الغريب في الأمر أنه تدور حول الولاة الباقين في مقاعدهم الكثير من الأحاديث، بعضها عن فساد والآخر عن استغلال نفوذ وآخر عن خلاف مع المجلس التشريعي للولاية، إلا أنهم ما زالوا بمواقعهم، وما قضية موظفي مكتب والي ولاية الخرطوم ببعيدة. أستاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية بروفسير حسن الساعوري أجاب على سؤال «الإنتباهة»، أن الأمر يرتبط بزاويتين، الأولى الزاوية القانونية إذ أن الوالي المنتخب وفق انتخابات شفافة لا يحق لرئاسة الجمهورية عزله، إلا إذا قام المجلس التشريعي بالولاية بسحب الثقة عنه كما حدث بولاية القضارف. وقال إن المجلس التشريعي إذا وجد أن الوالي المنتخب فاسد، أو كان أداؤه ضعيفاً، أو تمت محاكمته بما يهز الثقة فيه، يحق له أن يسحب الثقة عنه. الزاوية الثانية كما يرى بروفسير ساعوري هو الجانب السياسي، إذ أن نظام الحكم بالبلاد نظام فيدرالي يعطي الحق لشعب الولاية في انتخاب واليه، وفق نظام سلطة الشعب. وإقالة الوالي تعني أن السلطة انتقلت من الشعب إلى من ينوب عنه دون مسوغ قانوني، وبالتالي ذلك يعني عدم الالتزام بالخط الديموقراطي للبلد، ويضيف ساعوري أنه حتى إذا لجأت رئاسة الجمهورية إلى أن الموضوع يعود إلى ضرورة سياسية، فإن الضرورة السياسية هي أن يكون للحزب الحاكم خط سياسي موحد، يلتزم به كل ولاة الولايات ومن يحيد عن هذا الخط يكون للحزب الحق وفق أغلبيته بالمجلس التشريعي أن يسحب عنه الثقة، ويستدرك ساعوري أنه ربما وضع المؤتمر الوطني ذلك الخط ولكن العيب أنه لم يعلنه، وبالتالي يصبح الوضع طبيعياً ولكن غير معلن، وهو ما يشكك فيه حسب قوله، ويختم بروفسير ساعوري بالقول إن إقالة الولاة تعتبر غير قانونية وأنه ربما تقوض البناء الديموقراطي الذي وضعت لبنته الانتخابات السابقة.
خاتمة القول قد تلقى الضوء على أمر له أهميته، فقد برزت في الآونة الأخيرة حتى قبل انفتاح مناخ الحريات، برزت قوة الرأي العام الذي يتكون ضد الوالي ما يعجل بإقالته، خاصة إذا تسرب الأمر إلى الإعلام، أو حتى مواقع التواصل الاجتماعي فكم من والٍ أُقيل من منصبه بالمواقع الإسفيرية، قبل أن تقول رئاسة الجمهورية كلمتها الأخيرة. وهذا الأمر قد يبدو مخالفاً للنظام
الديموقراطي المباشر، إلا أنه يبشر بوضع صحي حسب تفاعل الجمهور مع الأمر، وله جانبه السالب من حيث عدم الالتزام بالخطوات الديموقراطية الشفافة المعروفة في تغيير الولاة حسب بيان مفوضية الانتخابات، الذي أوردناه في صدر التقرير. السؤال الأهم والانتخابات على الأبواب حسب جدولها الزمني، هل يؤثِّر ما جرى سابقاً في طريقة انتخاب الولاة مستقبلاً ؟ وهل يعي الجميع الدرس، حتى نخرج بتجربة ديموقراطية ناجحة، تقود الوطن إلى مراقي الحكم الراشد، الذي يقود إلى استقرار اقتصادي سياسي واجتماعي يطمح الجميع إليه.
صحيفة الإنتباهة
عمر الكردفاني
ع.ش