هل تنجح صفقة السمسار؟

تمكن السمسار الأميركي باراك أوباما وصديقه الوسيط البريطاني غوردون براون من ابرام صفقة عندما جمعا الزعيمين الفرنسي والصيني في أحد فنادق لندن في الليلة التي سبقت انعقاد قمة مجموعة الـ 20، حيث جرى التوفيق خلال «اللقاء الحاسم» بين وجهات نظر الطرفين حول قضايا «حساسة» عالقة بينهما ومنها قضية التيبت والملاذات الضريبية الآمنة.
وفتحت الصفقة الطريق أمام تبني القمة المجموعة لعدة تدابير هي الأضخم في التاريخ لإنعاش الاقتصاد العالمي والحيلولة دون تكرار الأزمة المالية العالمية الراهنة، وشمل ذلك ضخ تريليون دولار من اجل تسريع عملية التعافي من أسوأ انكماش اقتصادي يشهده العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية عام «1945م»
وبرزت الصين فى القمة، وخرجت من قمقمها واعتلت المنصة عملاقا بارزا فى ميدان النظام العالمي الجديد الى جانب الدول الغربية المهيمنة ،وتمثل النجاح الابرز للصين في اعلان القمة بأن رؤساء صندوق النقد الدولي سوف يتم اختيارهم، من الآن فصاعدا، بناء على ما يملكون من مؤهلات وقدرات، ولن يكون حكرا على الولايات المتحدة وأوروبا، حتى ان جريدة «الإندبندنت» البريطانية الشهيرة قالت في افتتاحيتها أمس، ان ثمة معادلة جديدة وُلدت يوم الخميس في عاصمة الضباب وتتلخص بالآتي: قمة العشرين = الصين.
ولكن ماذا تستفيد دول العالم الثالث والفقراء في العالم من هذه الصفقة «تريليون دولار»، فمجموعة العشرين تسيطر على 85 فى المئة من اقتصاد العالم؟،نظريا يمكن ان ينعكس ذلك على العالم كله ولكن كما هو معروف فان الهيمنة الغربية طوال المرحلة الماضية ،لا تترك للمهمشين فى العالم – وليس فى شرق وغرب وجنوب السودان- سوى الفتات، وفي هذا الإطار – قال الرئيس البرازيلي «لولا» بما معناه بأن هذه أزمة الرجل الأبيض صاحب العيون الزرق وما – عليه سوى أن يحلها بنفسه.
فالأزمة تعود إلى السيطرة الكاملة لمجموعة قليلة – من الدول، ومن الشركات العالمية على مقدرات الاقتصاد والسوق على حساب الأغلبية الساحقة – من دول العالم في الفضاء المدعو بدول الأطراف.
وقد استسلم العالم الثالث تماما في المرحلة التي تلت انهيار – المنظومة الاشتراكية بقيادة الاتحاد السوفييتي لهجمة العولمة الآتية من المراكز الرأسمالية – الأوروبية- الأميركية،وقد لعب هذا الاستسلام دورا أساسيا في تحويل بلدان العالم الثالث إلى حقل تجارب للشركات – متعددة الجنسيات، وإلى سوق رخيصة لها، ودون أن تحدث فيها تنمية حقيقية على المستويات – الاجتماعية، والصناعية، والاقتصادية، والثقافية وبالعكس، فإن الذي حدث في بلدان العالم الثالث هو إعطاء الشرعية للتفاوت الاجتماعي الهائل – بين الشرائح الاجتماعية، وتكريس البطالة، والفقر، والتخلف. –
ومع ذلك فان الأزمة فى مضمونها النهائي أزمة اخلاق لدى الغرب، لذا دعا الرئيس الفرنسي ساركوزي خلال قمة لندن الى «رأسمالية مخولقة»، ومن بين المشكلات الكبرى التي تعاني منها الأخلاقيات الدولية في مجال توزيع الثروة مشكلة – فرض نظم وأساليب الحكم، وكذلك خيارات التنمية من قبل القوى الرأسمالية الغربية على – مجتمعات العالم الثالث،ولا مناص لهذه الدول الفقيرة الا تشكيل تحالفات سياسية، واقتصادية لمناهضة الرأسمالية – المتوحشة، من أجل احداث تغييرات جذرية في النظام الاقتصادي – العالمي حتى تكون قوة اقتصادية ناهضة لها ثقلها السياسي والاقتصادي الذي لا يمكن الاستهانة به او تجاوزه وبالتالي لها كلمة مسموعة، وفرض شروطها فى عالم لا يعترف الا بمنطق القوة ولنا فى التجربة الصينية خير مثال.
النور أحمد النور :الصحافة

Exit mobile version