وهكذا ولذات الأسباب سالفة الذكر، ينشغل الشارع الرياضي السوداني هذه الأيام بالجدل حول كيفية مشاهدة نهائيات كأس العالم 2014م، الذي تنطلق فعالياته في 12 يونيو المقبل بالبرازيل، وما يترتب عليه من تكلفة مالية أعجز الإيفاء بها ميزانية غالبية الأسر مما يجعل مشاهدة مباريات المونديال أمرا صعب المنال إن لم يكن مستحيل التحقق.
منذ مونديال ألمانيا 2006م، أجبر عشاق كرة القدم في كافة أنحاء العالم، على الاشتراك في الخدمات الاحتكارية للقنوات التلفزيونية التي أطلقت خصيصاً لبث مباريات اللعبة الشعبية الأولى في العالم، واحتكار بث أهم بطولة كروية ورياضية في العالم على الإطلاق، وامتد الأمر ليشمل كافة المسابقات المهمة الأخرى مثل البطولات القارية للمنتخبات، ودوري أبطال أوروبا الشهير، إضافة إلى بطولات الدوري المعروفة في القارة العجوز.
ومع اقتراب مونديال البرازيل بعد شهر ونصف الشهر من الآن، يعيش الجمهور الرياضي السوداني حالة من الترقب القلق بانتظار إمكانية تخفيض الخدمة التي ارتفع سعرها كثيراً مقارنة بسعر خدة مونديال جنوب أفريقيا قبل 4 أعوام، ومن المعروف أن قنوات (بي إن سبورت) (الجزيرة الرياضية سابقا)، هي مالكة الحقوق الرسمية والحصرية لبث تلك النهائيات إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
تكرار التجربة
سارت قناة “بي إن سبورت” الجزيرة الرياضية سابقاً على خطى “أبو ظبي” الرياضية التي ربطت في وقت سابق مشاهدة الدوري الإنجليزي الذي كانت تحتكر حق بثه بشراء جهاز استقبال “ديجتال” خاص بالقناة يباع مع كارت الشيفرة.
وها هي “بي إن سبورت” تُصعب الأمر مجدداً على المشاهد السوداني العادي، ليقع فريسة لأندية المشاهدة الجماهيرية التي أصبحت الخيار الوحيد المتاح أمام الذين لا يستطيعون فكاكاً عن متعة منافسات نهائيات كأس العالم. ورغم أن خطوة (أبوظبي) التي ربطت كارت القناة بالريسيفر الخاص بها، كانت قد جوبهت وقتها بانتقادات عديدة إلا أن إدارة القناة قطعت باستحالة الفصل بين الريسيفر والكارت بذريعة أن هذه الخطوة تهدف لحمايتها من القرصنة.
شروط تعجيزية
وفي وقت أصبحت فيه انطلاقة مونديال البرازيل وشيكة، أقدمت قناة “بي إن سبورت” الناقلة لمباريات كأس العالم على ذات الخطوة وربطت شراء الكارت بجهاز ريسيفر خاص بها بحيث تجبر الراغبين في مشاهدة مباريات كأس العالم على الدفع مرتين، مرة لشراء الكارت الذي وصل سعره إلى(ألفي جنيه)، وأخرى لشراء (الريسفر) بمبلغ (ألف جنيه)، ليصل سعر الخدمة في بلد مثل السودان يعيش أوضاعاً اقتصادية بالغة التعقيد (ثلاثة آلاف جنيه)، للاشتراك لمدة عام كامل، يدفعها الفقراء حتى تتاح لهم فرصة مشاهدة كأس العالم و(منافسات أخرى) ربما لا يرغب كثيرون في متابعتها، وهذا بالتأكيد مبلغ كبير يعجز عن توفيره السواد الأعظم من عشاق الساحرة المستديرة، الأمر الذي يبشر بموسم الهجرة إلى أندية المشاهدة الجماهيرية حيث يتوقع لها أن تجد سوقاً رائجة مع انطلاقة مونديال البرازيل 2014.
شكاوى بالجملة
جمعية حماية المستهلك تلقت مؤخراً عدداً من الشكاوى التي تقدم بها إليها مواطنون، طالبوها بالتدخل الفوري لإيقاف ما اعتبروه تلاعباً في سعر بطاقة قناة الجزيرة الرياضية، وقال الخبير الاقتصادي “محمد عبد المجيد النور: “نعلم تماماً قيمة المبالغ المالية المرتفعة التي دفعتها “بي ان سبورت” للحصول على حق بث بطولاتها المختلفة، ولا ينكر أحد أن لها الحق في الانتفاع مادياً من هذا الاستثمار الضخم، لكن ضحية هذا الاستثمار سيكون في نهاية الأمر هو المشاهد السوداني ذو الدخل المحدود الذي يكد من أجل الحصول على قوته اليومي واحتياجاته الأساسية، دعك من شراء كرت القناة بمبلغ ثلاثة آلاف جنيه”.
حماية المستهلك على الخط
أمام هذه التعقيدات يعلق عشاق كرة القدم بالسودان آمالاً عريضة على المبادرة التي أطلقتها جميعة حماية المستهلك في وقتٍ سابق عندما أعلنت عن نيتها إتاحة فرصة مشاهدة مباريات كأس العالم بالمجان, ورغم أن هذه المبادرة قوبلت بسخريةٍ كبيرة ممن شككوا في قدرة الجمعية على تنفيذ هذا الوعد، إلاّ أنها في النهاية أصبحت القشة التي يتمسك بها الرياضيون لمشاهدة مباريات كأس العالم بالبرازيل عبر البث الأرضي.
وفي السياق أطلقت الجمعية بالتعاون مع الإذاعة الرياضية مبادرة لنقل مباريات كأس العالم التي تنظم في البرازيل في الثاني عشر من يونيو المقبل، للمشاهدين السودانيين مجاناً، عقب احتكار قناة (بي إن سبورت) بثها، وأشار ياسر ميرغني الأمين العام للجمعية إلى اتصالات تجريها الجمعية مع محافظ بنك السودان المركزي بغرض شراء حق البث باسم السودان ونقل المباريات للمشاهدين مجاناً عبر البث الأرضي، وأبدى ياسر تفاؤله باستجابة البنك المركزي للمبادرة، موضحاً أن الجمعية ستواصل مساعيها لنقل المباريات حال عدم استجابة بنك السودان بمناشدة رئاسة الجمهورية للتدخل.
مفارقة غريبة
ويرى مراقبون أن سعر بيع الكارت والريسيفر الخاص به في السودان يفوق كل الدول الأخرى التي تقدر فيها التكلفة بمبلغ 300 دولار أي ما يعادل 2.500 جنيه سوداني بحسابات السوق السوداء, وفي مصر تقل التكلفة أكثر وتصل إلى 2119 جنيها, ويتوقع الموزعون لكروت “بي إن سبورت” أن تزدحم الصفوف في اليوم الذي يسبق انطلاقة المونديال رغم الحديث عن التكلفة العالية لمشاهدة كأس العالم عبر القناة الناقلة ويستندون بحسب صاحب أحد محلات توزيع كروت الجزيرة الرياضية إلى تجارب سابقة توعد من خلالها المشاهدون بمقاطعة مباريات كأس العالم بسبب مغالاة القناة الناقلة لكنهم سرعان ما يقتحمون الصفوف بكل هدوء بحثاً عن فرصة للفوز بكارت القناة الناقلة والريسيفر.
منع القرصنة
لجأت شبكة “بي إن سبورت” إلى أجهزة الاستقبال الخاصة، لمحاولة منع القرصنة على قنواتها كما حدث قبل أربعة أعوام، كما أنها تريد أيضا الحد من محاولات التشويش التي عكرت صفو البث لكافة مشتركيها خلال مباريات كأس العالم 2010. وتجبر القوانين التي يفرضها الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، الشبكة الرسمية الحاصلة على حقوق بث بطولاتها، على تشفير قنواتها لمنع القرصنة والحد من متابعة هذه البطولات من قبل مناطق جغرافية أخرى لديها ناقل رسمي مختلف، إلا أن الرسوم المفروضة على المتابع المحلي تبدو مرتفعة ولا يقوى عليها غير فئة محدودة من الناس، وازدادت في الآونة الأخيرة التكهنات بشأن قدرة أجهزة الاستقبال التي تفك الشيفرات عن طريق شبكات بالإنترنت، على اختراق شيفرة “بي إن سبورت”، لكن المتخصصين والفنيين في هذه الناحية يملكون أجوبة صريحة وكافية بخصوص هذا الشأن، ويرى المهندس أحمد عبد اللطيف الشهير بـ (زلطة) أن أحدث أجهزة الاستقبال في العالم لن تقوي على فك شفرات (بي إن سبورت) بسبب استخدام الشبكة القطرية لأحدث وسائل البث والحماية مما يصعب من مهمة القراصنة في الوصول إلى تلك الغاية ما يقلل من احتمالات مشاهدة المتابع الرياضي للحدث الكبير وما يزيد الوضع تعقيداً هو الترقب الذي يدور حول قرار إغلاق العديد من أندية المشاهدة في العاصمة.
توقيت متوازن
توقيت قيام مباريات كأس العالم بالبرازيل بالنسبة للمشاهد السوداني متوازن جداً مقارنة ببطولات المونديال السابقة، وجميع مواجهات دور المجموعات تقام ما بين الساعة السابعة مساءً وتتدرج إلى العاشرة ثم الحادية عشرة فيما تشهد بعض المدن توقيتا مختلفا وتجري بعض المقابلات في تمام الواحدة صباحاً وهي مباريات قليلة جداً بينما تقام ثلاث جولات فقط في الدور الأول في الرابعة صباحاً، ولا يختلف الحال بالنسبة لمباريات دور الـ (16) والـ (8) ونصف النهائي وحتى المباراة النهائية عن الأدوار الأولية كثيراً، حيث يتراوح التوقيت ما بين السابعة إلى العاشرة فالحادية عشرة، ويرى الكثير من المتابعين والجمهور الرياضي السوداني أن توقيت قيام المباريات مناسب جداً ومتوائم مع التزامات الناس ومواعيد العمل الرسمية في القطاعين العام والخاص.
اللجوء إلى الأندية
بعد ارتفاع التكلفة العالية لشراء باقات (بي إن سبورت) الجزيرة الرياضية سابقاً وصعوبة شرائها للاستمتاع بالمشاهدة في المنازل ووسط الأسر والمكاتب بكل حرية سيلجأ الكثير من محبي وعشاق كرة القدم العالمية إلى أندية المشاهدة في المدن والأرياف لمتابعة المواجهات المهمة بين العمالقة، ورغم التزاحم الشديد في الأندية الجماهيرية وسخونة الجو في فصل الصيف والهستيريا المعروفة في المباريات لن يجد الكثيرون خياراً سوى التوجه نحو أندية المشاهدة لحضور أهم وأقوى بطولة كروية على مستوي العالم، ومع الارتفاع الشديد في تكلفة كروت القنوات يتخوف البعض من استغلال تلك الظروف ورفع قيمة تذكرة حضور المباراة الواحدة لنحو (5) جنيهات على الأقل باعتبار أن السعر الحالي (3) جنيهات متحججين بارتفاع سعر شراء الباقات ومع مواجهات الدور الأول للبطولة التي تشتمل على أربع مباريات على الأقل في اليوم الواحد وتستمر لمدة (10) أيام سيكون على المشاهد توفير مبلغ (20) جنيهاً على الأقل يومياً لمواجهة التزامات الجولات الكروية وهو ما يرهق جيوب المواطنين الذين يجأرون بالشكوى من غلاء الأسعار في ما يلي متطلباتهم المعيشية اليومية، ويتخوف الجميع من قرارات محتملة بإيقاف أندية المشاهدة بجانب أن بعض المحليات ومن بينها محلية الخرطوم فرضت ضرائب باهضة على أصاحب الأندية بحسب إفادات أدلوا بها لـ (اليوم التالي). ويبقي اللجوء للأندية هو الخيار الأول حال فشل جمعية حماية المستهلك في الوصول لاتفاق مع بنك السودان من أجل حل الأزمة الحالية.
فوائد نفسية
من وجهة النظر النفسية فإن مشاهدة المباريات ومتابعتها والاستمتاع بها فن قد لا يجيده الكثيرون فهي مناسبة جيدة لتحقيق ترويح ذي فائدة كبيرة، وفي السياق يقول الدكتور يوسف محمد يوسف اختصاصي الطب النفسي إن الجمهور الرياضي السوداني على موعد لينسى همومه اليومية مع هذه المباريات الكبيرة وسيتخلص الشخص من قلقه المعتاد ومشاغله التقليدية واهتماماته الروتينية ليعيش أجواء المنافسة والاستمتاع. ويضيف: مشاهدة مباريات كرة القدم فن يحتاج مهارة لكي تتحقق الفائدة النفسية القصوى من المشاهدة وعلى المشاهد أن يستعد ويهيئ نفسه للمشاهدة بعد الاطلاع على بعض الحقائق العلمية النفسية، ومن خلال المنظور النفسي لكرة القدم قبل المباراة عليك بجمع معلومات عن الفريقين المتباريين وأسماء اللاعبين والتحمس لأحدهما ومحاولة الاستمرار في تشجيعه بحرارة.. ويشير دكتور يوسف إلى أنه أثناء مشاهدة المباريات يتمتع الكثيرون بالتركيز العالي ونادراً ما يسرح المشاهدون وإنما يركزون انتباههم جيداً في المباراة وبالتالي سيعطي ذلك نتائج مثمرة وقد تحقق تلك المعطيات مشاهدة مثمرة ومفيدة للصحة النفسية تساعد الجميع على التخلص من مشاعر القلق والتوتر، وفكرة ذلك تشبه اتباع بعض الوسائل والطرق البسيطة التي تقوم على شغل الذهن والانتباه في موضوعات مختلفة بعيدة عن مصادر الهموم والقلق ويقول: مباريات كرة القدم مليئة بالإثارة والانفعالات التي ترتبط بكل حركة للكرة بين أقدام اللاعبين وتوقعات ترتفع معها درجة الانفعال لتصل إلى الذروة وقت تسجيل الهدف فالتعبير عن الانفعال هنا مهم جدا للصحة النفسية ويمكن أن تراقب الانفعال لحظة تسجيل الهدف على اللاعبين والجمهور والمذيع وعليك أن تبدي انفعالك أنت أيضا وتعبر عنه بحرية مطلقة كيفما تشاء فهذا مفيد من الناحية النفسية.
معادلة سياسية
وأنت تحاول الغوص في معادلة الاختلاط ما بين السياسة والرياضة وبمعنى آخر مدى نجاح فكرة توظيف الرياضة في خدمة الأغراض السياسية (جورج ويا يتقدم للرئاسة في ليبيريا ومباراة إيران وأمريكا تعيد بعضا من البريق للشعبين وتزيل التوترات السياسية والأفيال تساهم بشكل كبير في الحفاظ على (حشائش) أبيدجان وتعيد المقاتلين إلى ميادين دعم منتخب الوطن، مصر تنسي كل احزانها مع فوز الأهلي وأهل الجنوب يقطعون الفيافي للحاق بمريخ السودان القديم في كمبالا اليوغندية وجوبا تنتظر البعثة المريخية لتضميد جراح الوداع) وغيرها من الأحداث والتفاصيل المهة في مسيرة كرة القدم عبر التاريخ.
البرازيل تلبس حلة زاهية
البرازيل ورغم المظاهرات التي سبقت التظاهرة الكروية إلا أنها تجاوزت ذلك وباتت جاهزة ولبست الملاعب ومقرات إقامة المنتخبات حلة زاهية لاستضافة الحدث الكبير، بطولة كأس العالم لكرة القدم 2014 هي النسخة العشرون من بطولات كأس العالم، وستقام في قارة أمريكا الجنوبية بعد أن حدد الاتحاد الدولي لكرة القدم نظام التناوب بين القارات.. ولم تتقدم بطلب الاستضافة سوى البرازيل والتي تقدمت بالملف في 31 يوليو 2007.
سيقوم منتخب إسبانيا بالدفاع عن لقبه في كأس العالم لكرة القدم 2010 بعد فوزه 10 على منتخب هولندا بالأشواط الإضافية، وستكون هذه المرة الثانية التي تستضيف فيها البرازيل كأس العالم بعد عام 1950 وبذلك تصبح خامس دولة تستضيف البطولة مرتين على أرضها بعد (المكسيك، فرنسا، إيطاليا، وألمانيا). وهذه هي المرة الأولى الذي تستضيف فيها قارة أمريكا الجنوبية بطولة كأس العالم منذ كأس العالم 1978 والذي أقيم بالأرجنتين وأيضاً هي أول مرة تنظم كأسين عالميتين متتاليتين خارج القارة الأوروبية بعد كأس العالم 2010 في جنوب أفريقيا، وسيسمح الاتحاد الدولي لكرة القدم باستخدام تقنية خط المرمى للمرة الأولى في تاريخ بطولات كأس العالم، لتصبح هذه البطولة ثالث بطولة برعاية الفيفا يتم فيها تطبيق هذه الخاصية بعد بطولتي كأس العالم للأندية 2012 وكأس القارات 2013.
تم الاعلان عن الشعار الرسمي لكأس العالم لكرة القدم 2014 في 8 يوليو 2010. وبدأت عملية بيع تذاكر البطولة في 20 أغسطس 2013، والتذاكر المقدر عددها بـ 3.3 مليون تذكرة سيتم بيع معظمها عن طريق موقع الفيفا الرسمي.. وتضم المجموعة الأولي منتخبات البرازيل الدولة المضيفة، كرواتيا، الكاميرون والمكسيك.. والمجموعة الثانية إسبانبا، هولندا، شيلي، وأستراليا.. والثالثة كولمبيا، اليونان، ساحل العاج واليابان.. والرابعة الأرغواي، كوستاريكا، إيطاليا وإنجلترا.. والخامسة سويسرا، فرنسا، هندراوس والاكوادور.. والسادسة الأرجنيتن، البوسنة، إيران ونيجيريا.. والسابعة ألمانيا، البرتغال، غانا والولايات المتحدة.. والثامنة والأخيرة بلجيكا، الجزائر، روسيا وكوريا الجنوبية.
صحيفة اليوم التالي
أ.ع