بداية سجلنا زيارة لمنزل الأستاذ السني الضوي بالصافية بحري أنا وزميلتي عائشة الزاكي، زرناه في نهار مشمس دون مواعيد مسبقة معه، وطرقنا الباب ورحبت بنا زوجته الأستاذة عواطف أحمد التي قابلتنا بكل بشاشة، بعد جلوسنا بدقائق أتى الأستاذ السني الضوي قادماً من الإذاعة ومعه الفنان بحراوي، وعلمنا منهما أنهما قاما بتسجيل عدة أغنيات للإذاعة، قام بتلحينها الأستاذ السني للفنان بحراوي. تحدثنا قليلاً مع الأستاذ السني خوفاً على صحته، وواصلنا بقية الحديث مع زوجته الأستاذة عواطف.
أول أغنية لحّنها «مين قساك»
قال الأستاذ السني الضوي في حديثه «الإنتباهة»، بدأت كملحن ولحنت للعديد من الفنانين، وربطتني علاقة قوية ومميزة مع إبراهيم أبودية، فهو من منطقتنا نوري، وقد تغني لوحده قبل أن نشكل الثلاثي، «وأول أغنية ظهرنا بيها للجمهور هي أغنية «ما سالتم يوم علينا»، وبعد وفاة محمد الحويج توقفنا، وشجعنا الأستاذ عثمان حسين على مواصلة الغناء كثنائي ونجحنا بحمد الله.
وتدخل الفنان أحمد بحراوي في الحديث وقال، إن الأستاذ السني ملحن متفرد لا يلحن أي قصيدة غير مقتنع بها، وقد خلق تواصلاً جميلاً مع الجيل الحالي، مع التومات ورائد ميرغني، وفيصل الصحافة، وصباح عبدالله، وهاني السراج وغيرهم، ومعي في «13» عملاً. وتواصل رفيقة دربه وشريكته في الألحان الأستاذة عواطف أحمد، وقالت إنها تزوجت من الأستاذ السني في عام 1960م، تزوجته ومعه عوده. و قبل ذهابه للعمل كان يمسك العود ويعزف، وحكى لي أنه عندما كان طفلاً في المدرسة «كان يوفر قروش الفطور لكي يشتري عود، واشترى عود وقتها بي «50» قرشاً» فعاقبه أخوه الأكبر، ونزعه منه وأهداه لزميل له، وأول تجربة له في مجال التلحين كانت بتلحين ثلاث مقطوعات موسيقية بالعود، أطلق على واحدة منها اسم عواطف، وذهب بها إلى الإذاعة وتم قبولها من الأستاذ برعي محمد دفع الله، بعدها عرض عليه محجوب سراج أن يكون ملحناً ولحن له «أغنية مين قساك»التي استغرق لحنها منه دقائق معدودة «وغناها لي وضحكت وقلت ليه عايز تبقى فنان، وسألني لمن نعطي الأغنية وبحكم إعجابي بصوت الفنان إبراهيم عوض قلت له نعطيها للفنان إبراهيم عوض وأبلغ محجوب سراج بذلك ووافق وصادف يوم غناها عيد ميلاد ابنتنا الكبرى».
استمروا سنتين كثلاثي
وتواصل عواطف حديثها عن السني وتقول لديه وحي وإلهام غير عادي في التلحين وأحياناً يمسك القصيدة في الورقة ويقراها ملحنة، وليس لديه وقت معين للتلحين وما حصل شفتو يوم انزعج من تلحين أغنية أو استصعبت عليه، متى ما جاءه اللحن يلحن. وتعامل مع العديد من الفنانين بداية مع إبراهيم عوض وبعده صلاح بن البادية ومنى الخير «غبت عني مالك» وأماني مراد «بلقى الدنيا فرحة» وعبد العزيز المبارك «ليه يا قلبي»، وغيرهم من الفنانين.
وتواصل عواطف حديثها أنهم لم يستمروا كثلاثي لفترة طويلة، كانت فترة سنتين لأن الحويج انتقل إلى جوار ربه، وبعد وفاته توقفا فترة، وتدخل طلعت فريد وغيره لإقناعهما للغناء كثنائي، وواصلا بعدها مسيرتهما وشكلا ثنائية جميلة مع الشاعر الدكتورعلي شبيكة، ومعظم أغنيات ثنائي العاصمة من كلمات علي شبيكة وألحان السني الضوي.
صاغ لحن «191» أغنية
السني صاغ لحن «191» أغنية وكلها أغنيات شهيرة وناجحة وله «87» أغنية مسجلة بالإذاعة، ومن أصدقائه من الفنانين الفنان صلاح مصطفى، ومحمد ميرغني، وعثمان حسين، وإبراهيم عوض، وغيرهم.
وعن تربيته لأبنائه تقول، إن عمله لم يكن على حساب تربيته لأبنائه وهو صديق لهم، وكذلك حاسم في تربيته ولدينا خمسة أبناء ولدان وثلاث بنات، اثنان منهم مهندسان، واثنان محاميان والصغرى دكتورة بجامعة بحري. وعن تأثر الأبناء به كفنان قالت، هالة الابنة الكبرى صوتها جميل، وكان يصطحبها معه ومحمد يعزف اورغن وكذلك أحمد. وقد تعامل مع تومات خيري وأحضرهما له والدهما محمد خيري عليه رحمة الله واعطاهما العديد من الأغنيات منها، «ياريت بدالك اكون انا» من كلمات علي شبيكة، وقتها كان والدهما مريضاً وعندما تغنتا بها بكينا جميعاً.وقالت إنه تقاعد للمعاش في العام 2002م بوظيفة مدير حسابات في مكتب كهرباء امدرمان، ولم يشغله الفن عن مواصلة عمله، وتختم الأستاذة عواطف حديثها بأنه لم يجد الاهتمام من الدولة، وقد جاء اهتمامهم متأخراً بتكريمه في الأيام المقبلة، ولديه الكثير من الاعمال الملحنة التي تنتظر الاصوات الجادة التي تتغنى بها، وقد تعامل مع الفنان بحراوي في أكثر من «13» عملاً.
ثنائية مع علي شبيكة
ما أن يذكر ثنائي العاصمة إلا وذكر الدكتور علي شبيكة، والثنائية المتفردة التي جمعته بهما، فعظم أغنيات ثنائي العاصمة من كلماته وألحان السني الضوي ومن كلماته «لما ترجع بالسلامة_ والله وحدوا بينا_ دنيا الريد غريبة _ عارفني بريدو_ سكة السفر وحاة الريد_ راحو الحنان_ امرك ياحلو – طول مفارق حيو _ يانا الزمان ياناس » وغيرها من الأغنيات.
السني موسيقار مجدد
الشاعر الكبير عبدالقادر أبوشورة قال في مطلع حديثه لـ«الإنتباهة»، إن علاقته بثلاثي العاصمة بدأت كمعجب بأغنياتهم، من خلال الاعمال التي قدومها وعن بداية ثلاثي العاصمة يقول إن الفنان إبراهيم أبودية في بدايته، كان يغني للفنان عثمان حسين و احضر قصيدة للسني ليقوم بتلحينها له، ومحمد الحويج كان يغني غناءً خاص به، وكان السني يردد في لحن القصيدة لأبودية،وردد معهما محمد الحويج وكان في الجلسة الأستاذ محمد وردي وعثمان حسين ومنى الخير، وأثنوا على أصواتهم وقالوا لهم غنوا مع بعض ومن هنا ولد ثلاثي العاصمة، وقد غنى ثلاثي العاصمة في بداياتهم، لمبارك المغربي وسيف الدين الدسوقي ومحمد يوسف موسى، واستمروا كثلاثي إلى وفاة الحويج، وبعدها أصبحا ثنائي العاصمة وبعد وفاة أبودية توقف السني عن الغناء ورجع مثل السابق ملحناً، ويواصل أبوشورة حديثه ان الاستاذ السني الضوي بدأ كملحن، ولحن لكبار الفنانين وكان زميل الشاعر محجوب سراج في الهيئة المركزية للكهرباء، وبحكم الصلة التي جمعتهما لحن له اكثر من ستة أعمال منها «مين قساك _ليه بتسأل عني تاني _ قاصدني ما خليني، ولحن له الجرح الابيض- وعواطف- وأول حب وآخر حب- ولحن كذلك للفنان سيف الدين الدسوقي «ما سالتم يوم علينا» واغنية اخرى، وتعامل معي في تلحين اغنية «عاطفة وحنان يا ناس» في السبعينيات، وهذه الاغنية لها قصة طريفة، كان من المفترض ان يتغنى بها ثنائي العاصمة، ولكن عندما سمعها الفنان محمد ميرغني اعجب بها جداً واستأذن السني ان يأخذها منهما، وقال له السني« لو عجبتك شيلها طوالي» وعوضتها لهم باغنية« طفولي الملامح ما قادرين نصارح بس ياريت عيونك لما تمر تصابح» والاغنية مسجلة بالاذاعة والسني الضوي موسيقار مجدد.
كتبت له أغنية وحياة المحبة
رئيس اتحاد شعراء الأغنية السودانية الشاعر المرهف محمد يوسف موسى، صاحب أغنية «كلمة» التي يتغنى بها صلاح بن البادية، كانت له كلمة لـ«الإنتباهة» في حق ثنائي العاصمة، وقال كنت أسمع بالملحن السني الضوي قبل أن أراه، من خلال الاعمال التي قدمها للفنان الراحل إبراهيم عوض بدءاً باغنية «مين قساك _ليه بتسأل عني تاني » ثم من خلال تعاونه مع الفنان صلاح بن البادية في اغنية «اغلى حب_ والجرح الابيض» كلها من كلمات الشاعر محجوب سراج، وبحكم عملهما في شركة الكهرباء. بعد ذلك قدمت اغنية «وحياة المحبة» للفنان الصحفي محمد الحويج لينشرها لي في مجلة الإذاعة، ووصلت القصيدة الى السني الضوي بواسطة محمد الحويج، وعلمت أن الاغنية سيقدمها ثلاثي العاصمة واستمعت لها في لقاء أجراه المذيع الراحل أحمد الزبير في برنامجه «أشكال وألوان» الذي كان يقدمه صباح كل جمعة بالاذاعة السودانية وكانت المرة الاولى التي عرفت فيها ان ثلاثي العاصمة مكون من محمد الحويج والسني الضوي وابودية وقدم الثلاثي أربع اغنيات هي «فريد الحسن» لمبارك المغربي، ثم اغنية «حيرتا قلبي معاك» محجوب سراج، و«وحياة المحبة» وأغنية «ما سألتم يوم علينا» لسيف الدين الدسوقي، بعد ذلك التقيت به في عدد من الأعمال صاغ لي لحن اغنية «عابر سبيل» للفنانة اماني مراد ثم تغنيا كثنائي العاصمة لي باغنية «وين حنانك» واغنية «وحياة المحبة» تغنى بها ثلاثي العاصمة في العام 1964م قبل ان يتم تسجيلها رسمياً في الاذاعة في عام 1965م وهي من أوائل الاغنيات التي سجلت بالاذاعة ولحن كذلك للفنان رائد ميرغني اغنيتان سجلتا مؤخراً بالاذاعة.
منطقة الشايقية أكسبته الألحان
ويواصل الاستاذ محمد يوسف موسى حديثه عن السني الضوي ويقول، له لونية خاصة في التلحين، ترجع الى نشأته ومولده بالولاية الشمالية، منطقة الشايقية والتي تزخر باللالحان الجميلة، وقد ظهر السني في وقت به ملحنين كبار أمثال برعي محمد دفع الله، وعلاء الدين حمزة، وخليل احمد، وغيرهم لكنه استطاع ان يشق طريقه بيسر ولا يذكر ثنائي العاصمة الا ويذكر الشاعر الدكتور علي شبيكة، الذي شكل معهما ثنائية رائعة وقد تغنى لي ثنائي العاصمة، قبل ان يغنيا لعلي شبيكة، بالرغم من معرفة السني السابقة به، حتى الاغنيات التي سجلت كثلاثي تم تحويلها الى ثنائي العاصمة ويؤكد الاستاذ محمد يوسف ان هناك اعمالاً اخرى قام الاستاذ السني بتلحينها له، وان الالحان مستمرة بينهم كاستمرار العلاقة المتينة التي ربطته به.
الحويج بدأ مع عثمان حسين
الشاعر مختار دفع الله قال في حديثه لـ«الإنتباهة» إن ثلاثي العاصمة السني الضوي ومحمد الحويج وإبراهيم ابودية شكلوا ثنائية مع الدكتور علي شبيكة، وتعامل الثلاثي مع مبارك المغربي ومحمد يوسف موسى. والاستاذ السني الضوي واحد من مبدعي الهيئة القومية للكهرباء التي ضمت المبدعين «عبيد الطيب، ومحمد علي جبارة، وابو قطاطي، ومحجوب سراج، وعلاء الدين حمزة» وقد بدأ محمد الحويج في ثنائية مع الفنان الراحل عثمان حسين، لم تأخذ وقتاً طويلاً، بأغنية «كلمة منك حلوة» ثم انضم الى ثنائي العاصمة ليصبح ثلاثي العاصمة، والاستاذ السني الضوي تعامل أخيراً مع تومات خيري إيمان وأماني، وفي ختام حديثه قال الاستاذ مختار دفع الله، إن هناك لجنة عليا لتكريم السني الضوي، وقد تم إنتاج فيلم وثائقي عنه، شاركتُ بمداخلة فيه، وهو عمل ضخم سيكون في مطلع يونيو المقبل.
الحديث يطول ويمتد عن ثنائي العاصمة ولا تتسع هذه السانحة لهما. ولإكمال هذه المادة التوثيقية عن ثنائي العاصمة اتصلنا بالأستاذ محمد ميرغني فوجدناه مريضاً وممنوع من التحدث بالهاتف، ندعو له بالشفاء العاجل وكذلك للدكتور الشاعر علي شبيكة، شاعر ثنائي العاصمة الذي علمنا أنه خارج السودان.
توثيق:
أفراح تاج الختم:الانتباهة