المعاليا والرزيقات
يقول الحق تبارك وتعالي في محكم تنزيله: (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا. الحجرات:9) ويقول (﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (1). إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2) الأنفال﴾ صدق الله العظيم. ويقول سيدنا النبي محمد صلي الله عليه وسلّم (صَلاَحُ ذَاتِ البَيْنِ؛ فَإِنَّ فَسَادَ ذَاتِ البَيْنِ هِيَ الحَالِقَةُ).
إن الصراع الذي دار بين أهلنا المعاليا وأهلنا الرزيقات لأكثر من مرّة وخلّف وراءه عدداً من القتلي والجرحي والمعاقين والأرامل والأيتام, ليس فقط من الطرفين وإنّما من الأطراف الأخري التي تصاهرهم أو تسكن معهم بالولاية في محلياتهم من قبائل البيقو والبرقد وغيرهم, بل والذي أخّر تكوين حكومة الولاية ومنعها من النهوض لممارسة مهامها وواجباتها المطلوبة والمنتظرة منها تجاه مواطنيها الذين يعانون من حالة انعدام الأمن والإستقرار وشظف العيش ويفتقرون إلي الكثير من الخدمات الضرورية في حياة الإنسان من مياه وصحة وتعليم فضلاً عن مشروعات التنمية والبنية التحتية من مطار وطرق بريّة ومستشفيات حديثة .. إلخ إنّه صراعٌ يستوجب البحث عن العلاج الناجع والنهائي والمستدام الذي يعالجه بصورة مرضية لجميع الاطراف ويمنع تكراره مستقبلاً. لقد تأثرت قبيلة البيقو بمحلية ياسين والمحليّات الأخري بالولاية غاية التأثّر بنتائج هذا الصراع الدامي وذلك بسبب ارتباطاتها التأريخية الرّاسخة وصلاتها الرحمية العميقة وتداخلاتها الإجتماعية الوثيقة بقبيلتي الرزيقات والمعاليا بحكم الجوار والشراكة والتعاون المشترك في مختلف مناحي الحياة. ولمّا كانت قبيلة البيقو تعاني أصلاً أشدّ المعاناة من جراء النزاعات السابقة بين الدولة وحركات التمرُّد مما جعل الكثير من عائلاتها تلجأ إلي معسكرات النزوح في قريضة وكلمة والسلام بنيالا تسبّب هذا الصراع الأخير في تأخير برامج العودة الطوعية الذي يحتاج فيما يحتاج إلي تأمين مناطقهم وتوفير الخدمات الضروريّة لهم مثل المياه والمراكز الصحية والمدارس ونقاط الشرطة والحماية والتي تساعد علي عودتهم من مناطق النزوح. تأسيساً علي ذلك نلتمس من الأطراف المتصارعة ونعني العقلاء من الطرفين تحكيم صوت العقل والقبول بمبادرة الصلح ومنح الوسطاء والاجاويد الفرصة الكافية لوضع الحلول الناجعة والنهائية لهذا الصراع. كما نأمل أن يعطي الطرفان المكوّنات الأخري التي تسكن معهم بالولاية مثل البيقو والبرقد وغيرهم الفرصة للمشاركة في إصلاح ذات البين ودعم عملية التصالح الإجتماعي ورتق المفتوق من النسيج الإجتماعي في المرحلة المقبلة عبر برامج محدّدة للتواصل والتعاون المشترك بين جميع المكوّنات بالولاية يقودها أبناء الولاية من المثقفين وأهل العلم والدين والوعي الإجتماعي.
وفي ذات السياق ندفع بالمقترحات الآتية:
1- مخاطبة جذور الأزمة مباشرة والمتمثلة في الإختلاف حول ملكية وحيازة الأرض بالإستناد إلي الوثائق التاريخية وتمكين القضاء وخبراء التأريخ والحكماء وأهل المعرفة والخبرة من قبائل الجوار بالولاية من الفصل في الحدود الإدارية بين جميع المكوّنات وإعداد خرائط موثقّة توضح الحدود لكل إدارة أهلية مصدّقة من قبل الدولة ومنع الإعتداء علي اراضي الغير مستقبلاً.
2- منع تجدّد الإحتراب والنزاع المسلّح بين الطرفين وجميع الأطراف الأخري بسبب ملكية الأرض وإحالة أي خلاف لآلية مجلس الحكماء التي يمكن تكوينها من الحكماء التابعين للإدارات الأهلية بالولاية للنظر والبت فيه – بإعتبار أنّها إدارات أهلية شاهدة علي تاريخ المنطقة.
3- تمكين اللّجان المعنية بأمر التحقيق من دراسة نتائج المعركة بالتفصيل والوصول لتقرير شامل ودقيق يبيِّن الطرف المخطيء بوضوح إلي جانب الحصر الدقيق للخسائر في الأرواح وغيرها وكذلك الخسارة في الموارد والمال العام.
4- الإلتفات إلي جميع النزاعات الأخري (والتي لم تقم بشأنها حرب بعد) والمتعلقة بملكية الأرض, والعمل علي حلّها بذات الكيفية الموضّحة أعلاه وذلك لتهيئة مناخ الولاية لمرحلة استدامة السلم والتصالح الإجتماعي.
5- إرسال وفود رسمية وشعبية إلي الولاية للتبشير بمشروع الصلح بين أهلنا الرزيقات وأهلنا المعاليا والإستفادة من وسائل الإعلام من تلفزيون وفضائيات وصحف قوميّة ومحليّة ومواقع تواصل إجتماعي لبث الرسائل الإيجابية المفضية إلي رتق النسيج والتصالح الإجتماعي.
6- تشجيع وإنعاش البرامج الثقافيّة والتراثيّة والرياضيّة ودعم إنشاء الأندية والدور المعنية لتعمل هذه الانشطة كوسيط مشترك يجمع جميع أبناء الولاية علي صعيد واحد في مران مشترك وتنافس شريف يقود إلي توحيد لحمة الجماهير بالولاية بغض النظر عن القبيلة أو المكوّن وببروز المواهب من الكيانات المختلفة عبر المنافسات الجماهيرية يتم التمكّن من محاربة العنصريّة والنعرات القبليّة.
7- تشجيع الإهتمام بالدين وبمكارم الاخلاق والإهتمام بدُور العبادة وبنشر التعاليم الدينية ودعم الدعوة إلي الوسطية والإعتدال.
8- فرض هيبة الدولة وسلطانها بجميع أطراف الولاية حتي يمتنع المتفلتّون عن إعتداءاتهم السافرة علي الناس وبهائمهم وأغراضهم الاخري.
9- توفير وتمكين الأجهزة العدليّة من القيام بدورها القضائي كاملاً غير منقوص وعدم التدخّل في شئونها والعمل بمبدأ (والله لو سرقت فاطمة لقطع محمد يدها) والإبتعاد عن مبدأ (إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد).
10- مساعدة جميع المكوّنات للدولة لتتمكن من تعيين حكومة قويّة وعادلة تعكس التنوّع الإثني والإجتماعي الموجود بالولاية من غير محاصصات قبلية أو عنصرية أو حزبية ضيّقة.
أعده/ المهندس إبراهيم عيسي البيقاوي رئيس هيئة شوري البيقو بولاية الخرطوم إيميل:ibrahim.eisa@elbaigawi.
com