تعليم «عالي» هناك وهابط هنا

تعليم «عالي» هناك وهابط هنا
[JUSTIFY] ما زالت وزارات التعليم العالي في العالم العربي شديدة التمسك بأنماط التعليم التقليدية، ولم أسمع بجامعة عربية تستخدم الوسائط المتعددة «مالتي ميديا»، كأداة أساسية للتعليم، وفي المقابل نجد في بلد مثل الولايات المتحدة التي تنفق المليارات على التعليم العالي والبحث العلمي، جامعات ذات شنة ورنة، معروفة مجتمعة باسم «آيفي ليق eugaeL yvI» ومن بينها هارفارد قد جذبت ببرنامج تعليمي يقوم على الشبكة العنكبوتية 800 ألف طالب (هذه الإحصائية حتى نهاية مارس المنصرم من العام الجاري، 2013).. هذا البرنامج اسمه «إيدكس XdE» وتشترك فيه أيضا جامعة بيركلي ومعهد ماساشوستس للعلوم (اسمه يسبب التهاب اللوزتين ولكن الحصول على شهادة من هذا المعهد أصعب من أن تضطر إلى استئصال اللوزتين بالكماشة من دون بنج بواسطة حلاق.. في بلدتي بدين في شمال السودان كان عمنا المرحوم سعيد تبِد -كلمة نوبية تعني الحدّاد- هو اختصاصي الأسنان وبالتحديد خلع الأسنان المتآكلة، واستئصال أو معالجة اللوز الملتهبة.. الغريب في الأمر أن ولده محمد كان «مساعدا طبيا» مؤهلا ومرخصا من قبل وزارة الصحة ولكن الناس كانوا يثقون بسعيد أكثر من ولده الدكتور!).. ويقدم البرنامج محاضرات مسجلة بالفيديو عبر الانترنت مسنودة بمكتبة رقمية ضخمة، مع خاصية التواصل مع المحاضرين وبين الدارسين/ الطلاب: يا جماعة الخير أنا عندي مشكلة في الزفت اللي اسمه إحصاء في مادة كذا وكذا، فهل من فاعل خير يشرح لي الأمر؟ وتنهمر عليه الردود ويتبادل الطلاب المعلومات والقفشات، وهذا ممدد على سريره واللابتوب في حجره، وذاك جالس على طاولة الطعام يأكل بيد ويتصفح النت باليد الأخرى.
وقرر البريطانيون أن الأمريكان «مو أحسن منا» وسيطرحون عبر الجامعة المفتوحة في سبتمبر المقبل برنامج فيوتشر ليرن nrael-erutuF بمشاركة جامعات خمس نجوم من بينها بريستول وكنغز كولدج (لندن) وسنت أندروز، ويقدم البرنامج دورات دراسية معترف بها في تخصصات مختلفة أونلاين أي عبر الإنترنت، وكما هو الحال في الولايات المتحدة على الطالب أن يكمل الدورات التعليمية في مواعيد معلومة وأن يجلس للامتحانات إما على النت (بأسلوب لا يسمح بالغش أو الاستعانة بصديق بالطريقة الجورج قرداحية)، أو في إحدى جامعات البلد الذي يقيم فيه، ويخضع الطالب للتقييم المنهجي من خلال اختبارات تحريرية وشفهية، وجميع الدورات الدراسية التي تتلقاها بهذه الطريقة معترف بها في الجامعات البريطانية والأمريكية كساعات مكتسبة (إذا قررت أن تواصل تعليمك بالنظام التقليدي السائد حاليا).. وتستطيع ان تكتفي بشهادة أو دبلوم في مادة معينة، مما يجعل هذا النهج مختلفا عن الدراسة من بعد gninrael ecnatsid أجمل ما في الموضوع أن التسجيل في برنامج فيوتشر ليرن والحصول على الشهادات بعد النجاح في الامتحانات بمبلغ قدره «بح».. يعني ببلاش.. مجانا.
والطفرة الحقيقية الوحيدة التي حصلت في بعض جامعاتنا هي ان الأساتذة توقفوا عن استخدام الطباشير والسبورة السوداء وصاروا يستخدمون أقلام «الماستر» والألواح البيضاء الممغنطة.. والكارثة الحقيقية هي أن أولياء أمور الطلاب عندنا يعتبرون الشهادة الجامعية «كماليات» للفشخرة مثل ماركة وموديل السيارة، وبالتالي لا يهمهم ما إذا كان مصدر الشهادة جامعة أوكسفورد أم جامعة مانشستر يونايتد.. لا أحد معنيّ بمحتوى ونوعية المناهج ولا مخرجات المدارس والجامعات، ولهذا تجد في كل موقع عمل أميين مسلحين بلقب «دكتور» بينما «ديك- تور» كثيرة على الواحد منهم.
[/JUSTIFY]

جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]

Exit mobile version