ورغم أحداث الولاية الموجعة.. ونوم واليها عما يدور داخل مكتبه.. (ونوم)
مجلسه التشريعي عن ذلك.. إلا أن فرحتي بهذه (البنت) الشاطرة.. كانت طاغية..
(بنت) قاومت ظروف أسرتها البسيطة.. وظروف مرضها إبان الامتحانات.. ونجحت نجاحاً باهراً.. كانت (الأولى) وتقدمت ركب الناجحين نحو المستقبل.. فمثلها هم (الأمل) الذي نعتمد عليه.. ونعتد به.. في زمان (القبح) الذي انتشر وكاد يغرق طوفانه الجميع..!!
(بنت).. لم تعرف الدروس الخصوصية.. ولا البيرجر.. والهامبورجر.. ولا الهوت دوق.. ولا العصير أبو مصاصة.. لا تحمل في جيوبها.. ولا حقيبتها.. حق (التحلية).. كانت حلاوتها أن تقرأ بإصرار.. وأن تنجح بتفوق.. وقد فعلت..!!
(أبوها) البسيط.. سوداني أصيل.. بائع خضار على عربته الخشبية.. ودابته (الأصيلة) التي تعرف دروب السوق في أحياء كرري المجاورة..
في سماته العامة تجد الفخر والإعزاز بمهنته وصلابة مواقفه ضد عاديات
الزمان.. حتى أخرج فتيات أكملن تعليمهن الجامعي.. وصغراهن (هند) التي تفوقت على أقرانها.. في زمان بئيس لسودان كان كبيراً ذات يوم..
(ولولاية) كانت نظيفة جداً.. قبل ذلك اليوم.. وذلك الشهر وتلك السنة..!!
(بت العربجي).. هي من الجيل القادم.. إن شاء الله وبقوة.. نحو المستقبل.. جيل سيقود هذه البلاد نحو آفاق أرحب.. ويجد لها مكاناً
تحت شمس الحرية وتحت (الضوء) الذي سيبدد (الظلام).. ظلام هناك حيث يختفي (لصوص) السياسة.. الذين أثروا على حساب شعب طيب.. باستغلال بشع ظنوه استقلالاً.. وباسم (دين) هو منهم براء..
(بت العربجي) وأقرانها.. هم الأمل الذي سيخلصنا من الذين نهبوا الأراضي الزراعية.. والسكنية.. من أصحابها بدعوى القداسة.. ووزعوا على الناس البسطاء (نظراتهم) الحالمة.. وتلك الأكف التي كانت ترفع تجاه السماء.. وظنوها (الفاتحة).. وهي أيدٍ مرفوعة (فقط) لطلب المزيد من خيرات أرض.. وشعب..!!
(بت العربجي).. التي خرجت للنجاح الباهر.. من شقاء أبيها.. وكدِّه وتعبه.. وسهره وسند والدتها الشفوقة على بناتها.. وحتى من حرص (دابتهم) القوية والتي بفضل الله كانت تساعد على تلبية متطلبات الأسرة.. هذه البنت وأقرانها وكل جيلها.. نريدهم عنواناً صارخاً.. وصادقاً لجيل المحاسبة والعدالة.. لكل هذا التاريخ القذر الذي نعيشه الآن.. من نهب منظم لثروات أمة.. وخيرات شعب وأجيال.. وكما نكرر بدعوى القداسة تارة.. وبدعوى المشروع الحضاري تارة أخرى.. هي في مجملها مشاريع تدعو للسخرية.. من واقع الحال الذي نعيشه!
ولذلك فرحت.. وكانت فرحتي طاغية.. لأن المستقبل بخير إن شاء الله.. وبلادنا بألف خير.. ما دام هناك آباء مكافحون.. يضربون الصخر من أجل الرزق الحلال.. واللقمة الحلال لأبناء يعرفون.. ويقدرون جهد آبائهم.. لا تهمهم أخبار السياسة ولا أحاديث الساسة (الكذوب).. ولا يهمهم من هرول تجاه شارع المطار.. أو من ركض في شارع القصر تجاه البيت الأبيض الكبير.. الذي من دخله كان ذو سلطة وثروة.. وكأن ملوك الطوائف هؤلاء..
لم تكفهم أراضي المساكين من الأتباع.. ولا حتى (هبات) الحكم الثنائي..؟!
.. ومن جاء بعدهم إلى اليوم.. لم تكفهم أموال البترول.. والذهب (وستارة) الاستثمار.. والأراضي حول العاصمة.. والمدن القريبة.. والبعيدة.. واستثمارات لآلئ الخليج.. وجنوب شرق آسيا.. ويقول بعضهم تركيا.. أما (الولد الشقي) فتكفيه عاصمة الضباب.. وما أدراك ما عاصمة الضباب؟!!
ولله العظيم.. (يا بت العرجبي).. البلد بلدكم.. وأنتم أسيادا.
وألف مبروك.. وما تبقى في السودان.. أمانة بين أيادي جيلكم..؟
صحيفة الجريدة
ع.ش