الركابي حسن يعقوب : سؤال للوزير علي كرتي

[JUSTIFY]في حواره مع صحيفة (السوداني) قال وزير الخارجية علي كرتي في معرض تعليقه على الحكم بالإعدام على الفتاة المرتدة (حقيقة الحكم أضر بعلاقاتنا الخارجية خاصة بصدوره بمثل هذه الطريقة وبعيداً عن المعلومات الحقيقية، صدور الحكم وإعلانه لم يكن موفقاً، هذه المسألة كان يمكن ان تتم فيها مشورة أعلى وأن يصدر الحكم فيها على مستوى يمكن ان يراعي اشياء كثيرة). انتهى كلام الوزير. وما قاله الوزير أثار دهشة الكثيرين وذهولهم وحق لهم ان يندهشوا ويصابوا بالذهول، ومصدر هذه الدهشة ليس فقط خطل وبطلان الادعاء بأن حكماً قضائياً صحيحاً أصدرته محكمة وطنية مختصة استندت فيه الى مواد قانونية سارية التطبيق ونافذة واستكملت فيه كل الاجراءات المطلوبة أنه قد ألحق الضرر بعلاقات السودان الخارجية.

ما يثير الدهشة والاستغراب حقيقة ان يصدر هذا الإدعاء من المسؤول الاول عن تنفيذ السياسة الخارجية للبلاد وفوق ذلك هو رجل ذو خلفية قانونية، ينبغي ان يكون ملماً تمام الإلمام بأن القضاء والمحاكم بمختلف درجاتها هي جزء لا يتجزأ من سيادة الدولة وان قرارات وأحكام هذه المحاكم تعتبر من صميم الشأن الداخلي ومظهر من مظاهر السيادة الوطنية ينبغي ان تُحترم ولا تثار حولها الشكوك ولا يتم التعقيب عليها أو الاستدراك على أحكامها إلا من محكمة أعلى درجة منها ومختصة وذلك استناداً الى مبدأ أصيل يتم تلقينه للمبتدئين من دارسي العلوم السياسية والقانون وهو مبدأ الفصل بين السلطات. فالمعلوم من القانون الدولي بالضرورة أنه ليس من حق اية دولة الاحتجاج رسمياً على أحكام وقرارات القضاء الداخلي أو المطالبة بإلغائها او تعديلها او تعطيلها، لأن ذلك يعتبر خرقاً لحق أصيل كفلته المواثيق الدولية ويدخل في صميم الشأن الداخلي للدول، ومن حق السودان على الدول الاخرى احترام قوانينه وثقافاته ومعتقداته، وكافة ما يصدر عن مؤسساته الوطنية.

ولا أدري ماذا يقصد الوزير بقوله المعمم ان (الحكم صدر بعيداً عن المعلومات الحقيقية وان إعلانه لم يكن موفقاً هذه المسألة كان يمكن ان تتم فيها مشورة أعلى وان يصدر الحكم فيها على مستوى يمكن ان يراعي أشياء كثيرة).. هل يقصد الوزير ان الحكم صدر معيباً من الناحية الاجرائية، ام ماذا؟ وهل الاحكام القضائية تخضع للمشورة خارج سياج القضاء؟ أم هل يمكن القفز بالقضايا الى درجات اعلى بضربة لازب دون المرور الطبيعي بدرجات التقاضي المعروفة؟.

هل يدعو الوزير الى تصنيف الدعاوي التي ترد الى المحاكم على اساس مستوى تأثيرها على السياسة الخارجية ومن ثم إنشاء محاكم خاصة لها (تراعي أشياء كثيرة) و(تخضع لمشورة أعلى) ومن ثم الفصل فيها بأحكام تنال رضا واستحسان من نحبهم في الخارج وهم يصدون عنا، حتى وإن أضاعت حقوق المتقاضين وركلت قوانيننا الداخلية التي تجد اصلها في شريعة الله ومنهاجه القويم ووصفتها بالوحشية والتخلف والبربرية؟.

في حقيقة الأمر ان قضية حكم الردة في حد ذاتها لم ولن تضر بعلاقاتنا الخارجية مع الغرب الذي له علاقات يمكن وصفها بالممتازة مع دول إسلامية تصدر فيها مثل هذه الاحكام القضائية وتنفذ على الملأ بشكل روتيني ونظمها القضائية لا تتوافق البتة مع المعايير الغربية لا من قريب ولا من بعيد، ومع ذلك فهي تتغاضى عن ذلك لأنه ببساطة الذهنية الغربية تقوم على (المصلحية) وحسب منطقها انها يمكن ان تتعامل مع الشيطان نفسه ان كان ذلك يحقق مصالحها وانه لا صداقات دائمة ولا عداءات دائمة وانما هناك دوماً مصالح دائمة.

والحلقة المفقودة التي على الوزير ان يشغل نفسه بالبحث عنها، هي كيفية الوصول بعلاقاتنا الخارجية مع الغرب الى هذا النموذج سالف الذكر وعدم استخدام قضية حكم الردة شماعة لتعليق الاخفاق الواضح للعيان في هذا الشأن ودون إضاعة الوقت والموارد في كسب رضا الغرب فإن رضا الغرب (سراب بقيعة) لا يدرك ابداً وشرط إدراكه الأوحد هو اتباع ملتهم.

وسؤال بسيط نوجهه للوزير: كيف سيكون رد وزارة الخارجية الامريكية او البريطانية فيما لو استدعي السودان سفيريهما لإبلاغهما باحتجاجه على تقنين الدولتين لزواج المثليين جنسياً باعتبار ذلك مناف للفطرة الإنسانية السوية ومخالفاً لكل الشرائع والأعراف الإنسانية؟.

الركابي حسن يعقوب
صحيفة الإنتباهة

[/JUSTIFY]
Exit mobile version