رهق سوداني
[JUSTIFY]
هناك في كثير من مواضع استخراج بعض الوثائق تتجمع بعض الوجوه.. ترى فيها الحيرة والتعب.. يتساءلون في كثير شفقة عن مطلوبات الإجراءات.. هذا يتعمد أن يحجز موضعاً أمام النافذة التي لم يأتي الموظف العامل خلفها بعد بينما الآخر يكاد يزاحمه على ذات الحجز الذي ربما ينفض قبل وصول الموظف المطلوب وحالة حراك مذعورة في جو محموم بحرارة الطقس بينما يمارس بائع الماء بعض الإنتهازية.. فمعظم طالبي خدمة الاستخراج للوثائق مرضى سكري أو أنهم لا يتحملون العطش الذي تفرضه حرارة الطقس الحارقة خاصة وأن العرق يتصبب منهم منذ الصباح الباكر فما بالك عندما تنتصف الشمس في موضعها وما زال هؤلاء يتراصون في صفوف قصيرة المدى لكنها بطيئة الإيقاع.. ثم أن كثير منهم يسأل ويعيد ذات السؤال ليسمع ذات الإجابة.. ويطفح للخاطر هل هم قوم مشفقون ومتعجلون أم أنهم جدليون يحبون الكلام وتكراره..؟ أو هل نظام الإجراءات نفسه يحتاج لبعض الإصلاح.. وفي رزنامة الشفقة يتأذى الوافدون إلى هذه المواضع من بذاءة لسان بعض عاملات النظافة.. حيث تمسح إحداهن الموضع فيطأ المشفقون المكان.. فتعيد المسح حتى يتعرى مستور صبرها فتخرج عن الطور وتلاسنهم «يا شفقانين انتو ما تصبروا.. هاجمين من الصباح مالكم.. قلنا ليكم الجماعة ديل ما بجوا قبل الساعة تمانية.. الله يأذاكم».. فتناول الرجل الموضوع ويتبناه «هوي يا ملفوحة.. أصلاً إنتي شغلك تقشي وتمسحي والناس يوسخوه ليك.. بلاش نفخ وجوطة معاك كمان جابت ليها فلسفة».. وهي تعيد وتكيل الإهانة مع حدة في النبرة.. فيزداد الكلام حرارة كلما فاحت روائح الطقس الصيفي العاصف.. والأصل أن التعجل مع التمهل مشكلة القوم.. يتمهلون في موضع العجلة ويتعجلون ويشفقون في موضع التمهل وهكذا أمورهم ورهقهم السوداني حيث اختلال ميزان الحساسية في التعامل مع الإجراءات والتفاصيل.. عناوين فضفاضة ولكن الواقع مهزوم التفاصيل.. والعمل الكبير المهم دائماً ما تهزمه التفاصيل الصغيرة.. تعامل بعض مقدمي الخدمات يحتاج لحنكة و لطف لا تتأتى إلا لمن رحم ربي.
٭ نقبل وين؟
ذات الحالة يعيشها المتعامل مع «بند المواصلات العامة في الخرطوم».. حيث ترى حالة التغرب والحيرة في موقف «شروني».. «أها يا زول مواصلات الجريف بوين؟.. الشيطة يا زول.. تعال أمشي قدام شايف الحافلات الصفراء خلي الخط الأول.. أخد التاني».. ذات الدراما التي عاشها مع نقلة جاكسون من السكة حديد من «جوه الخرطوم».. الشيء المفجع أن مواطن ولاية الخرطوم أصبح مهموماً بتفاصيل تسيير يومه ولا يعير القضايا الكبيرة بالاً لشدة ما غرقت حياته في وحل الموضوعات البسيطة التي هي في الحساب يفترض فيها أن تكون محلولة اساساً.. إذن عندما تغيب المعقولية في توفير الأساسيات يصبح من الصعب الإحساس بالقضايا الأكبر.. رغم أن التداخل ما بين البسيط والمعقد متواجد إلا أن الأمل في حلحلة القضايا الآنية يذهب الفكرة الكبرى.. عليه من الصعب جداً أن تجادل مواطن مكدود وتعبان وراء تدابير حده الأدنى للمعيشة وتوفر المواصلة وتكلفتها ويترامى لأطراف أذنيه أن هناك من يدعو لرفع الدعم عنه في اساسيات فتغم عليه الدنيا.. شخص في هذه الحالة لا تسأله إلا أن يتعطف عليه الله.. الذي يجب أن يتوجه إليه بكل نوايا العشم والنجدة..
٭ آخر الكلام:-
«سخنت جداً» والحالة قابلة للإنفجار أو قل أقلاه الإنفجار.. ولسان حال الغلابة «الشكوي لغير الله مذلة»… وحفظاً للكرامة لابد من كرامة وعزة في كل شيء رغم الضنك والمشقة.. «كتمت»..
[/JUSTIFY]
[LEFT]مع محبتي للجميع[/LEFT]
سياج – آخر لحظة
[email]fadwamusa8@hotmail.com[/email]