التصريح في مضمونه العام يشير إلى الرفض، لكن من خلال تصريحات مشابهة لقديت تبدو هنا الرؤية أقرب لرؤية الفريق جورج أطور، الذي رفض كثيراً مسألة الاستيعاب من جديد، وظل يقاتل بالميدان حتى تم اغتياله وفق اتفاق مفخخ بإعادة الانتخابات في ولاية جونقلي. بعض الجنوبيين يرون أن الاتفاق يمهِّد الطريق لإعادة السلام لدولة الجنوب، غير أن آخرين يرون أن ترشيح باقان اموم على رأس حكومة انتقالية، لن يقبل به النوير أو الدينكا وربما يقود لصدامات دموية جديدة. سر الحكومة تسعة خبراء أمريكيين أشرفوا بصفة مباشرة على ترتيب نقاط الاتفاق الذي وقعه سلفا كير ومشار، والذي شمل ثلاث نقاط رئيسة وأخرى فرعية. النقاط الرئيسة حوت وقف إطلاق النار، والحكومة الانتقالية، والانتخابات، ثم تلتها نقاط فرعية تشمل صياغة دستور جديد، وتنظيم القوات المسلحة والأمن والشرطة، والخدمة المدنية. الاتفاق وحسبما كشفت مصادر جنوبية لـ«الإنتباهة» قام بإعداده تسعة خبراء في الشؤون الجنوبية بوزارة الخارجية الأمريكية، وشرع هولاء الخبراء في إعداد الاتفاق منذ منتصف مارس الماضي، وعرض في منتصف أبريل على سلفا كير ومشار، ووافق عليه الطرفان مع إبداء عدد من الملاحظات حول طريقة تشكيل الحكومة الانتقالية، التي تركت للطرفين لتحديد آلياتها. لكن في المقابل وبحسب المصادر فإن الآلية التي اقترحها سلفا كير ومشار، تتفق في عدد من النقاط وتختلف في نقاط أخرى، وأوضحت أن الآلية الأولية تقترح تسمية أحد الأشخاص من مجموعة الأربعة، التي تضم باقان اموم، ووياي دينق، ومجاك اكود، والسفير جاتكوث. فيما تقترح أيضاً تسمية شخصين من المجموعة التي يطلق عليها مجموعة السبعة، وظهر اسمان هما جون لوك وكوستى مانيبي. تسمية باقان كشفت المصادر عن أن المقترح الأمريكي يدعم بشدة تسمية الأمين العام السابق باقان اموم، الذي أقاله الرئيس سلفا كير، رئيساً انتقالياً لدولة جنوب السودان لمدة سنتين أو «15» شهراً، لحين انعقاد الانتخابات العامة. وكشف مسؤول كبير بجناح المعارضة، عن رفض كبير لقادة المعارضة لتسمية باقان. بيد أن الطرف الآخر ووفق ما قاله مسؤول بجوبا، فإن الرئيس لا يعارض تسمية باقان، لكنه لم يرفض أو يؤيِّد ذلك المقترح. سلفا كير غاضب أظهر الرئيس سلفا كير، غضبه خلال كلمة مشار عقب مراسم التوقيع. وقال رداً على مشار إن الأولوية الآن هي عودة الاستقرار والتنمية في الجنوب، وليس الحديث عمن قام بالانقلاب. حالة الغضب التي انتابت سلفا كير من حديث مشار، مردها أن الرئيس نقل لوسطاء ايقاد أن إطلاق سراح المتهمين في المحاولة الانقلابية قفل باب الحديث حولها تماماً، ويبدو أن هذه هي الأسباب التي أدت إلى غضبه أثناء رده على حديث مشار حول المحاولة الانقلابية. بينما قال زعيم المعارضة رياك مشار في كلمة خلال توقيع اتفاق السلام، إنه جاء إلى أديس أبابا بعد تلقيه الدعوة من ايقاد. وأوضح أنه لم يكن يعلم أنه جاء للتفاوض مع سلفا كير وإنما جاء لأمر بسيط. مشيراً إلى أنه لم يأت بأجندة واضحة، لكنه قبل التحدي وقبل بالتوقيع على الاتفاق. وقال مشار إن جنوب السودان ظل ينزف لخمسة أشهر. ونفى مشار قيامه ومجموعته بانقلاب قائلاً إنه « لم يسع إلى ذلك». وقال مشار موجهاً كلامه لسلفا كير إنه «ملتزم بإيجاد حل سياسي للأزمة في جنوب السودان». واعتبر أن الاتفاق جيد في محتواه، وهو خارطة طريق جيدة لحل مشكلات جنوب السودان. من جانبه، قال رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت إنه لم يأت إلى أثيوبيا للدفاع عن موقفه كما ذهب مشار. وأوضح أنه التزم بعدم العودة إلى الحرب في جنوب السودان بعد الانفصال، مؤكداً التزامه بتوقيع الاتفاق بدون ابطاء، ولكنه قال إنه يخشى أن يقوم الطرف الآخر بانتهاك الاتفاق. وقال سلفا كير، الذي كان يتحدث بلغة حزينة وغاضبة بعض الشيء «أنا مستعد لطي الصفحة الدموية من تاريخ بلادي ويجب توقف القتال فوراً». خطاب إيقاد معالي سلفاكير ميارديت، رئيس حكومة جمهورية جنوب السودان، والدكتور رياك مشار، نائب الرئيس السابق لجمهورية جنوب السودان وزعيم الحركة الشعبية في المعارضة، اجتمعا في أديس أبابا اليوم «الجمعة» ووقِّعت اتفاقية تاريخية لوضع حد فوري للنزاع في البلاد. وكان اللقاء الذي قام بتسهيله سعادة هايلي مريام ديسالين رئيس وزراء جمهورية أثيوبيا الديمقراطية الاتحادية، ورئيس جمعية إيقاد، الاجتماع الأول وجهاً لوجه بين الزعيمين منذ اندلاع النزاع في جنوب السودان في 15 كانون الأول العام 2014. ويتضمن الاتفاق الالتزام بوقف فوري للقتال في غضون «24» ساعة، من توقيع و تجديد الولاء لاتفاق وقف الأعمال العدائية التي وقعت يوم 23 يناير العام 2014 في أديس أبابا. التزم الزعيمان أيضاً على تجميد القوات في مواقعها الحالية والامتناع عن القيام بأي عمل استفزازي أو حركة القتالية حتى يتم الاتفاق على وقف إطلاق النار الدائم. والتزموا بالمزيد من التعاون غير المشروط مع التفعيل الكامل لرصد إيقاد و آلية التحقق( MVM )، وكذلك لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى جميع السكان المتضررين من النزاع . بالإضافة إلى ذلك، اتفقوا على العمل معاً لدفع البلاد إلى الأمام من خلال إنشاء حكومة انتقالية للوحدة الوطنية من خلال عملية سلام شاملة من شأنها أن تشمل اثنين من المفاوضين « GRSS والحركة الشعبية / A » في المعارضة «، وكذلك الحركة الشعبية قادة « المعتقلون السابقون» ، والأحزاب السياسية والمجتمع المدني و الزعماء الدينيين.
سيتم تكليف حكومة انتقالية للوحدة الوطنية للإشراف على مهام الحكومة خلال الفترة الانتقالية، وتنفيذ إصلاحات حاسمة كما تم التفاوض بشأنه من خلال عملية السلام، الإشراف على العملية الدستورية الدائمة وتوجيه البلاد لانتخابات جديدة. وسيتم التفاوض على شروط الحكومة الانتقالية من خلال عملية السلام التي تقودها إيقاد. كما أن الزعيمين عقدا اجتماع متابعة في شهر واحد تحت رعاية الإيقاد.
ويمثل الاتفاق انفراجة في عملية الوساطة التي تقودها إيقاد، و يتوقع تنشيط وتسريع المفاوضات في أديس أبابا. تجهم الوجوه ظهر الزعيمان الجنوبيان إبان مراسم التوقيع، بملامح متجهمة طوال الفترة التي تلت التوقيع وبعدها، ولم يظهر أي منهما ملامح السعادة وتصافحا في الطريق لقاعة الاجتماع الرئيسة للتوقيع. سلفا كير بوصفه رئيساً دخل أولاً ومن ثم مشار، وإن كانت الفترة الزمنية بسيطة للغاية بين وصول الطرفين، وطوال النهار أظهر رئيس الوزراء الأثيوبي هايلي مريام، قدرة عالية في تنسيق المواقف بين الرجلين، وعقب إقناع سلفا كير بأهمية مقابلة مشار والتوقيع، انخرط مريام في اجتماع مع مشار أقنعه بأهمية الاتفاق والتوقيع. أيضاً لعب مريام دوراً كبيراً في إقناع الرجلين بالاتفاق الذي كاد أن يتحول إلى الفشل، عقب اشتراطات وضعها كل طرف للتوقيع. خفايا وأسرار طرفا النزاع رفضا التوقيع على اتفاق نهائي برقابة دولية لوقف إطلاق النار، وطالبا بآليات محددة لضمان التوقيع وإنجاح الاتفاق. حيث كان الكثيرون يترقبون التوقيع على اتفاق شامل ونهائي لوقف إطلاق النار. رئيس الوزراء الأثيوبي فضَّل الجلوس في وسط المنصة بين الطرفين، حيث جلس مشار على يمين المنصة والرئيس سلفا كير على شمالها، مشار في كلمته قال إنه لم يأت بأجندة، وقبِل التحدي وقام بالتوقيع. نقاط الاتفاق 1- إنهاء الهجمات من الجانبين
2- تشكيل حكومة انتقالية شاملة
3- صياغة الدستور الانتقالي.
4- الدعوة إلى انتخابات جديدة وحديثة. «لن أتفاوض» قال الفريق بيتر قديت القائد الميداني بقوات المعارضة، إنه لن يقبل بوضع السلاح واستيعاب آخر في الجيش الشعبي وفق اتفاق سلفا كير ومشار. وأوضح قديت لـ«الإنتباهة» أمس، أن الاتفاق لم يأت كاملاً ليضع حداً للمواجهات بين الطرفين. وقال «لن أقبل باتفاقية بوضع السلاح أو استيعاب تاني».
صحيفة الإنتباهة
هيثم عثمان
ع.ش