التعلم بحر بلا شاطئ

التعلم بحر بلا شاطئ
[JUSTIFY] أواصل موال أن الشهادات لا تصنع الإنسان، وأن العصامية والاجتهاد والمثابرة و«التلطش» في مدرسة الحياة تجعل الكثيرين يتفوقون على حاملي الألقاب العلمية الكبيرة، فأشهر رئيسين في الولايات المتحدة وهما جورج واشنطن وأبراهام لنكن (للمرة الألف لا تنطق اسمه «لنكولن» فاللام التي قبل النون الأخيرة، أو L قبل N في آخر اسمه، لا تُنطق وإن كانت تُكتب nlocniL)، لم يكن يحملان حتى دبلوما من كلية متوسطة، وبالمقابل كان جورج دبليو بوش يحمل شهادة من أشهر جامعتين في العالم (هارفارد وييل)، وفاز بولايتين رئاسيتين أثبت خلالهما أن الإنسان المتعلم قد يرتد إلى الأمية، فقد كانت قراراته خرقاء وأهدر تريليونات الدولارات في حروب خاسرة، لأنه كان قاصر الفكر وقصير النظر، وعن أمثاله نقول في السودان إن «القلم لا يزيل بلم»، والبلم هو البلاهة والعباطة، وفي 8 سنوات نسف بوش كل ما أنجزه أسلافه وجعل أمريكا أكثر دولة منبوذة في العالم، ويدفع الأمريكان اليوم فاتورة الخسائر التي كبدها بوش أبو شهادات، لخزينة بلادهم ركودا اقتصاديا وبطالة، ولعل معظمنا يذكر كيف وقف هبنقة هذا أمام جنود البحرية ليعلن dehsilpmocca noissim المهمة انتهت، بدخول القوات الأمريكية بغداد في عام 2003، بينما حتى فيفي عبده كانت تعرف أن ذلك الدخول هو بداية المهمة التي لم تكتمل حتى يومنا هذا، حيث لم يجد خلفه باراك أوباما بُدّا من سحب الجنود الأمريكان من المهام القتالية (قتل أكثر من 3000 جندي أمريكي بعدما قال بوش مقولته البلهاء تلك)، فصار رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بئس خلف لبئس سلف.
الكاتب الأمريكي الأشهر مارك توين دخل الحياة العملية وعمره 12 سنة متدربا في مطبعة، واستغل وجوده في المطبعة وصار يقرأ كل ما يصدر منها من كتب، ثم صار شيخ الأدباء الساخرين في العالم، واستثمر شهرته لرفض الاستعمار القديم ومحاولات أمريكا الهيمنة على الدول الأخرى، وكان من أقوى مؤيدي قرارات الرئيس أبراهام لنكن لإلغاء الرق والعبودية وقال مقولته الشهيرة «إن تلك القرارات تحرر الإنسان الأبيض أيضا».. توماس ألفا أديسون مخترع المصباح الكهربائي لم يكن يحمل حتى شهادة ابتدائية في الكهرباء او الفيزياء.
ثم لماذا نذهب بعيدا؟ هل كان الطبري والفارابي والخوارزمي وابن سينا واليعقوبي يحملون الشهادة الإعدادية؟ هل كان فارس معركة القادسية سعد بن ابي وقاص رضي الله عنه خريج كلية القادة والأركان في يثرب؟ والشاهد مجددا هو ان هناك شيئا اسمه الموهبة، ولو تم تعزيزها بالاطلاع والتثقيف الذاتي، تصبح الشهادات بلا قيمة أو «زيادة خير»، حتى في عالمنا المعاصر، إلا لدى جهات العمل التي تشترط لكل وظيفة مؤهلا ما، وكثيرون منا التقوا بأشخاص يحملون مؤهلات عالية بينما قدراتهم المهنية أكثر من متواضعة.. فالتعويل و«الرك» ليس على الشهادات، بل في التعلم المستمر، وإلا فلماذا يقول الناس ? مثلا ? عن طبيب متخصص في مجال ما إنه «غبي»؟ نحن نعرف أن كليات الطب لا تقبل إلا أفضل الطلاب أداء في الامتحانات ودراسة الطب والنجاح فيه شاقة، ولكن ذلك «الأخصائي» استحق لقب غبي لأنه اعتقد أنه أوتي من العلم ما يكفي، وتوقف عن متابعة المستجدات في عالم الطب والأدوية فلا يقرأ «دوريات» ولا يشترك في مؤتمرات، فـ «فاته القطار» كما قال شاويش اليمن علي عبدالله صالح.
[/JUSTIFY]

جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]

Exit mobile version