مسرح القتال في الجنوب.. الاشتعال يقتـرب من آبار النفط

[JUSTIFY]المشهد السياسي في جنوب السودان لا يزال سابحاً في الغموض، وربما لا تستطيع أشطر(وداعية) بأن تتكهن بما يسوق الأوضاع ليوم غد ناهيك عن المستقبل.

توقيع اتفاق يتم خرقه قبل أن يجف المداد الذي كتب به، الاتهامات والاتهامات المتبادلة تملأ الدنيا والناطقون الرسميون لطرفي النزاع يواصلون معركة الكلام في حين أن المعارك على الأرض لا تزال تتواصل في كل من ولايتي الوحدة وأعالي النيل، الكل ينفي ويقول إنه في وضعية الدفاع عن النفس وليس الهجوم. أما المدهش هو أن الناطق الرسمي لوفد التفاوض التابع لرياك مشار في أديس يشير الى أن المفاوضات لن تتأثر بالمعارك التي تدور حول بانتيو وملكال بالوحدة.

وكان يوهانس موسس يريد أن يقول إن التفاوض يمضي باتجاه وجثث الموتى تدفن في الاتجاه الآخر.

على كل حال فإن ثمة كاركاتير نشرته احدى مواقع التواصل الاجتماعي التي تضم عدداً من جنوبيي المهجر، والذي جاء معبرًا عن ما جرى من لقاء بين الفريق سلفاكير رئيس دولة الجنوب ونائبه السابق د. رياك، حيث بدا الطرفان وكأن هناك يداً تدفع سلفاكير من الخلف للتقدم نحو مشار بينما تدفع يد أخرى د. مشار من ظهره للتقدم خطوة نحو سلفا ويحاول مشار التمترس على الأرض وكأنه اقترب من حفرة كبيرة يراد فيها هلاكه.

ولكن الغريب في هذه التصريحات التي نشرها موقع (شينبو ريبورتز) والتي نقل فيها اعترافات خطيرة للرئيس سلفاكير التي أفاد فيها بأن توقيعه على اتفاق وقف إطلاق النار مع غريمه مشار جاء نتيجة لضغوط وأن يده كانت (ملوية) بتهديدات رئيس الوزارء الأثيوبي هايلى ديسالين، ومضى سلفا بالقول: (إن ديسالين قال له بعد أن عاد من غرفة مشار، جنرال سلفا إذا ما وقعت على الاتفاق مع مشار لن تخرج من أديس)، وصف سلفا الأجواء حينها بالمتوترة وقال إن ديسالين كان غاضباً وحال بيني وبين مشار لحظة المصافحة حيث قال لهم (تتصافحان على ماذا انتم تقتلون الأبرياء من أهلكم).

وقال التقرير الذي نشره الموقع إن سلفاكير أفاد بأن أديس أبابا لن تكون محل ثقة للتفاوض في مقبل الأيام.

وتركت هذه التصريحات الصادرة من الرئيس سلفا استفهامات خجولة في كونه الرئيس كأنه يتحدث عن لقاء في الغابة مع مشار وليس في عاصمة لدولة تمثل الآن العاصمة الإفريقية الأولى في حلحلة أزمات المنطقة.

على كل حال فإن تداعيات تلك المعلومات تمثل نقطة تحول كبيرة في الصراع الدائر في جنوب السودان وربما تشكل حلقة فارغة في المستقبل إذا ما ألحت (الإيقاد) على حل الأزمة عبر بوابة أديس أبابا.

وتشير اتهامات سابقة لحكومة الجنوب إلى أن إثيوبيا تدعم قوات التمرد معنويًا خاصة أن أراضيها في منقطة (قمبيلا) تضم عناصر كبيرة من المتمردين الذين اتخذوا من المنطقة حلقة وصل ما بين الميدان ومركز التفاوض في العاصمة أديس أبابا.
على كل حال فإن حديث سلفاكير بمثابة دق أسفين في عملية التفاوض خاصة مع تزايد اشتعال حدة المعارك في ولايات الوحدة وأعالي النيل.

في غضون ذلك تشير المعلومات الى أن تحركات حثيثة تجريها الولايات المتحدة الأمريكية بشأن إنقاذ الوضع هناك، وأفادت المصادر (الصيحة) بأن منظمات المجتمع المدني اجتمعت أمس بالسفارة الأمريكية بالعاصمة جوبا وبحثت معها مخرجات المرحلة المقبلة، وكيفية التوصل الى حكومة انتقالية ربما لا يكون فيها سلفاكير أو رياك مشار.

وبرز اتجاه آخر في أن مجموعة باقان ربما تدخل المعمعة هذه الأيام من أوسع أبوابها خاصة بعد أن كثر الحديث عن زهد المواطن الجنوبى في كل من سلفاكير ورياك مشار.

ويرى البعض أن باقان ومجموعته ربما تكون المؤهلة لالتقاط القفاز من من تسببوا في هلاك الجنوب.

وكشف مصدر مطلع أن مجموعة باقان أموم هي الأخرى ربما تعلن اليوم أو غدًا عن كيان سياسي جديد تدخل فيه اللعبة السياسية كطرف ثالث في مسرح الأزمة.

وما يؤكد صحة هذا الاتجاه بدخول باقان كوسيط بين الطرفين تصريحاته التي أدلى بها أمس لـ (اسكاي نيوز) حيث دعا باقان الأمين العام السابق للحركة الشعبية الى احترام رغبة شعب الجنوب وأعطائه الفرصة في العيش في أمن واستقرار.

ووصف باقان اتفاق سلفا مشار بأنه يمثل خارطة طريق للحوار الوطني ومن ثم التوافق على فترة انتقالية واقرار دستور وطني يحترم التعدد الإثني والعرقي وتعزيز الديمقراطية التي غابت عن الجنوب عقب الانفصال.

باقان سيطرح نفسه رجل المرحلة المقبلة بديلاً لكل من سلفا ومشار، ويتوقع أن يلعب على حبل الإثنيات والديمقراطية وحقوق الإنسان والانتهاكات التي طالت قبائل الدينكا والنوير. حظوظ باقان قد تكون متوفرة لكونه من قبيلة الشلك وهي القبيلة التي لم تدخل في الصراع، إضافة الى حظوظه في علاقاته بالمجتمع الدولي وتدعمه خبرته الطويلة في الصراع السياسي أثناء تطبيق اتفاق السلام الشامل.

أما ما يختص بالأوضاع في الميدان فإن الأزمة تمضي في اتجاه خطير وتتزايد تعقيداتها كلما تقدمت عقارب الساعة.
وكشف لول رواي الناطق الرسمي لجيش المعارضة أن القوات اليوغندية وحركة العدل والمساواة لا تزال تمثل حجر عثرة لهدوء الأوضاع على الأرض.

وأبلغ لوال (الصيحة) أمس، بأنهم يقاتلون في ثلاث جبهات إضافة الى دخول قوات قطاع الشمال جناح النيل الأزرق لصفوف الجيش الشعبي الأسبوع الماضي. وأبان بالقول إنه لا أحد يستطيع أن يضمن توقف العنف في الجنوب ما لم تنسحب هذه القوات جميعها إلى بلادها.

وقالت مصادر مطلعة لـ (الصيحة) من الميدان إن المعارك تدور طوال يوم أمس بالقرب من حقول النفط الأمر الذي يهدد بانهيار الأوضاع الأمنية في جنوب السودان.

ويشير جيمس كيداني صحافي بصحيفة المصير الصادرة في جوبا، الى أن الأوضاع قد لا تصل الى هذه المرحلة مشيرا الى أن الأطراف أدركت تمامًا أن الحرب هي ليست الحل للأزمة لذا يرفض كيداني في حديثه (للصيحة) اتجاه الأزمة نحو الفوضى ويستبعد تماماً استهداف أي من الأطراف لمناطق النفط وقالك (الحرب مكثت في الجنوب، أربعة أشهر وهي تدور على مقربة من آبار النفط متوقعاً أن تكون أطراف النزاع أكثر عقلانية والنظر إلى أن النفط هو ملك لشعب الجنوب وليس القيادات السياسية التي أوردت شعبها مورد الهلاك.

خلاصة القول تتجلى فى مطالبة الأمم المتحدة أمس، بإنشاء محكمة خاصة (بمشاركة دولية) للتحقيق في الفظائع التي ارتكبت في جنوب السودان، وقال الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، في تصريحات له إن الجنوب طالته فظائع وارتكاب جرائم من قبل الطرفين، وعليه يجب أن يحاسب الجناة على مبادئ القانون الدولي الإنساني.

هذه الإشارة ربما تفيد بأن المتجمع الدولي لا يرغب في عودة بقاء مشار او سلفاكير، وإنما يبحث في طريق ثالث يأخذ بيد شعب الجنوب إلى بر الأمان بعدما فشلت النخب في تحقيق ذلك.

صحيفة الصيحة
خالد فرح
ت.إ[/JUSTIFY]

Exit mobile version