قطعا لا أحد يدعو إلى الحرب بين البلدين الجارين، ولكننا ندعو إلى المدافعة والمناجزة القوية لاستعادة الحق المسلوب.. إن السودان يجب أن لا يحاكم بجريرة المجرمين الذين حاولوا اغتيال حسني مبارك ولم ينجحوا مثلما نجحوا في فصل الجنوب لكي يحققوا النقاء العرقي والديني والثقافي.
الأمل يبدو ضعيفا جدا في وصول البلدين إلي حل سلمي للنزاع لسبب جوهري، هو رفض مصر بصورة متعنتة الحديث حول تبعية المثلث باعتباره أرضا مصرية لا يسمح بالنقاش حولها أي طرف أجنبي.. كذلك ترفض مصر بصورة أكثر تعنتا فكرة التحكيم الدولي، وينشأ سؤال مهم هنا هو إذا كانت مصر واثقة من ملكيتها للمثلث فلماذا لا تقبل التحكيم حلا للإشكال مع دولة كانت تصفها حتى الأمس القريب بأنها دولة شقيقة يسكنها شعب شقيق. سماح السلطات المصرية لإعلامها الرسمي بالتفلت في حق الشعب السوداني ومهاترته ببذاءة مقيتة هو تصرف سلبي ومضر بمحاولات التسوية والتهدئة، الجانب السوداني الرسمي ظل حتى الآن أكثر اتزانا وأكثر تعقلا في طرح الخلاف الحدودي.. أقصى ما بلغه مسؤول سوداني من نقد للتجاوزات الإعلامية المصرية هو وصف وزير الخارجية السوداني مسلك الإعلام المصري بالمسلك المهرج، ودعوته لمصر لضبط سلوك إعلامها حفاظا على الوشائج المتينة التي تربط البلدين والشعبين، مسارات هذه القضية الحساسة تبدو ضيقة وغير جالبة للتفاؤل.. يزيد من صعوبة الوصول إلى حلول سريعة أن المثلث موضع النزاع غني بالثروات الكامنة من ذهب وبترول ومعادن وثروة سمكية.. ولن يهون على أي طرف التنازل عنه.. لعلها خسارة فادحة أن نرى الشعبين اللذين كانا يبشران بالوحدة الاندماجية، أن نراهما يتعاركان حول ملكية بضع كيلومترات من الأرض.. رحم الله الأزهري ومحمد نور اللذين كادا يبيعان شعبنا في سوق النخاسة السياسية بغفلتهما السياسية التي كادت أن تلحق السودان بتاج الملك فاروق لاعتقادهما أن ذلك العمل هو عمل وطني.. صحيح أنها لا تعمي الأبصار، ولكن تعمي القلوب التي في الصدور.
المصدر: الشرق القطرية
بقلم: د. علي حمد إبراهيم
ع.ش