السفير الحسن العربى.. القائم بالأعمال السودانى بالقاهرة: علاقاتنا مع مصر«خط أحمر»

أكد القائم بالأعمال السودانى بالقاهرة السفير الحسن العربى، أن العلاقات السودانية المصرية «خط أحمر» لا يمكن لأحد أن يتجاوز فيه الحدود، وأضاف أن الخرطوم أعلنت منذ ٣٠ يونيو و٣ يوليو موقفاً واضحاً، بأن ما يجرى فى مصر شأن داخلى ولا علاقة لنا به وأننا نتعامل مع الدولة المصرية بغض النظر عمن يحكم مصر.

وفيما يلى نص الحوار:

■ بداية شهدت العلاقات المصرية السودانية عقب ثورة ٣٠ يونيو حالة من التوتر المكتوم، فهل سحابة الصيف التى ظللت العلاقات بين القاهرة والخرطوم انتهت الآن؟

– أعتقد أن العلاقات السودانية المصرية قائمة على مرتكزات أساسية، فقيادة البلدين فى كل العهود تنظر الى هذه العلاقة على أنها علاقة استراتيجية وخط أحمر لا يمكن أن نتجاوز فيه أى حدود، فإذا كنت تقصد ما تم بعد ٣٠ يونيو فمنذ حدوث ٣٠ يونيو و٣ يوليو أعلن السودان موقفا واضحا بأن ما يجرى فى مصر شأن داخلى ولا علاقة لنا به، وأننا نتعامل مع الدولة المصرية بغض النظر عمن يحكم مصر.

وهذا الموقف تم التأكيد عليه فى كل التصريحات الرسمية التى صدرت عن المسؤولين فى السودان، وظللنا نتابع التطورات التى تحدث فى مصر، ونحن نتعامل مع مصر الدولة، فالسودان دولة تتعامل مع دولة.

أضف إلى ذلك أن الخرطوم بحكم هذه العلاقة القديمة والقوية والاستراتيجية والشعبية والأسرية لنا علاقات مع كل أطياف الشعب المصرى وكل القوى السياسية والأحزاب المصرية ونتعامل مع الجميع باعتبارنا شعبا واحدا ودولة واحدة ونأمل فى أن تكون فى يوم من الأيام واحدة، فما يشار إليه بتوتر العلاقات أو سحابة صيف تظللها حين أنظر إلى وقائع العلاقات المصرية السودانية لا أراها.

■ هناك حديث يجرى حاليا عن التوقيع على عدد من الاتفاقيات بين البلدين؟

– يتم حاليا بالفعل النظر فى كثير من الاتفاقيات التى يتم توقيعها لزيادة التعاون بين البلدين فى جميع المجالات، وهناك تعاون كبير جدا بين المؤسسات السودانية والمصرية الرسمية،

بالإضافة إلى هذا كله فالاستعدادات تجرى على قدم وساق لعقد اللجنة الوزارية المشتركة بين البلدين.

■ هل تم تحديد موعد لعقد هذه اللجنة؟

– فى الفترة القليلة المقبلة سيتم تحديد الموعد، ولكن كل ما أستطيع قوله الآن إن الاستعدادات تسير بشكل جيد جداً، وهناك أيضاً مسألة الطرق البرية فتكاد الاستعدادات لفتح الطريق الشرقى «قسطل أشكيب» تكون اكتملت، وتمت إزالة كل المشاكل الفنية المتعلقة بفتح الطريق، ونتوقع أن يتم افتتاحه فى مدة أقصاها منتصف شهر يوليو المقبل.

■ البعض كان يتحدث عن وجود أخطاء تعوق فتح هذا الطريق؟

ـ كانت هناك مشاكل فنية عبارة عن أخطاء فى تنفيذ المنافذ من الطرفين وتم الآن إزالة هذه المشاكل واكتملت التعديلات على المنافذ وسيتم افتتاح الطريق أن شاء الله، ومؤخراً عقدت اللجنة الفنية الخاصة بالطريق الغربى فى المنطقة الحدودية بين البلدين طريق «أرقين»، وهو طريق مهم جداً وفى اعتقادى سيكون أهم من طريق «قسطل أشكيب»، لأنه سيكون طريقا ممتدا ولا توجد به أى عقبات، وسيساهم إلى حد كبير فى زيادة التعاون التجارى بين البلدين.

■ وهل تعتقد أن العلاقات الاقتصادية بين القاهرة والخرطوم لم تتأثر الفترة الماضية؟

– العلاقات الاقتصادية بين مصر والسودان قديمة، ولكن كانت هناك بعض المسائل تعوقها، وأهمها عدم فتح طرق برية بين البلدين، وهذا الأمر كان غريباً، وعقب افتتاح الطريق الشرقى فى منتصف يوليو وافتتاح هذه الطرق أعتقد أن التبادل التجارى بين السودان ومصر سيرتفع لآفاق تجعل الشعبين يرضون عنها.

■ إذا انتقلنا إلى قضية سد النهضة الإثيوبى.. فهناك حديث متكرر عن دعم السودان لموقف إثيوبيا، فما حقيقة هذا الأمر؟

– أود أن أوضح أن موضوع سد النهضة هو قضية تهم السودان ومصر، على حد سواء، والموقف السودانى والمصرى من سد النهضة لو نظرت له بنظرة شاملة هو موقف واحد، قد تختلف الوسائل التى يراها كل بلد للوصول إلى الهدف النهائى، وفى تقديرنا فى السودان أن سد النهضة له آثار سلبية وأخرى إيجابية على البلدين ورؤيتنا أن التعاون بين الدول الثلاث السودان ومصر وإثيوبيا لإزالة الآثار السلبية التى قد تقع على دولتى المصب نتيجة لبناء السد، وأن نرتفع بالآثار الإيجابية والفوائد التى يمكن أن يحصل عليها البلدان نتيجة لبناء السد، وهذا يبنى على موقف أساسى فرؤيتنا فى السودان تقوم على أن هذا النيل الذى يجرى بين بلادنا ليس أمراً عارضاً وإنما أمر استراتيجى ودائم كديمومة هذه البلاد، فينبغى أن نصل فيه ومن خلال التعاون إلى حلول دائمة ترضى البلدان الثلاث.

■ ومن وجهة نظرك ما هى الآثار السلبية للسد؟

– وإذا تحدثنا عن الآثار السلبية لسد النهضة فهناك مخاطر على السودان إذا لم يتم بناؤه بطريقة هندسية سليمة ففى حال انهيار السد فهذا معناه إزالة السودان من خارطة العالم، ولذلك نحن لا يمكن أن نجامل تجاه هذا الأمر، وهناك آثار بيئية مباشرة على السودان تمتد لأكثر من ٥٠٠ كيلو إذا لم تتم مراعاة ملء بحيرة السد بطرق علمية محدده وتتم إزالة الأشجار، وهناك أمور أخرى تتعلق بالملء والتشغيل فإذا لم يتم ملء السد فى زمن معقول وبطريقة تتفق عليها الدول الثلاث فتكون هناك آثار مباشرة على السودان، وأعتقد أنها ستمتد أيضا إلى مصر بصورة أقل، فإذا لم تتفق الدول الثلاث على آلية تشغيل السد وتحكمت فية إثيوبيا دون مراعاة احتياجات دولتى المصب من المياه فى فصول معينة فهذا سيكون له أثر سلبى كبير علينا، لذلك نرى أن معالجة هذه القضايا بجلوس الدول الثلاث وتنشيط اللجنة الثلاثية المشتركة ودعمها بالجانب السياسى.

وأود الإشارة هنا إلى وجود اتفاقية وقع عليها كل من مصر والسودان وإثيوبيا تسمى «الأونترو» هذه الاتفاقية كانت كفيلة بحل مشكلة سد النهضة قبل حدوثها.

■ أنت تحدثت عن وجود السلبيات للسد ففى رأيك ما الإيجابيات؟

– هذه السلبيات يجب التوصل لحلول لها، وفى حال إزالتها ستكون هناك منافع قد تعود على مصر والسودان جراء هذا السد، أول هذا المنافع هذا السد سيحجب عن السودان ومصر الطمى بنسبة عالية التى تؤثر على السدود فى مصر والسودان، فبحيرة السد العالى تتأثر بالطمى وكذلك السدود السودانية تتأثر به، ولذلك سيكون من فوائد السد تخميض الطمى، كما أن جذوع الأشجار التى تعوق إنتاج الكهرباء فى السدود السودانية وهذه المشكلة تكلف ملايين الدولارات لإزالتها، وهناك فائدة أهم للسد وهى تنظيم وصول المياه للسودان ومصر مما يحجز الفيضانات التى تدمر الكثير من القرى فى السودان، فوقف هذه الفيضانات فيه مصلحة كبيرة للسودان، وكذلك تنظيم المياه وعدم وصولها لفترة ٣ أشهر فقط فى العام وامتدادها على مدى العام بالكامل وسيزيد من توليد الكهرباء من السدود المصرية والسودانية لأنه سينظم وصول المياه لهذه السدود.

■ ولكن الجانب الإثيوبى لا ينظر لهذه المشاكل بهذا المنطق، فإثيوبيا مستمره فى بناء السد لوضع الدولتين أمام الأمر الواقع!

– هناك أزمة ثقة لدى الجانب الإثيوبى تجاه دول المصب، حيث يخشى من أن هذه الدول ترفض مبدأ إنشاء السد أو على أقل تقدير ترفض بناء السد بسعته الحالية، وهذه القضية تجعلهم يتحسسون فى التعامل مع هذه القضية، ولكن الجلوس للتفاوض والحوار هو السبيل الوحيد لحل أزمة عدم الثقة.

■ أثير مؤخراً مسألة اتفاق السودان وإثيوبيا على نشر قوات مشتركة على الحدود بين البلدين وصدر عن أديس أبابا أن هذه القوات لحماية سد النهضة من أى مخاطر.. فما حقيقة هذا الأمر؟

– هذا أمر غير صحيح بالمرة وهناك اتفاق بين السودان واثيوبيا منذ أكثر من ٣ سنوات وينفذ بأن يتم تبادل النقاط الحدودية حتى تتمكن قوات الدولتين من تأمين أكبر رقعة من الحدود بهدف أساسى وهو محاربة تهريب البشر وعمليات التسلل، ولا علاقة له بسد النهضة، ونحن الآن لدينا اتفاق مشابه مع مصر لتبادل التنسيق فى الحماية المشتركة.

سأله جمعة حمد الله – المصري اليوم
٢١/ ٥/ ٢٠١٤

Exit mobile version