وفي رأيي الخاص، أن توطين العلاج من السُّبل الميسورة لمعالجة كثيرٍ من أوجه المضاغطات الاقتصادية، إن أحسنا استخدام كوادرنا الطبية المؤهلة، وعملنا على جلب أحدث المعدات والأجهزة الطبية، لنتمكن من توطين العلاج في البلاد. لأنّ الذين يغادرون السودان بحثاً عن الطِّبابة والعلاج في عدد من بلدان العالم، يضطرون إلى استنزاف عملات صعبة في تحقيق مبتغاهم من العلاج. إذا أمعنا النظر في هذا الأمر، نجد أن المريضة لا يقتصر في سفره على نفسه، ولا يحسب تكلفة علاجه فحسب، بل أن يدبر عملات صعبة لعلاجه، من حيث تسفاره وإقامته، وفاتورة علاجه، أضف إلى ذلك أنه ينبغي عليه أن يحسب تكلفة رفقته
من الأسرة، وحتى من بعض الأصدقاء سفراً وإقامةً، وما بينهما من مصروفات ومشتريات.
أكبرُ الظنِّ عندي، أن المتأملَ في خارطة العلاج الخارجي، يجد أن استنزاف العملات الصعبة وإهدارها يتم ليس بأنه غير مطمئن لأطباء السودان، لكنه يتعلل بأن مستشفيات السودان ينقصها الكثير من المعدات والأجهزة الطبية الحديثة، إلى جانب نقصان مريع في ذهنه عن الكوادر الطبية المساعدة، من ممرضين وفنيي تخدير وفنيي معامل وغيرهم، لذلك هو في حَيْرة من أمره، إذ لا مناص من اللجوء إلى مستشفيات ومراكز طِبابة في بعض مدن العالم، كعمان والقاهرة وجدة والرياض ودُبي، ومن يجد سعةً في طلب العلاج الخارجي بوفرةٍ في العملات الصعبة، يتجه إلى لندن وباريس ..الخ. فهكذا نُبدد عملات صعبة نحن في أمسِّ الحاجة إليها إن أحسنّا تحسين ظروف العمل الطبي في السودان، والتركيز على تدريب الأطباء والكوادر الطبية المساعدة، إضافةً إلى الحصول على تكنولوجيا المعدات والأجهزة الطبية الحديثة.
وأحسبُ أن قضية توطين العلاج، لم تجد أذناً صاغيةً، ولن تتصدر فقه أولوياتنا، على الرغم من أنها إحدى أهم معالجات المُضاغطات الاقتصادية التي تواجه البلاد، فمن هنا نناشد الجميع، مسؤولين ومنظومات طبية وأطباء اختصاصيين، ووسائط صحافية وإعلامية، في البحث عن كيفية العمل على أن تتصدر قضية التوطين همومنا، باعتبارها من عوامل تخفيف أعباء المُضاغطات الاقتصادية بتوفير العملات الصعبة.
أخلصُ إلى أن قرار الأخ الرئيس عمر البشير، بإجراء عملية تغيير مفصل الركبة التي أجراها النطاسي البارع والطبيب المقتدر الأخ الصديق الدكتور شرف الدين الجزولي، استشاري جراحة العظام ونائب مدير عام مستشفى شرق النيل، تحت إشراف فريق طبي سوداني في مستشفى رويال كير بالخرطوم يوم الأحد الماضي، جاء تأكيداً على قناعة مؤسسة الرئاسة، وعلى رأسها الأخ الرئيس عمر البشير شخصياً أن توطين العلاج يستهدف توفير العملات الصعبة، إضافة إلى تأكيد مقدرة الطبيب السوداني في توفير هذا العلاج الذي كان يشد له الرحال إلى الخارج. كما أنها رسالة للجميع بأنه من الضّروري أن يكون هنالك توجهاً في البلاد للتأسيس الحقيقي لما نسعى إليه جميعاً من توطين العلاج. أعلم أن الأخ الرئيس عمر البشير، كان يرغب في إجراء العملية الجراحية بمستشفى شرق النيل، تحت إشراف الأخ الدكتور شرف الدين الجزولي، وصحبه ومن الأطباء البارعين مثل الأخ الصديق عمر عكود استشاري جراحة العظام وغيرهم، ولكن دواعي الأمن استدعت أن تتم هذه العملية الجراحية في مستشفى غير مستشفى شرق النيل. وجلستُ مع عدد من استشاريي جراحة العظام، والأخ حاتم مدير الشؤون المالية في مستشفى شرق النيل، حيث تباحث الجميع في كيفية تطوير جناح خاص لعمليات جراحة العظام، والعمل على تطوير ذاكم الجناح لتكتمل في أسباب الأمن وضمان السلامة. ومن المأمول أن يجري الأخ الرئيس عمر البشير عملية تغيير مفصل الركبة الأخرى بعد أن يتماثل للشفاء، ومن ثم التفكير في إجرائها بمستشفى شرق النيل، إذا زالت الموانع التي فيها.
وأحسبُ أننا في الوسائط الإعلامية والصحافية إذا حرصنا أن نؤدي دورنا الرسالي المتعلق بتشكيل رأيٍّ عامٍ حول توطين العلاج بالسودان، علينا أن نستشهد بالعملية الجراحية للأخ الرئيس عمر البشير نموذجاً صادقاً، ومثالاً واقعاً لإمكانية تحقيق طموحاتنا في توطين العلاج في السودان. ونحن في دعوتنا إلى أهمية أن تتصدر قضية توطين العلاج نريد أن نبدأ بأنفسنا، وبالمقتدرين لتدعيم التوجه إليه وحتى لا نأمر الناس بالبر وننسى أنفسنا.
ولنستذكر في هذا الخصوص، قول الله تعالى: “أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ”.
وقول الشاعر العربي أبي الطيب أحمد بن الحسين المعروف المتنبيء:
ومَن يِجِدُ الطَرِيقَ إلى المعَالِي فَلا يَذَرُ المطَيَّ بِلا سَنامِ
ولم أرَ في عُيوبِ الناس شَيئًا كنَقصِ القادِرِينَ على التَّمامِ
صحيفة التغيير
ع.ش