/
** وتقريباً، ما حدث – ويحدث – بشمال كردفان قد يُعيد ذاك التساؤل المشروع .. منذ غزو أم روابة و أبوكرشولا، صارت الأبيض مزاراً للولاة و السواد الأعظم من الساسة وقيادات المنظمات والجمعيات الطلابية والشبابية ..على سبيل المثال، تأبط والي الجزيرة كل وزراء حكومته، وذهب بهم إلى ما أسماها بخطوط القتال الأمامية ..وهكذا فعل والي القضارف أيضاً.. و..الأمثلة كثيرة، والقاسم المشترك في كل وفود التنطع هو (الإعلام)..نعم، يحبون الإعلام حباً جماً، إذ يجب على المذياع بث هتافهم من (الخطوط الأمامية)..وكذلك على التلفاز أن يظهرهم – بالكاكي والبوت والعصاية – من (الخطوط الأمامية)..أما الصحف، فالصفحات التسجيلية ومساحات الأخبار يجب أن تضج بتصريحاتهم الصادرة من (الخطوط الأمامية)..وهكذا، صار الحدث برنامجاً لمن لابرنامج له ..!!
** فالتمرد على النظام في السودان ليس بمساحة أبوكرشولا، بل يمتد هذا التمرد من النيل الأزرق مروراً بدارفور ثم أخيراً جنوب وشمال كردفان .. وكثيرة هي المناطق التي غزتها قوات التمرد ، وكذلك كثيرة هي المناطق التي تحت سيطرتها بدارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان..وما أكثر أوجاع النزوح بدارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان ..وعليه، يبقى السؤال : أين كان ضجيج هؤلاء عندما إستولت الحركات على تلك المناطق؟.. بالبلدي كده : ما الذي منع بأن تكون منطقة وادي هور بدارفور مزاراً لهؤلاء عندما إستولت عليها الحركات ؟..ولماذا لم يذهبوا – بإعلامهم – إلى ضواحي أم هاجرية وأم قونجة وجبل مرة ولبدو وغيرها من المنسيات، بحيث يعكس التلفاز قوافلهم والمذياع هتافهم والصحف صورهم؟..أي، ما هي المعايير التي بها صارت ضواحى أبوكرشولا خطوطاً أمامية جاذبة للولاة و(الوفد المطبل لهم)؟.. فلندع دارفور والنيل الأزرق.. بل، حتى بكردفان، الإستيلاء على كاودا سبق الإستيلاء على أبوكرشولا بعام ونيف، ومع ذلك لم تخرج وفود التنطع – والإعلام المطبل لها – بقوافلها وصخبها في سبيل كاودا ، أو كما الحال اليوم ..!!
** المهم..ما يحدث منذ غزو أم روابة وأبوكرشولا يطرح في الأذهان ذاك السؤال المشروع، أي (باقي المناطق ما حقتكم؟، مؤجرنها مثلا؟)، وأعنى المناطق التي سبقت أبوكرشولا بأعوام وأشهر في مثل هذا الحدث ..ليست من الحكمة السياسية أن يتظاهر البعض لحد إظهار أن سلطة الحكومة أو الأرض السودانية تبدأ ب (أبوكرشولا)، وتنتهي عندها، ولذلك يسمونها بالخطوط الأمامية التي تستحق (الخزعبلات السياسية)..وللأسف، حتى التلفزيون الذي كان غارقاً في بحور الأغاني والمسلسلات، تحول – فجأة كدة – بعد غزو أم روابة وأبوكرشولا إلى (شئ آخر)، وكأن غزو مناطق دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان لايستدعي ذاك (الشئ الآخر)..تأملوا الصخب التلفزيوني المسمى بإستنفار القوافل، بحيث تطاحن أبناء البلد في أقاصي دارفور لايُفسد على الخارطة البرامجية (أغاني وأغاني)، ولكن تطاحنهم في كردفان يُبعث في تلك الخارطة ( في ساحات الفداء).. إنهم لايعدلون حتى ( في التنطع) ..!!
** المهم..أبوكرشولا رقعة جغرافية في أرض البلد، وحالها الراهن لايختلف عن أحوال كاودا ومناطق جبل مرة ووادي هور وغيرها من الأمكنة التي تتواجد فيها قوات الجبهة الثورية منذ سنوات وأشهر.. وآجلاً أوعاجلا ستزول الغمة وتعود الحياة في أبوكرشولا إلى طبيعتها، فليس هناك من داع لهذا (الكوراك)..وكما يقاتل الجيش بهدوء، فعلى الساسة أن يعملوا بهدوء أيضاً..فليعملوا من أجل السلام والحرية والعدالة، ليرتاح الجيش والناس والبلد..نعم، إخراج قوات التمرد من أبوكرشولا لايعنى نهاية الحرب، فأوجدوا للحرب (نهاية عادلة)، بدلا عن التمادي في (إشعال أسبابها) ..أما الذين يتوافدون إلى ضواحى أبوكرشولا بغير رغبة في القتال، أى بغرض (شوفوني أنا في الخطوط الأمامية)، فليسخروا أوقاتهم وطاقاتهم في عمل شئ ينفع أهل السودان، بدلا عن ( إزعاجهم )..!!
إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]