قلم وساعد تكتب: الحقيقة المرة أتتنا من أحمد منصور

بقلم : د . غريب الدارين
لستُ من ذوي الاختصاص في مجال الاقتصاد ولكن يمكنني أن أدلي بدلوي مع الدلاء ، فالمقال الذي كتبه أحمد منصور لا يشير إطلاقاً إلى حسد الرجل أو سوء قصد ! بل العكس يمكن أن يقال ، لذلك جاءت تعليقات بعض الإخوة غير موفقة .وقد وقعت على مقال قديم كل ما ورد فيه يطابق ما دعا إليه ” أحمد منصور ”
وقد حفزني الموضوع للبحث بعناية عن التنمية في السودان ووقعت على مقال قيم كتب في عام 1962 في القرن الماضي بقلم يحي المصري وكان غرض المقال أن يبن سبب خروج السودان من منطقة الاسترليني واستلزم البحث أن يستعرض الأسباب والواقع لتلك الخطوة ، وهمني من ذلك لأجل عرض فكرتي جزئية الأسباب والدوافع لأنها يمكن أن تعاد مرة أخرى وتعتبر الخطوة الأول للإصلاح الاقتصادي …مع الانتباه للأرقام وعدد السكان في ذلك الحين ففي جزء من المقال يحدد عدد السكان والمساحة القابلة للزراعة ، ولكني أقول من المعروف إن السودان أراضيه كلها صالحة للزراعة ، أما الثروة الحيوانية فيكاد يكون إلى الآن في مقدمة الدول مما يمتلك من تلك الثروة ويشير المقال إلى الصناعة في ذلك الوقت ، والمؤسف أن الأمر لم يتغير كثيرا، وحتى بعض المصانع التي أنئشئت في مناطق الإنتاج الزراعي كمصنع كسلا للبصل ومصنع كريمة للتمور توقفت ! فلنتخيل لو كانت تلك المصانع مستمرة !
وتضمن المقال ذكر البرامج الطموحة التي وضعت في ذاك الوقت ، وفي اعتقادي أنه لو تمت متابعة التنفيذ المؤجل فيمكن أن تبث فيها الحياة من جديد ، ولترسم خطوطا جديدة للسياسة الاقتصادية ، وتدرس المقترحات ، فالخطة رسمها رجال في زمن كان فيه المتعلمون قلة ، أما الآن فالجامعات قد خرجت الملايين ، فأين هم من ذاك ؟ ولماذا تخرجهم الجامعات إن لم يكن للبناء والتعمير !
وورد طرح برنامج السنوات السبع ! البرنامج لتحرير الاقتصاد .ولكن الاقتصاد قد سقط والاستيراد حدث في كل شيء…وسلسلة المشاريع .المناقل وكنانة وأحواض شندي ودنقلة وغيرها ظلت حبرا على ورق بل إنها زالت حتى من الورق ! أما الفقرة الأخيرة التي تربط تلك المشروعات بالسد العالي فشيء يدعو للحسرة فالسد العالي قائم أما السودان فقد ظلم فيه ظلما لا يصدق .
من يا ترى قد وضع هذه الخطط الطموح ؟ وهل هذه الخطط غير مجدية الآن ؟ وأين الاقتصاديون والزراعيون ؟
وارتبط بتلك البرامج الموضوعة أمنية توفير عملات أجنبية ، لكنها أمنية كحلم ذهب مع الريح وهوى في مكان سحيق …فالسودان الآن يكابد ويلهث مع العملات الصعبة .
ما كتبه ” أحمد منصور” حق !! وينبغي ألا تجرفنا العواطف وتغطي على أعيننا ، ورحم الله امرأً يهدي إلينا الحقيقة مجردة دون رتوش ولا تجميل يخفي بشاعتها .
لن آتي بجديد حين أذكر أن السودان يسبح فوق الكنوز .ولما جاء هذا النظام أعلن عن تبنيه سياسة تمضي لتحرره من أي تبعية اقتصادية فكان شعار ” نأكل مما نزرع …ونلبس مما نصنع” وتفاءل الناس خيرا، لكنه شعار استحال الآن سخرية ومهزأة للشامتين ، ومن لا يربط ما تتعرض له البلاد من هجمات شرسة بالتوجه القاصد يكون واهما ، فسيظل الغرب عدوا إلى أن يرث الله الأرض ، ولكن أن ينحرف التوجه لحد الفساد يجعلني أقول ربما بعضهم قد رأى ألا فائدة من محاربة الأعداء فقالوا ” عايرة ونديها سوط ” ومن ثم تسابق الكل عملا بالمثل :”الحشاش يملأ شبكته” غرفا ولهفا لأموال ما كسبوها من عرق جبينهم .
وأختم قولي بما سمعته منذ سنوات في برنامج ” قلم رصاص ” للإعلامي ” حمدي قنديل ” حين ذكر سبب الحرب في دارفور .فالأقمار الصناعية كشفت عن شيء مذهل فالإقليم يسبح فوق كل ما يمثل للبشرية من ثروات ترفعها إلى مستوى فوق جنات الأرض من المياه والمعادن النادرة ..كل شيء كل شيء ! فُدبر ما دُبر حتى لا تقوم للسودان قائمة.ولله الأمر من قبل ومن بعد
ويتطلب الأمر مني أن أعرض المقال كاملا في الجزء المقصود وأتركه ببعض الأخطاء فيه لأنها ليست ذات بال . أما المقال فها هو: كما ورد في مجلة الرائد العربي :
“التنمية الاقتصادية في السودان
واسباب خروج البلاد من منطقة النقد الاسترلينية
يحي المصري
نشر المقال في ايلول / سبتمبر 1962 ، العدد الثالث والعشرون ، الرائد العربي
في الثالث من فبراير / شباط 1962 قرر مجلس الوزراء السوداني الخروج من منطقة النقد الاسترلينية التي كان السودان منتمياً اليها حتى هذا التاريخ ، واعتبار السودان منطقة نقدية قائمة بذاتها . ويعد هذا القرار من القرارات التاريخية المهمة التي يتوجب التوقف عندها قليلاً ، للبحث في الاسباب والدوافع التي أدت الى صدور القرار . ومن اجل ان نبين حقيقة هذه الدوافع ، يجب ان نلقي ، اولاً ، نطرة سريعة على اقتصاديات البلاد والسياسة النقدية التي سارت عليها خلال السنوات الاخيرة ، خاصة منذ سنة 1957 أي بعد حصول السودان على الاستقلال .
يقطن السودان حالياً حوالى عشرة ملايين نسمة . وتقدر مساحة اراضيه بنحو مليون ميل مربع . فاذا ما قسنا عدد السكان على المساحة نجد ان نسبة الساكنين في الميل المربع الواحد نحو عشرة اشخاص . اما المساحة الصالحة للزراعة فتقدر بمئة مليون من الافدنة ، يزرع منها في الوقت الحاضر حوالى ثلاثة ملايين من الافدنة. كما ان هناك ثمانين مليون فدان تصلح للرعي اكثر منها للزراعة . وعلى الرغم من ضآلة المساحة المزروعة بالنسبة للمساحة القابلة للزراعة ، فان السودان يعتمد اعتماداً كبيراً في اقتصاده الوطني على الزراعة ، التي بدورها تعتمد على المطر. كما تعتمد الزراعة ايضاً على الري بشكل اوسع من ذي قبل بعد ان تبنت الحكومة مشاريع عديدة للري . ويعتبر القطن أهم محاصيل السودان . وهو المحصول النقدي الاول الذي يسهم بجزء كبير في الدخل الوطني السوداني . وقد بلغت صادرات السودان من القطن سنة 1959 ما يقرب من اربعين مليون جنيه سوداني ، أي حوالى 60 بالمئة من مجموع صادرات البلاد . كذلك يعتمد السودان في اقتصاده على الثروة الحيوانية . ويساعده على ذلك انتشار الحشائش في مناطق شاسعة ، مما يجعل الرعي في السودان من الحرف التي تسهم بنصيب كبير في الدخل الوطني . اما الصناعة ، فما زالت متأخرة ، إذ لا توجد صناعة بمعناها الحقيقي في البلاد ، باستثناء بعض الصناعات الصغيرة التي نشأت بعد الحرب العالمية الثانية ، مثل صناعة السلع الاستهلاكية التي كان يستوردها السودان من الخارج .
برامج التنمية الاقتصادية في السودان
يعمل السودان حالياً على تطوير اقتصاده الوطني وزيادة دخله من الزراعة او الصناعة . وقد وضع لهذا الغرض مجموعة برامج طموحة . وكانت البلاد قد مرت منذ الحرب العالمية الثانية ببرامج اقتصادية عديدة ومختلفة ، بدأت بالبرنامج الخمسي 1946 1951 وكانت اعتماداته المالية ما يقرب من 14.5 مليون جنيه، تلاه برنامج خمسي آخر 1951 1956 وصلت اعتماداته الى حوالى 45 مليون جنيه سوداني . ووضعت بعد ذلك برامج سنوية عديدة اختلفت جملة اعتماداتها المالية بين سنة واخرى . وقد ساعد الانتعاش الذي طرأ خلال الاثني عشر شهراً الاخيرة على اقتصاد السودان في اعداد برنامج السنوات السبع القادمة . وقدر لهذا البرنامج مبلغ 240 مليون جنيه سوداني ، منها 75مليون جنيه من القطاع الحكومي و65 مليوناً من القطاع الأهلي . اما الاجهزة التي تشرف على هذه البرامج ، تخطيطاً وتنفيذاً ، فتضم جهاز التخطيط الاقتصادي الذي أنشيء في العام الماضي ، وهويتكون من المجلس الاقتصادي الذي مهمته رسم السياسة الاقتصادية للبلاد واقرار خطة الانشاء والتعمير، ومن اللجنة الوزارية للانشاء والتعمير ومهمتها دراسة المقترحات قبل عرضها على المجلس الاقتصادي . وهناك ايضاً اللجنة الفنية للتخطيط ويمثل فيها عدد من رؤساء المصالح التي تضطلع باعداد وتنفيذ مشاريع التعمير .
التنمية الزراعية
تم تخصيص ما يقرب من خمسين مليون جنيه سوداني لمشاريع التنمية الزراعية في السودان في برنامج السنوات السبع الذي يهدف الى تنمية اقتصاديات السودان وتحريره من تبعيته الاقتصادية للخارج في استيراد الكثير من السلع . ومن أهم هذه المشاريع الزراعية مشروعا المناقل وام كنانة . ويقع المشروع الاول جنوب غرب مشروع الجزيرة الحالي ، وينتظر بعد اتمامه ان تزيد المساحة المزروعة بحوالى ثمانمئة الف فدان من ارض الجزيرة في السهل الذي يقع بين النيل الازرق والنيل الابيض . أما مشروع ام كنانة ، فيمتد في سهل الجزيرة الى الجنوب من مشروعي الجزيرة والمناقل لري مليون ومائتي الف فدان بواسطة مشروع خزان الروصيرص. كما ان هناك مشاريع اخرى يجري تنفيذها بنشاط ، كمشاريع طلمبات النيل الازرق ومشاريع احواض شندى واحواض دنقله وسواها من المشاريع التي هي قيد البحث . ولعل كل هذه المشاريع ستساعد السودان على الاستفادة بنصيب وافر من الحياة الافضل بعد الانتهاء من مشروع السد العالي في الجمهورية العربية المتحدة حيث تبلغ حصة السودان حوالى 8 مليارات متر مكعب من المياه سنوياً .
التنمية الصناعية والثروة الحيوانية
بدأت الحكومة السودانية تهتم بالصناعة ، فقامت باصدار قوانين تنظيمية عديدة تكفل لهذا القطاع الحيوي شتى انواع الحمايات . فاتجهت الى تقديم الاعانات والاعفاءات الضريبية ، كما قامت باعفاء بعض سلع الانتاج كالآلات والمعدات من ضريبة الاستيراد . وسوف يتيح برنامج السنوات الذي بدأ في يوليو / تموز الماضي اقامة مصانع للسكر والكرتون والغزل والنسج والجوت والزجاج الى آخر هذه الصناعات التي ستؤدي الى تقليص واردات البلاد من السلع الاستهلاكية وتوفر للخزينة جزءاً كبيراً من العملات الاجنبية التي يمكن تخصيصها لاستيراد السلع الانتاجية . كما تهتم الحكومة السودانية ايضاً بالثروة الحيوانية ، واتجهت مؤخراً الى انشاء المصانع اللازمة لاستغلال هذه الثروة ، فبدأت باقامة مصنع لدباغة الجلود طاقته الانتاجية 6 الآف كيلوغرام من الجلود المدبوغة ، وكذلك مصنع لصناعة الاحذية والاطارات والانابيب الداخلية للدراجات تقدر طاقته الانتاجية السنوية بحوالى 600 الف زوج احذية و 60 الفاً من الاطارات ومئة الف من الانابيب الداخلية للدراجات .
يمكننا القول ان السودان يقوم الآن بمحاولة استغلال ما امكن من موارده وطاقاته الانتاجية ، وانه سوف يحقق ، في حال نجاح هذه البرامج ، مستوى أعلى للمعيشة ، نظراً لضخامة موارده المتاحة بالنسبة لعدد سكانه المتزايد”
(التنمية الاقتصادية – مقال منقول )

– تم إعداد هذا المقال بواسطة مجموعة : قلم ٌوساعد ( قلمٌ وضيءٌ وساعد بناء)
– للتواصل معنا : [email]galamwasaed@gmail.com[/email] – إنضم إلينا وكن عضواً فعالاً وشارك معنا في إعداد مقالاتنا القادمة :
– ابين قوة السلاح وقوة الطعام ( ود نبق)
– مياة النيل وإخواننا المصارى
– متى يستقيل ساستنا إحتراماً لعقولهم وعقولنا
– ولادة الهملة وموت الهملة
– قوات الدعم السريع( زاوية المشاهد )
– قلم وساعد : نحن لا نكتفي بلعن الظلام ولكننا نضع لبنةً ونُوقدُ فوقها شمعة .
– للإطلاع على رؤيتنا وأهداف المجموعة إستخدم هذا الرابط :
https://docs.google.com/document/d/1rbnd_jtl-_DDHtO_Nid77Ya4HZkxpcxnU0LVfWDMxmg/edit

Exit mobile version