وكانت العديد من الأعمال الدرامية والسينمائية قد تناولت مشاهد من الثورة التي وقعت قبل ثلاثة أعوام، ووجهت انتقادات عدة لصناع هذه الأعمال الذين اتهموا بالمتاجرة بالحدث واستغلاله قبل أن ينضج وتنكشف تفاصيله.
ويبدو أنه في هذا العام، حاول صناع الدراما التلفزيونية التعلم من دروس الماضي، بالابتعاد عن الثورة وتفاصيلها، واللجوء إلى أعمال اجتماعية وكوميدية، باستثناء عمل أو اثنين، والحال نفسه ينطبق على السينما التي لم تقدم عملا يوثق للثورة الأخيرة، بعكس نظيرتها الأولى.
تجارب سابقة.. هزيلةتلك الظاهرة فتحت الباب للتساؤلات حول سبب ابتعاد صناع الدراما عن الثورة هذه المرة. وفي تصريحات خاصة لـ”العربية.نت”، حاول الناقد الفني، رامي عبدالرازق، تفسير الأمر، مستشهدا بمقولة نجيب محفوظ “المعاصر هو أسوأ مؤرخ”.
وأكد عبدالرازق أن ثورة يونيو مازالت حدثا سياسيا لم ينته بعد، كانت أحداثه متلاحقة، من حظر للتجوال، وخارطة للطريق، ثم الترشح لرئاسة الجمهورية، الذي جاء متزامنا مع محاكمات قادة جماعة الإخوان المسلمين.
واعتبر عبدالرازق أن المبدع إن حاول أن يؤرخ الثورة في أعماله، سيقع في فخ الانحياز لرأي معين يتبناه هو في الوقت الحالي، كما أنه لن يستطيع أن يتوقع المسار الذي ستتخذه الأحداث.
كما اعتبر الناقد الفني أن معظم التجارب التي تناولت ثورة 25 يناير كانت “هزيلة للغاية”، وهو ما يجعل صناع الدراما يتخوفون من أن تكون الأعمال التي تتناول ثورة 30 يونيو على شاكلة الأعمال التي تناولت الثورة التي سبقتها.
“بعد الموقعة”.. نموذج لا يقتدى بهورغم الانتقادات التي وجهت للأعمال التي تناولت ثورة 25 يناير، فإن فيلم “بعد الموقعة” للمخرج يسري نصر الله، استطاع أن يشارك في المسابقة الرسمية لمهرجان “كان” السينمائي، وهو ما يعد عامل جذب للصناع.
إلا أن عبدالرازق شدد على أن فيلم يسري نصر الله ليس النموذج الذي يقتدى به، معتبرا أن وجوده في مهرجان “كان” لم يكن إلا مجاملة، سواء لمصر أو للمخرج يسري نصر الله، أو منتجه الفرنسي الذي دارت حوله العديد من الشائعات، حسب تعبيره.
وأشار إلى أن حجم الانتقادات التي وجهت لفيلم “بعد الموقعة” من شأنها أن تخيف أي شخص من تناول أحداث سياسية في الأعمال الدرامية.
الحاجة لمرور المزيد من الوقتوكانت الفنانة داليا البحيري قد ابتعدت عن الثورة وتفاصيلها في أعمالها التي قدمتها على مدار ثلاثة أعوام، وهو ما جعلها تؤكد في تصريحات خاصة لـ”العربية.نت” أن عدم تناول ثورة 30 يونيو في الدراما هو القرار الصائب، خاصة أنها لم تنته حتى يمكن تناولها بشكل سليم.
واعتبرت بحيري أن تناول الثورة في الدراما يحتاج إلى مرور المزيد من الوقت عليها، من أجل أن تتكشف حقيقة كافة الأمور حتى يمكن تناولها بشكل صحيح.
ولم تستبعد داليا البحيري أن تقدم عملا يتناول الثورة المصرية عقب مرور سنوات مناسبة، إلا أنها اعتبرت ذلك مرهونا بأن يكون الموضوع الذي يتناوله العمل يجذب انتباهها.
ومن جهته، قدم المؤلف محمد سليمان عبد المالك، العام الماضي مسلسل “اسم مؤقت”، الذي تناول بعض جوانب الثورة، وتحدث عن الانتخابات الرئاسية.
وذكّر في حديثه لـ”العربية.نت” أنه عقب ثورة 25 يناير، وبالتحديد في أغسطس عام 2011، كانت هناك أعمال تلفزيونية عديدة تتحدث عن ميدان التحرير.
وأشار عبدالمالك إلى حالة هوس مفاجئة كانت تسيطر على صناع الدراما عقب ثورة 25 يناير، وهو ما أوجد هذا الكم من الأعمال التي تحدثت عن الثورة.
واعتبر أنه كان من الأفضل الانتظار عقب ثورة يناير، وعدم تناولها في الأعمال بصورة مبكرة.
وأوضح أن التعرض للثورة عقب وقوعها مباشرة، سيجعل تلك الأعمال تقع ضحية للسطحية، كما أنها ستكون مباشرة للغاية، لأنه لن يكون هناك وقت كاف للتأمل وطرح المواضيع بشكل مختلف.
وختم مستشهداً بالأعمال الناجحة التي تطرقت إلى الحرب العالمية الثانية، وكانت هذه الأعمال قد صورت بعد وقوع هذه الحرب بسنوات.
م.ت
[/FONT]