سنكون اعدنا اكتشاف العجلة اذا قلنا إن السودان مستهدف من جهات عدة . سنكون غضضنا الطرف عن الحقيقة اذا لم نقل إن ما يحدث في السودان الآن ما هو الا تنفيذ لسيناريو خارجي ولكن علينا في ذات الوقت أن نضع في الاعتبار أن عالم اليوم يقوم على الصراع ولا شيء غير الصراع فبالتالي اي دولة فيه مستهدفة من جهات متعددة بما في ذلك امريكا نفسها فانها تقول انها مستهدفة من الجماعات الاصولية ومن القاعدة حتى اسرائيل التي تستهدفنا في السودان كما صرح وزير امنها ليفي يختر تدعي انها اكثر دول العالم عرضة للاستهداف وتصور نفسها على انها جزيرة في محيط عدائي.
اذا ايقنا أن كل العالم عبارة عن هدافين ومستهدفين يبقى السؤال من الذي يستهدفك انت كدولة؟ وفيم يستهدفك؟ وما هي آليات استهدافه؟ وما هي قدراتك انت لمواجهة هذا الاستهداف؟ وكيف وظفت هذه القدرات؟ ثم ما هي نتيجة هذا الصراع ؟ هل حقق الهداف اهدافه ام نجحت مقاومتك لاستهدافه ؟ بعيدا عن التنظير دعونا نقف عند سوداننا الحديث الذي نشأ نتيجة استهداف خارجي في 1821 مع محمد علي باشا ثم نجحت المقاومة المهدية وعاد الاستهداف على يد كتشنر ثم نجحت المقاومة المدنية فكان الاستقلال 1956 ثم تغيرت طبيعة الاستهداف وآلياته فكان التحدي والاستجابة بما شكل سياسة السودان الداخلية والخارجية المليئة بالاخفاقات مع قليل من النجاحات.
لنقفز بحدوتة الاستهداف الى يومنا هذا يوم ام روابة واب كرشولة، فما ذكره النائب الاول من انه استهداف خارجي لتمزيق ما تبقى من السودان متفق عليه ولكن استبعاده للبعد العنصري يحتاج الى وقفة لأن الهداف استغل هذا البعد العنصري فما حدث في ام روابة غير الذي حدث في ابو كرشولة وكذا ردة الفعل الاولية الشعبية والحكومية. لقد اصبحت العنصرية هي الشباك الذي يطل منه المستهدِف بكسر الدال- على الداخل وكل السودان وقع في هذا الفخ بالطبع لم ينس هذا المستهدف ادواته القديمة من غبن تنموي وقهر سياسي وتهميش ثقافي فكلها موجودة وفاعلة.
إن مقاومة الاستهدف الخارجي ليس بتبصير الشعب به فالشعب على الاقل في كتلتة الحيوية الفاعلة مدرك لهذا الاستهداف وابعاده كلها انما المقاومة لهذا الاستهداف تبدأ وتنتهي بإغلاق النوافذ التي يطل منها وهذا ما يمكن تسميته تحصين الجبهة الداخلية بإزالة الاحتقان والاستقطاب الداخلي بالمشاركة السياسية بالتنمية المتوازنة وهذا يبدأ بإقامة دولة القانون والحكم الراشد ومحاربة الفساد وازالة المظالم والتجرد لخدمة الوطن.
إن الاستهداف الخارجي يمكن أن يتحول الى نعمة اذا عرفنا اهدافه وآلياته ومنافذه ثم عملنا على مقاومته مقاومة علمية وهذا يبدأ بالقراءة الواعية لاهداف المستهدف والمقاومة العلمية والعملية فكرا بفكر وسياسة بسياسة وسلاحا بسلاح واغلاق المنافذ المشار اليها اعلاه وبهذا يكتسب الوطن المناعة فكل ما لا يقتل يقوي والمقاومة المدروسة تكسب آليات التطور فتتحقق النهضة الشاملة وتصبح الفاعلية والايجابية طابع الحياة في البلاد. ما اكثر بلاد العالم التي كان الاستهداف والحرب المفروضة عليها سلمها للنهوض والارتقاء؟ وما اكثر بلاد العالم التي افناها مرضها الداخلي؟
[/JUSTIFY]
حاطب ليل- السوداني
[email] aalbony@yahoo.com[/email]