سراج النعيم : من سرق فرحة الشعب السوداني؟

[JUSTIFY]من الملاحظ في الحياة اليومية أن الشخوص الذين يشكلون فيها حضوراً مميزاً يعبرون صراحة أن الفرحة أضحت مسروقة ونلتمس ذلك بجلاء في الوجوه التي يكسوها الحزن الممزوج بالألم والجراح.. وهي الصفات التي باتت تلازمهم منذ سنوات خلت ولم يستطعوا أن يقهروها حتي أنها أصبحت هموماً كثيرة ربما كسرت البعض منهم وتعمقت في آخرين يظلون يسهرون الليالي يفكرون بلا توقف في معايش أبنائهم في ظل الظروف الإقتصادية القاهرة.. الظروف التي ضاعفها رفع الدعم عن المحروقات والزيادات المستمرة في سعر الدولار الذي يحدثك عن إرتفاعه حتي صبي ( الأورنيش ) في حال وجهت له سؤالاً لماذا رفعتم سعر تلميع الأحذية؟.. وبالتالي يرد عليك بنفس الإجابة كل من يتعامل مع الجماهير..خاصة في ظل التدهور الإقتصادي المريع الذي يشهده العالم بصورة عامة ما جعل تلك الظروف الإقتصادية تتسبب في إختفاء بعض المهن التي إعتاد الناس علي إمتهانها في السابق والتي أضحت بمرور الزمن عبارة عن هواية بعد أن كانت مصدر رزق.. نسبة إلي أن المؤشرات الإقتصادية مستمرة في التدهور الذي تركت علي أثره المجتمع سالب لا يقوي علي تحريك الموجب فتطغي السلبية إقتصادياً وتأخذ حيزاً كبيراً تتفوق به علي المؤشر الإجتماعي الذي يتسم بالفقر، الغلاء في الصحة، التعليم، وغيرهم ما يقود إلي عدم التنمية البشرية.
ومن هنا يجد الإنسان نفسه حائراً أمام الفواتير الكثيرة المفروضة عليه فرضاً فلا ينام في ظلها الليالي إلا قليلاً وعندما يصحو من نومه يبدأ التفكير في ( قفة الخضار ).. مصاريف الأبناء وإلي آخره من ضروريات الحياة التي تبدأ من (كباية شاي الصباح) الفاتورة التي في إزدياد مضطرد إلي جانب فواتير آخري لا يمكن أن تتمزق إلا حينما يخلد الإنسان إلي النوم ومع هذا وذاك يقول في غرارة نفسه ( من سرق الفرحة.. من يا الله؟) ولا ينتهي حديثه بينه ونفسه طوال الليل خاصة أولئك الذين دخلهم ضعيف كالعامل البسيط والموظف والمتقاعد للمعاش وغيرهم فهم جميعاً ولا يقون علي مقاومة الزيادات التي تشهدها الأسواق بشكل شبه يومي بما في ذلك الأدوية المنقذة للحياة.. فبأي ذنب يصبح كل هؤلاء أسيرين للظروف الاقتصادية.. وهي ظروق غاية في الصعوبة خاصة علي ذوي الدخل المحدود الذين يتفأجاون ما بين الفينة والآخري بالزيادات التي لا قبل لهم بها وهي التي فرضت علي بعض الدول عمل إصلاحات إقتصادية للخروج من الأزمة ولكنها أضافت أعباء جديدة علي كاهل المواطن المغلوب علي أمره.. ما أضطر البعض منهم إلي مد يده للمحسنين أعطوه أو منعوه وأن أعطوه مره لن يكونوا له بنكاً يصرف منه متي ما شاء لذلك تجد بعض ( المتسولين) قد أفقدوا أصحاب الحاجة الحقيقية المصداقية.. وأمثال هؤلاء يجب أن تتم مسألتهم ( من أين لكم هذا؟ ) فأنت تجد الواحد منهم قد شيد القصور وركب العربات ويتفاخر بأموال ( الشحدة ) في بعض المكاتب التي يلتقي فيها ببعض الشخوص ناسي أو متناسي أنه سيأتي يوم القيامة (ليس في وجهه مزعة لحمة ).
والغريب في بعض المتسولين أنهم يفتخرون ببعض الألقاب مثلاً ( الكلب الوفي ) لرجل الأعمال هذا أو ذاك ما جعل الناس ينظرون إليهم نظرة ( إحتقار ) باعتبار أنهم عاطلون عن العمل ولا هم لهم إلا الخروج من الصباح قاصدين مكاتب بعض رجال الأعمال والإداريين الذين بلا شك يتذمرون منهم نسبة إلي تسببهم في تعطيل الاعمال الخاصة بهم والغريب أن المتسولون يلاحقونهم حتي في منازلهم ويتصيدونهم في مناسبات الافراح والأتراح التي سمعت في إحداها رجل أعمال شهير يزجر متسولاً بعد أن ضايقه في المناسبة الخاصة وطارده إلي أن ركب عربته الفارهة وهو (يشحد) فيه بإلحاح شديد ولم يتمكن رجل الأعمال من مغادرة باحة الصالة الخرطومية إلا بعد أن دفع له مبلغ ( 50 ) جنية فعاد المتسول إلي داخل الصالة وهو يسيء لمن احسن له مواصلاً تسوله باصطياد رجل أعمال آخر بلا حياء أو خجل وأمام الملأ : ( دا رجل أعمال يدو تقيلة ).
وبالمقابل نجد أن هنالك أناس عفيفين يقضون يومهم دون أن يمدوا ايديهم إلي رجال الأعمال والمحسنين بل يعتمدون علي أنفسهم رغماً عن الظروف الإقتصادية القاهرة التي يعيشونها بشكل يومي.. فهم يذهبون لاصحاب المحلات التجارية للاقتراض منهم ولا يمدون يدهم إلي الآخرين فالدين بالنسبة لهم أكرم بكثير من التسول.

النيلين
ع.ش

[/JUSTIFY]
Exit mobile version