أبو عركي البخيت.. من بين تضاعيف العمامة وخاتم سليمان تأتي الأغنيات

[JUSTIFY]حين كانت الإذاعة حُلماً، وطريقاً وحيداً للشهرة والذيوع، وحين كان الموهوبون يأتونها من كل فج عميق، كانت (ود مدني) ترفد (نهر) الغناء الهدّار حينها بمن أخذوا بيد الأغنية السودانية إلى طرق ما كانت لتطرقها فكان الكاشف، عوض الجاك، الخير عثمان، محجوب عثمان، رمضان حسن، رمضان زايد، محمد مسكين، محمد الأمين، وإلى آخر القائمة.
وبين كل هؤلاء كان صوت عميق وذكي و(مسنود) بأدائية عالية، وقريحة فذة، إنه صوت (أبو عركي البخيت)، الذي اتفق عليه جُل (السمِّيعة) أن صوت الفتى وطريقة أدائه كانتا ملفتتين.
فوتوغرافيا
وحين نقرأ الصورة الفوتوغرافية الماثلة، يبدو الرجل في العمامة المفلوفة بعناية على رأس موّار بالإبداع قريباً من أهل (التصوف)، وكأنه حين يضع يسراه المزينة بخاتم على يمناه المقبوضة ويسند عليهما أسفل وجهة المرسوم بعناية فائقة على هيئة (بيضاوية) يشكلها اقتران اللحيّة والشارب، يبدو أقرب إلى (المفكرين) منهم إلى المطربين.
والخاتم كأنه خاتم (النبي سليمان)، يأتي إليه بالأغنيات الساحرة، “بوعدك يا ذاتي يا أقرب قريبة/ بكرة أهديك دبلة الحب والخطوبة/ أي حاجة تزعلك حالا أسيبا”، فـ (وعد) كانت (فاتحة) الأعراس، و(استهلال) المشاوير الفنيّة لكل المطربين من الجيل اللاحق لعركي.
السيمفونية الخامسة
والرجل حين يبدو (ساهماً) في الصورة، وكأنه مستغرقاً في لحن، تنقبض المسافة ما بين عينيه وتتقلص، وتصغر، فتبدوان كأنهما مغضمتان على (السيمفونية) الخامسة لـ (بيتهوفن)، التي ما تستمع إليها حتى تنتابك رغبة في (الهروب)، في التمر على السائد، وكما تمرد عركي في الفتوغرافيا الماثلة على الـ (فل سوت)، فقد تمرد الغناء التقليدي، فهو أحد أهم المطربين الذين أعلنوا (ثورة) ناعمة على سائد الغناء، فكان له في الشاعر (سعد الدين إبراهيم) رفقة حسنة، فغنيا “عن حبيبتي أنا حأحكي ليكم/ ضل ضفايرا ملتقانا/ شدُّوا أوتار الضلوع”.
وهكذا في ظلال ضفائر الحبيبة وأوتار الضلوع مشدودة لا زال جهوره ينتظره بحب، بينما لا يزال عركي (رهين) محبسه متمرداً صلباً على إعلام الحكومة، لكنه لين رفيق مع جمهوره في الحفلات العامة.
ثم ، قال جمهوره – إنهم الآن ينتظرون أوبته. فهل يطول انتظارهم؟

صحيفة اليو التالي
أ.ع

[/JUSTIFY]
Exit mobile version