} لو لم يكن سيد “مبارك” قد تيقن عبر مصادر معلومات (محلية)، و(دولية) و(إقليمية) أن ما ابتدره الرئيس “البشير” من دعوة للحوار الوطني وإطلاق الحريات السياسية والإعلامية، هو خيار (حقيقي)، لا مراوغة فيه، ولا (دوران)، لما عاد للخرطوم في هذا التوقيت بالذات.
} في رأيي أن عودة “مبارك” لا علاقة لها مما يحدث في حزب الأمة القومي من خلافات وتجاذبات بين زعيم الحزب وتيار (تجديدي) تمرد على القيادة، فقد كان مبارك نفسه أول المتمردين على السيد “الصادق المهدي”، فلا جديد في هذا المضمار، الجديد أن الساحة السياسية كلها مقبلة على عهد لا يشبه سابقه، وأن (مولوداً) بدأت تتشكل ملامحه بعد أن اكتملت مراحل تخلقه في رحم فكرة (التغيير) الشامل، ولهذا وذاك لابد أن يكون “مبارك الفاضل” بطموحه المعلوم حاضراً في عين الحدث، منتظراً ساعة (المخاض)!!
} والفرق بين “مبارك” وقيادات (تحالف المعارضة) أنهم متكلسون متكاسلون، يحدثون أنفسهم والناس بـ(الثورة) و(اقتلاع) النظام من جذوره، بينما هم لا يفعلون شيئاً لتحقيق مشروع (الاقتلاع) أو (الإسقاط) غير الحديث على الميكرفونات وعلى صفحات جرايدنا الفقيرة!! بينما يتفاعل “مبارك” مع كل حدث، ويغير وجهة بوصلته بيده، فإن قالت (شمالاً)، وهو يرى حصاده (جنوباً)، اتجه جنوباً!!
} (الديناميكية) هي ما تميز “مبارك”، رجل لا يهدأ له بال، ولا يهمد له نفس..!!
} غير أن سيد “مبارك” فشل، بلا شك، في (قيادة) حزب (الإصلاح والتجديد) المنقسم على الإمام “الصادق” وحزبه الكبير، بسياسة حاذقة وحكمة جامعة فتفرق مساعدوه ومعاونوه، بمن فيهم (سكرتيره الخاص)، أيدي سبأ، فصار “مسار” رئيساً لحزب، و”نهار” كذلك، و”الزهاوي” و”الصادق الهادي المهدي” وآخرون، وخرج شباب كان فاعلاً معه من لدن الزميل الصحفي “صلاح الدين عووضة” الذي (آب) لاحقاً إلى “سيد صادق”، ثم انقلب عليه مرة أخرى، وإلى الأخ “حسن إسماعيل” أحد أبرز كوادر حزب الأمة بجامعة الخرطوم نهاية تسعينيات القرن المنصرم والذي تحول (كاتباً) راتباً بالصحف اليومية، مطلقاً (السيدين)..”الصادق” و”مبارك”، وغيرهم آخرون كُثر ساروا على المنوال ذاته!!
} تجربة مبارك في (إدارة) حزب (الأمة الإصلاح) تحتاج منه شخصياً لا من آخرين، إلى مراجعة وإمعان نظر.. تأمل وتدبر، لا مكابرة ومزايدة وتحميل المسؤولية لـ(المؤتمر الوطني) وحده عن ذاك الفشل.
} بالمقابل، فإن عودة “مبارك” تعتبر إضافة موجبة لفاعلية الشيخ “الترابي” الدافعة لحركة (المائدة المستديرة).
} وفي الطريق “ياسر عرمان”.. لا نستطيع غير أن نرحب به كسوداني من حقه أن يدير نشاطاً سياسياً لصالح الوطن الواحد الموحد الذي لا يعرف (مركزاً) ولا (هامشاً)، ولا (عرباً) ولا (زرقة)، ولا غيرها من تباينات عزفت عليها (الحركة الشعبية) في فترة انتقال (نيفاشا) فقسمت بلادنا إلى بلدين.
} نرحب بـ”عرمان”، ونقول له نحن كقادة للرأي العام في هذا البلد ضمانتك للجلوس إلى مائدة الحوار الوطني، لن يحميك “أمبيكي” ولا “منكريوس” هؤلاء (موظفون) دوليون لا علاقة لهم بالشعب السوداني، لا يودهم، ولا بقدر وساطاتهم، قد تقدرها الحكومة لأنها مجبولة ومجبورة على ذلك، لكننا نحسبهم (سماسرة) سمسروا في قضايانا الوطنية.
} من حق “عرمان” و”مبارك” وغيرهما أن يترشحا للرئاسة، وأن يطرحها برامجهما السياسية، ولكن ليس من حقهما أن يحدثا أحداً في الخرطوم، من “الحاج يوسف” إلى “دار السلام” عن (الهامش)، و(الثقافات) و(اللون)، و(الكنائس) و(المساجد)، خاطبوا الإنسانية، خاطبوا الوجدان، ولا تخاطبوا الاثنيات، النعرات والجهات.
} مرحباً بالجميع في وطن الجميع.
صحيفة المجهر السياسي
أ.ع