ضعيف أم ديمقراطي؟ (2)

ضعيف أم ديمقراطي؟ (2)
[JUSTIFY] نعم عيالي يبهدلونني إذا أسأت السلوك، ويا ويلي إذا ضبطني أحدهم – مثلا – وأنا أدخن، أو أعود إلى البيت بعد منتصف الليل، من دون أن أكون قد أبلغتهم سلفا بأنني سأعود «متأخرا».. فالنظام المنزلي عندنا يلزم الجميع بالاستئذان من الآخرين عند الخروج إلى أي وجهة غير العمل او المدرسة.. وبما انني سائق العائلة الذي يتولى توصيل أم الجعافر لتبارك لكلثوم (للمرة الثالثة) مولودها الجديد.. وكنت لحين طويل من الدهر أتولى توصيل العيال الى بيوت أصدقائهم او المكتبات او بيرجر كينج، فقد كان قانون الاستئذان من «الآخرين» يسري عليّ وحدي تقريبا.. وقد عانيت كثيرا من هذا القانون لأنني عودت أسرتي على أشياء معينة من بينها أنني لا أتناول وجبة الغداء خارج البيت حتى لو كانت بموجب دعوة رسمية في إطار العمل، أي احتفاء بضيوف رسميين.. لا أجامل في أمر الغداء المنزلي لأنه الوجبة الوحيدة التي نلتقي فيها جميعا حول المائدة، ولأنني نشأت في بيئة وبيت يتناول فيه الناس وجبة الغداء في وقت معلوم يكون فيها جميع أفراد الأسرة حاضرين، ولأنني لا استسيغ الأكل ما لم أكن مرتديا ملابس «بلدية» فضفاضة، ولأنني وبكوني حاملا لجينات إفريقية – عربية أصاب بنوع من الشلل بعد الغداء وأصبح عاجزا عن التفكير والحركة بعد مغادرتي المائدة بربع ساعة! يعني لازم أهمد واستكين بعد الغداء، رغم أنني لا أمارس قط نوم القيلولة، لأنه يربك ساعتي البيولوجية ولو نمت نهارا فإنني استيقظ ووجهي يلعن قفاي.. وأعيد هنا طرح السؤال: هل أنا أب ضعيف ام ديمقراطي لأنني أسمح لعيالي بانتقادي ومحاسبتي إذا رأوا أنني أخطأت أو قصرت في أمر ما؟.. لا أعرف الإجابة ولا أشغل نفسي بالبحث عنها ومعرفتها! وقلت لكم بالأمس أنني ومن فرط ديمقراطيتي أحرم عيالي من شرب الشاي والقهوة، لأنني لا أريد لهم ان يكونوا عبيدا لعادات حتى لو لم تكن ضارة.. وأعني بالعادات أشياء مثل التدخين وتناول مشروبات ساخنة في مواقيت معينة، وتعاطي البندول بمجرد الإحساس بالألم، إلخ.. ولكنني عثرت مؤخرا على دليل يؤكد لي ان عيالي ليسوا دائما على حق عندما يحاسبونني أو ينتقدونني، فقد توصل باحثون بريطانيون إلى ان شرب الشاي يوفر وقاية ضد مرض الزايمر/ الزهايمر (خرف/ عته يصيب الإنسان عادة في سن متأخرة)، لأنه يثبط نشاط الإنزيم الذي يصيب الناقل العصبي أسيتيلكولين بالخلل والعطب.. وأكبر أولادي وهو الآن موظف كبير لم يشرب منذ أن دخل المدرسة وإلى يومنا هذا أكثر من عشرة أكواب شاي، وتتهمه أمه بأنه «طالع زي أبوك» من حيث عدم اهتمامه بأمور الأناقة والقيافة، ومن حيث أخذ الأمور ببساطة، ثم تصاعدت الاتهامات حتى صارت تتهمه بأنه «مُخرِّف زي أبوك».. هذه تهمة جائرة في حقي فأنا – وبسبب طول الإقامة في منطقة الخليج- أشرب نحو لتر من الشاي يوميا (ولا أشرب القهوة حتى لو كنت في ضيافة بدوي يعتبر رفض القهوة خروجا على الذوق العام).. يعني ولدي الأكبر من الوارد ان يكون قد أصيب بالخرف، ولكن ليس بالوراثة، ولكن لأنه نشأ محروما من الشاي.. خلاصة القول عليكم بالشاي، ولو سمحت إمكاناتك المادية، عليك بالنوع الأخضر منه، لأنه يوفر لك وقاية أكبر من الخرف، ويزودك بمضادات الأكسدة، وتذكر أنك تعيش في منطقة ينتشر فيها الخرف وبائيا، وكل شيء فيها يتآكل ويتأكسد بفعل الركود والجمود وتصلب شرايين الحياة العامة
[/JUSTIFY]

جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]

Exit mobile version