عماد الدين حسين: علينا ألا نفقد السودان خصوصا أننا مقبلون على حرب دبلوماسية مع إثيوبيا بسبب سد النهضة

حدودنا الغربية مع ليبيا فى أسوأ حالاتها بفعل تهريب الأسلحة والمتطرفين كل لحظة، وحدودنا فى سيناء تتعرض لأخطر عمليات الإرهابيين وتآمر الصهاينة. والسؤال: هل نجازف ونحول حدودنا الجنوبية مع السودان إلى «بؤرة توتر» ؟!.

المؤكد أن علاقات البلدين تأثرت بعد ثورة 30 يونيو لأن جزءا مهما وفاعلا فى الحكومة السودانية مع جماعة الإخوان بحكم الأفكار المشتركة. لكن لو أن كل دولة قطعت علاقتها مع الدول التى تختلف معها عقائديا لحارب العالم بعضه البعض من دون توقف. ولذلك فإن أول زيارة لوزير الخارجية نبيل فهمى للخارج عقب توليه منصبه كانت إلى السودان.

وضعنا الإقليمى والدولى ليس مريحا، ولذلك فليكن أحد أهدافنا تحسين العلاقة مع السودان لأسباب كثيرة أهمها ألا نحوله إلى قاعدة انطلاق للمتطرفين بعد أن خسرنا ليبيا تقريبا.

مساء السبت الماضى لبيت دعوة كريمة من السفير السودانى بالقاهرة الحسن أحمد الحسين العربى وذهبت لمنزله بالمعادى ترحيبا بالسفير المصرى الجديد فى الخرطوم أسامة شلتوت. الروح كانت طيبة والأجواء ودية والرغبة فى تجاوز الماضى واضحة. المسئولون السودانيون يقولون إن المشاكل بين البلدين موجودة فى الإعلام المصرى فقط، لكنها ايجابية على أرض الواقع.

ربما كان جزء من هذا الأمر صحيحا، لكن الإعلام لا يختلق وقائع غير موجودة، فهروب بعض قيادات الإخوان عبر السودان ليس من اختراع الإعلام، ويرد السودانيون أنه حتى لو تم فانه يكون من وراء ظهر السلطات، وان وزير الدفاع السودانى زار القاهرة منذ أسابيع والتقى بالمشير السيسى عندما كان وزيرا للدفاع وطلب منه تكوين قوة أمنية مشتركة لحماية الحدود وهو ما يثبت حسن نية الخرطوم.

ليس من مصلحة البلدين أن يخسرا بعضهما البعض وبالتالى فإن افتتاح الطريق البرى بينهما ينبغى أن يتم فى أسرع وقت بعد أن تم تأجيل افتتاحه مرات كثيرة لأسباب معظمها سياسية وأمنية وأقلها فنية. آخر مشكلة كانت تعترض الافتتاح أن الخرطوم أقامت البوابة السودانية داخل الحدود المصرية بعشرة أمتار وهو ما تم إثباته عبر خبراء المساحة فى البلدين وبعدها تم تفكيك البوابة وإرجاعها الأمتار العشرة، ويفترض أن يتم الافتتاح فى 15 يوليو المقبل فى عهد الرئيس المصرى الجديد.

السفير شلتوت الذى سافر للخرطوم خلال أيام يراهن على دفع العلاقات للأمام خصوصا أنه يعرف السودان جيدا بحكم أنه عمل هناك لثلاث سنوات، والسفير السودانى الحسن أحمد الحسين لديه نفس الشعور. وطبيعة علاقات البلدين يفترض أنها ضد التباعد والتنافر بالنظر إلى الجوار التاريخى ومياه النيل والعروبة والإسلام. ثم إن عدد السودانيين فى مصر يتراوح ما بين اثنين إلى ثلاثة ملايين شخص شاملين مواطنى الجنوب واستثمارات مصرية متزايدة فى السودان وإن كانت حركة التجارة بين البلدين ضعيفة حتى الآن.

علينا ألا نفقد السودان خصوصا أننا مقبلون على حرب دبلوماسية مع إثيوبيا بسبب سد النهضة ودور السودان محورى وهناك ايضا ملف عودتنا إلى الاتحاد الأفريقى.

أحد المشاكل الجوهرية فى العلاقات المصرية السودانية منذ عام 1956 أنها لا تعرف الحلول الوسط بل تتأرجح بين تكامل تام أو تنافر شديد، وحان الوقت لبناء علاقة مصالح حقيقية تستند إلى المصالح وإذا كنا عالجنا أزمة الأمتار العشرة على الحدود، فما الذى بقى عالقا يمنع انطلاق العلاقات للأمام؟!.

عماد الدين حسين
صحيفة الشروق

Exit mobile version