* كر وفر
حسناً، عطفاً على أحداث الحادي عشر من مارس الدامية، فقد انتقد بعض الناشطين السلوك البربري في أعرق الجامعات السودانيّة، وهي التي انخرطت قبل عدّة أيام من الأحداث في لملمة أطراف ورعاية حوار وطني شامل حول قضايا البلاد، في وقت يعجز خلاله طلابها عن استخدام ذات اللغة، ويختارون العنف بديلاً.
عودٌ على بدء، فقد أدت عمليات الكر والفر يومها إلى مقتل الطالب علي أبكر موسى، الذي يدرس في المستوى الثالث بكلية الاقتصاد، وقال شهود عيان إن مجهولاً يرتدي زياً مدنياً قام بإطلاق النار تجاه الطلاب داخل الحرم الجامعي، وبعدها وصل النبأ الحزين إلى أسرة الشهيد علي أبكر في منطقة (مركندي) التابعة لمحلية (عدالفرسان)، بولاية جنوب دارفور، والتي كانت تحلم بأن ابنها الذي بذلت الغالي والنفيس من أجل تعليمه سيصبح ذا شأن بعد تخرجه فيها، لكن رصاصة الغدر والخيانة بددت أحلام الأسرة المكلومة.
* بلاغات وتعليق للدراسة
الأحداث الدامية كانت قد دفعت مجلس عمداء جامعة الخرطوم إلى تعليق الدراسة لأجل غير مسمى، وقرر المجلس في اجتماعه الذي عقده في وقت متأخر من مساء نفس اليوم تشكيل لجنة لتقصي الحقائق حول الأحداث، وأعلن إدانته ورفضه للعنف بكافة أشكاله، وأكد رفضه القاطع لإدخال واستخدام السلاح داخل الحرم الجامعي، وأشار بيان مجلس العمداء إلى أن إدارة الجامعة فتحت بلاغاً بالقسم الشمالي بالخرطوم بالرقمين (3055) و(3056) تحت المادتين (130) و(139) من القانون الجنائي.
* تبادل اتهامات
بضعة أسابيع انقضت قبل أن تستأنف الدراسة مؤخراً، ومنذ أن فتحت الجامعة أبوابها كان الاعتصام المفتوح، هو العنوان السياسي الأبرز، الذي تجري تحت جسوره مياه الأحداث، إذ طالب المعتصمون بمعرفة الحقائق في مقتل الطالب علي أبكر، فيما رفض آخرون الانخراط فيه، ما أدّى إلى تجدّد أحداث العنف، التي تطوّرت إلى احتكاكات في مجمع الوسط نجم عنها إصابة عدد من الطلاب العزل. واتهم المعتصمون رصفاءهم من منسوبي المؤتمر الوطني باقتحام الحرم الجامعي، وضرب الطلاب وإهانتهم في مجمع الوسط وشمبات، الأمر الذي أدّى إلى جرح العشرات، فيما يدفع طلاب الحزب الحاكم بأنّ طلابهم هم المصابون.
* جامعة حرّة أو لا جامعة
إلى ذلك أوصت اللجنة المشتركة بين أساتذة وطلاب جامعة الخرطوم من خلال مؤتمر صحفي عقدته ظهر أمس (السبت) بـ”طيبة برس”، بإغلاق جميع كليات الجامعة، بلا استثناء، وقطعت بأن الإغلاق الجزئي لا يمثل حلاً، وطالبت باستئناف الدراسة بعد حل جميع المشاكل التي تقود إلى عدم استقرار الجامعة، وأشارت اللجنة إلى أنّ توصيتها جاءت لإعطاء اللجان فرصة لتنفيذ القرارات، وطالبت اللجنة بضرورة نشر نتائج لجنة التحقيق في مقتل الطالب علي أبكر، وتصفية ما سمتها بوحدات التربية الجهادية بالجامعة، وسيطرة إدارة الجامعة على مسجد الجامعة، كما قالت، مثلما طالبت بإعادة اتحاد طلاب جامعة الخرطوم، وأعلنت اللجنة تبنيها شعار (جامعة حرّة أو لا جامعة). وفي السياق وصف البروفيسور عبدالرحيم السيد كرار، رئيس اللجنة، خلال المؤتمر الصحفي المشار إليه الجامعة بأنها “في محنة”.
* بؤر للعنف
من جهته ذهب الدكتور محمد يوسف أحمد المصطفى، عضو اللجنة إلى تأكيد وجود بؤر للعنف في مسجد الجامعة، وغرف في إدارة الجامعة تتبع لوحدة التربية الجهادية، وطالب بنشر الحقائق عن مقتل الطالب علي أبكر. ولم يقف يوسف عند هذا الحد، بل مضى إلى أبعد من ذلك، حينما انتقد قرار مجلس العمداء، الذي قرر فتح وإغلاق كليات الجامعة بشكل جزئي، واعتبره لم يحل المشكلة وإنّما سيحدث مزيداً من التعقيدات، وشدد على ضرورة إغلاق جميع كليات الجامعة.
وفي ذات الاتجاه اتهم الطالب عوض عابدون، عضو اللجنة، طلاب الوطني بإثارة العنف الذي شهدته الجامعة، وشدد على ضرورة تقديم الجناة للعدالة، وكشف عن حرق (13) غرفة بداخلية شمبات، وجرح العشرات من الطلاب في مجمع الوسط وشمبات، وجدّد رفض الطلاب لإغلاق الجامعة بشكل جزئي، وطالب بإغلاق جميع الكليات، وأعلن مقاطعة الطلاب للامتحانات، وتابع: “سنرفض قيام الامتحانات قبل انتهاء المقررات”، وطالب بحلول جذرية للمشكلة القائمة.
* موقف أكثر حزماً
في الأثناء، طالب تجمع أساتذة جامعة الخرطوم إطلاع الطلاب على مسار قضية التحقيقات في مقتل الطالب علي أبكر، وشدد بيان صادر عن التجمع تحصلت (اليوم التالي) على نسخة منه على ضرورة إزالة بؤر العنف والإرهاب الكائنة بالجامعة، وأكد التجمع رفضه لقرار مجلس العمداء الخاص بإغلاق مجمع شمبات وإنهاء الدراسة بكليات الهندسة والمعمار والعلوم ومدرستي العلوم الإدارية والرياضية، ووصف القرار بأنه لن يجلب الاستقرار للجامعة، واستهجن البيان وأدان بقوة السلوك الإجرامي والهمجي الذي قامت به عناصر العنف والتخريب والإرهاب التي اعتدت على الأساتذة، واقتحمت مكاتبهم، وحطمت محتوياتها، وطالب إدارة الجامعة بموقف أكثر مسؤولية وحزم تجاه هذه العناصر.
صحيفة اليوم التالي
أ.ع